فيما تنتشر انعكاسات أزمة ديون اليورو بقوة في مختلف أنحاء العالم تبرز ثلاثة سيناريوهات محتملة لمصير نظام النقد الدولي في العام 2030 بناء على خيارات محتملة حول السياسات الخاصة بالعملات الإقليمية الأساسية في العالم اليورو، والدولار، واليوان.
والاستقرار النقدي الدولي عرضة للخطر نظراً لحالة الغموض التي تلف أدوار هذه العملات المستقبلية على المستوى الدولي وبالنظر إلى الخيارات السياسية لكل من هذه العملات والتي قد تبدّل بشكل جذري المسارات العالمية للتجارة وحركة رؤوس الأموال.
ومن الواضح أنّ النظام النقدي الدولي الحالي الذي يعتمد على الدولار بحاجة إلى التطور. فالعالم يتحول نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب يرتكز على اليورو والدولار واليوان، وتحتاج كل من هذه العملات إلى تعديلات داخلية ضرورية تحد من دورها الدولي المستقبلي.
وتتمتع منطقة اليورو ببنية حاكمية ضعيفة، فيما تكافح الولايات المتحدة في وضعية ضريبية غير واضحة، وستضطر الصين إلى حل نقاط ضعف منهجية تشوب نظامها الضريبي في حال أرادت لليوان أن يتربع على المستوى العالمي.
وهنالك ثلاثة سيناريوهات معقولة ومختلفة لنظام النقد العالمي أولها العودة إلى النزعة الإقليمية: في ظل هذا السيناريو، تبقى التحديات المالية غير معالجة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو حيث يحوّل صانعو القرارات اهتمامهم إلى المسائل الداخلية.
ويشهد النمو العالمي المتباطىء وانخفاض الطلب على الصادرات صعوبة من حيث إجراء التعديلات على نموذج النمو الصيني، مما يؤدّي إلى إبطاء الإصلاحات الاقتصادية؛ فتنخفض التدفقات التجارية والمالية على المستوى العالمي مع زيادة تركيز الدول على الروابط الاقتصادية الإقليمية.
أما الثاني فيتمثل في التوازن في مجموعة الإثنين: يرتكز هذا السيناريو على تفكّك تدريجي للاتحاد النقدي الأوروبي نتيجة الجمود السياسي وزيادة الركود؛ والاختلال في التوازن بين الولايات المتحدة والصين والضغوطات المتزايدة التي تفرضها نسبة الاستهلاك المتزايدة في الولايات المتحدة ونمو الاقتصاد الاستهلاكي في الصين على الموارد الطبيعية.
ويتمثل السيناريو الثالث في خلق توافق في عالم يعمل بسرعتين: وفقاً لهذا السيناريو، ومع تمكن أوروبا من إصلاح حوكمتها الاقتصادية وبروزها كاتحاد مالي، تركّز الأسواق على الوضع المالي غير المستدام في الولايات المتحدة.
وتشكّل حالة الغموض التي تلف العملات مصدر قلق متزايد بالنسبة للشركات نظراً للاندماج السريع للتجارة العالمية وتدفقات رأس المال في العقود الأخيرة. الامر الذي جعل الروابط بين مختلف أجزاء الاقتصاد العالمي أكثر أهمية لتحقيق الازدهار العالمي في حين أنّها، في الوقت نفسه، تجعل نظام النقد العالمي، بالإضافة إلى العملات الدولية الأساسية التي يرتكز عليها هذا النظام، أكثر هشاشة.
