في ضوء نجاح الصين والهند في انتشال نحو 500 مليون شخص من براثن الفقر بين عامي 2005 و2010، أصبح هذان البلدان مصدرا عالميا مجربا في مجالات مثل الابتكارات الداعمة للفقراء أو الابتكارات منخفضة التكلفة.
فالتكنولوجيات الملائمة، والأنواع منخفضة التكلفة، التي تأتي من أسواق في آسيا وأفريقيا تستجيب بشكل أفضل لاحتياجات المستهلكين في الأسواق التي لا تحصل على قدر كاف منها.
ومثال على ذلك منظومة خدمة الدفع عبر الهاتف المحمول في كينيا. لقد نشأ هذا الابتكار في مجال الخدمات المالية في أفريقيا بسبب تزايد أعداد من لا يملكون حسابات بنكية ويحتاجون إلى خدمات مالية رسمية. إلا أن الآثار الناشئة عن خدمات المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول تتجاوز نطاق كينيا، وتمتد لتلبي الحاجة إلى وجود تحويلات مالية منخفضة التكلفة بين سكان الريف والحضر في العديد من الأسواق.
والسؤال المطروح هو ماذا لو أزيلت العقبات التي تعترض أولئك الذين يعملون في أدنى الهرم الاقتصادي؟ كيف سيكون الأمر إذا توفرت ظروف مواتية للمبتكرين في مجال العمل الاجتماعي لتوسيع نطاق عملهم والعمل مع الحكومات لحل أشد التحديات الاجتماعية العالمية (مثل بطالة الشباب أو الفقر في المناطق الحضرية)؟
و ما هو دور السياسة والحكومات والجهات الخاصة الفاعلة في وضع بذور هذا الابتكار، وهل يمكن محاكاة هذه الصيغة في أسواق أخرى؟ وما هو الدور الفاعل الذي لعبته القوانين والإجراءات الحكومية؟
ثمة شك في جدوى أطر السياسات والمناقشات حول أهمية الابتكار وخاصة فيما يتعلق بتحقيق قيمة مادية ملموسة لصالح الفئات منخفضة الدخل. فالأمر يرتبط بالاستماع إلى أولئك الذين يواجهون قيودا، والمشاركة على نحو بناء مع العديد من أصحاب المصلحة، وبناء القدرة على التنفيذ لدي واضعي السياسات والجهات التنظيمية.
والأمر لا يتعلق في كثير من الحالات بخلق هذه الابتكارات، بل بتحديدها وتوفير التمويل اللازم لها، ومساندتها في التوسع والانتشار. وفي حين أن الحلول قد تكون مرتبطة بأوضاع خاصة، فإنه من الممكن تبادل الإجراءات المستخدمة للحصول على الإجابات، والتوسع في استخدامها عبر المناطق الجغرافية.
ولعل الدور المناسب للبنك الدولي وشركائه العالميين هو عقد لقاءات لتجميع الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب للعمل على حل المشاكل المتعلقة بمجالهم لإحداث فرق بالنسبة لأولئك الموجودين في أسفل الهرم الاقتصادي. فمن أين يجب البدء؟
ربما من دعم السياسات والبرامج وأدوات التمويل بهدف ضمان تحقيق توزيع أكثر إنصافا لمنافع الابتكار ودور السياسة العامة في تحقيق هذه الغاية. ولربما يكون وضع المستخدمين في قلب عملية تصميم السياسات والبرامج من ثوابت المناقشات. والسؤال الأساسي هو كيف تناقش السياسات وتصمم بالتعاون مع الفئات منخفضة الدخل وليس نيابة عنها؟ إذ ينبغي أن تراعي العملية المبتكرة أوضاع الشرائح منخفضة الدخل التي تقبع في قاعدة الهرم الاقتصادي.
