أكد الدكتور عبد الوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أنه لا يوجد من حيث الأصل تنافساً بين الإمارات والسعودية في مجال صناعات البلاستيك، وأوضح أن مواصفات منتجات البلاستيك التي تنتجها إمارة أبو ظبي مختلفة عن مواصفات مثيلاتها السعودية، وهو ما يؤدي إلي إزالة دواعي التنافس بينهما.

وقال السعدون في حديثه الخاص لـ (البيان الاقتصادي): إن انكماش الاقتصاد العالمي لم يؤد إلى تراجع الطلب على المنتجات البلاستيكية، مشيراً إلي أن الصناعات البتروكيماويات الخليجية تعتمد يشكل رئيسي على الأسواق الخارجية التي تستحوذ علي ما يتراوح بين 80 إلى 85 % من إجمالي إنتاج صناعات البلاستيك الخليجية، وأوضح أن الصناعات البلاستيكية الخليجية تتمتع بأفق نمو واعدة لنهوضها علي مقومات قوية، منها، التزايد المضطرد في أعداد الطبقة الوسطي في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي شريحة سكانية تتميز باستهلاكها الكبير للمنتجات البلاستيكية ، ودخول الصناعات البلاستيكية مختلف مناحي الحياه كالصحة والبيئة وتعبئة المياه والنقل.

ودعا السعدون إلي إرساء بيئة القانونية وتنظيمية والتشريعية محفزة على توجيه الاستثمارات إلى قطاع الصناعات البلاستيكية، مشيراً إلى أن التشريعات في دول مجلس التعاون الخليجي مازالت أقل من الطموحات، حيث ينتفي وجود تشريعات محفزة للاستثمار في الصناعات البلاستيكية على المستوي الإقليمي، كما أنه ما زالت هناك عقبات في تطبيق السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي. ودار الحوار علي النحو التالي:

هل ترى أن هناك إمكانيات للتكامل بين صناعات البلاستيك في كل من الإمارات والسعودية ؟ وهل بالإمكان توصيف العلاقة بين الصناعات البلاستيكية الخليجية بأن طابع الأغلب عليها هو المنافسة وليس التكامل؟

يعد التنافس وضعاً صحياً يخدم الصناعات البلاستيكية، فالصناعات البتروكيماويات الخليجية تتجه أساساً نحو التصدير إلى الأسواق الخارجية التي تستحوذ على ما يتراوح بين 80 إلى 85 % من إجمالي إنتاج صناعات البلاستيك الخليجية، وبالتالي ، فإن هناك تنافساً فيما بين المنتجين الخليجيين مع بعضهم البعض من جانب، والمنتجين الخليجيين ونظرائهم في الأسواق الخارجية من جانب آخر، ونحن كسبنا الكثير من القضايا فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بدعاوى الإغراق والإجراءات والتدابير الحمائية، ونحن نعتقد أن التنافس داخل السوق مسألة جيدة وصحية، فهدفنا الأساسي هو تطوير الصناعات التحويلية البلاستيكية، بالنظر إلى ما تحقق هذه الصناعات من قيم مضافة وخلق فرص العمالة، وبالتالي فإن وجود أكثر من منتج من شأنه أن يسهم في تطوير الصناعات، وذلك على خلاف الحال ، إذا كان هناك منتج واحد.

هل يوجد في تقديركم تنافس بين السعودية والإمارات في مجال الصناعات البلاستيكية ؟ حالة صحية ؟

لا يوجد تنافس أصلاً بين الإمارات والسعودية في مجال صناعات البلاستيك، حيث تنتج إمارة أبو ظبي منتجات بلاستيك مختلفة في مواصفتها عن تلك التي تنتجها المملكة السعودية، فعلى سبيل المثال: تعد منتجات إمارة أبو ظبي الأفضل لمصنعي الأنابيب، وبالتالي من شأن الاختلاف في المواصفات أن يجعل كلتا الصناعتين متكاملتين مع بعضهما البعض وليستا متنافستين.

هل ترون أن هناك ثمة حاجة لتحصين وحماية صناعات البلاستيك الخليجية ؟

المطلوب هو العمل على إدخال التطويرات المستمرة في هذه الصناعة على نحو يسهم في تعزيز تنافسيتها ، فهذا من شأنه أن يقوي مناعة الصناعة في مواجهة منافسة المصنعين الخارجيين ، فمع الأسف ، تستورد منطقة الخليج كميات كبيرة من المنتجات البلاستيكية، وبشكل عام ، تستحوذ الأسواق المحلية على 22 % من إجمالي الإنتاج الخليجي من منتجات البلاستيك. ومن ثم ، يجب على المصنعين الخليجيين العمل على سد احتياجات الأسواق المحلية وتعظيم الفرص المتاحة في أسواق التصدير الخارجية، ومن شأن انتهاج مثل هذا الأسوب أن يجعل قدرا كبيرا من المنتجات البلاستيكية الخليجية يستهلك في الأسواق المحلية على نحو يقي هذه الصناعة من تقلبات الأسواق الخارجية.

ماذا عن تحصين صناعات البلاستيك من خلال القوانين والتشريعات ؟

يمكن حماية هذه الصناعات من خلال تشريعات تتماشى مع لوائح منظمة التجارة العالمية ، كما يمكن تحصينها من خلال توفير مقومات النمو بالنسبة لها، ومن بينها توفير التشريعات المحفزة للاستثمار في هذه الصناعات، حيث إن التشريعات في دول مجلس التعاون الخليجي مازالت أقل من الطموحات، فهناك حاجة لأن تكون البيئة القانونية والتنظيمية والتشريعية محفزة على توجيه الاستثمارات إلى مثل هذا القطاع الإنتاجي المهم.

هل نتحدث عن تشريعات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي ككل أم نتحدث عن تشريعات تتعلق بكل دولة على حدة ؟

تتفاوت التشريعات فيما بين الدول الخليجية مع بعضها البعض، ولكن لا يوجد على المستوى الإقليمي تشريعات محفزة للاستثمار في الصناعات البلاستيكية، كما أنه مازالت هناك عقبات في تطبيق السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي.

 

تحديات الصناعة

ما أبرز التحديات التي تواجهها صناعة البلاستيك في منطقة الخليج ؟

تعتبر صناعة البلاستيك من الصناعات الواعدة في منطقة الخليج ، ويكمن التحدي الأكبر في توسع الصناعة على نحو يحقق أهداف الحكومات الخليجية ، منها خلق فرص عمالة وتنويع هياكلها الاقتصادية ، فمن المعروف أن الصناعات الأساسية المتعلقة بالنفط وتكريره والكيماويات تعد من الصناعات الكثيفة الاعتماد على عنصر رأسمال وليس عنصر العمالة، وعلى الوجه المقابل، تعتبر الصناعات البلاستيكية من الصناعات التحويلية كثيفة الاعتماد على عنصر العمالة.

وبالتالي، تسهم هذه الصناعات في خلق فرص العمل، وتسهم في الوقت ذاته في تحقيق قيمة مضافة عالية للاقتصاديات، وهكذا، فإن السؤال المطروح هو، كيفية تقوية وتدعيم هذه الصناعة على نحو يجعلها قادرة على تحقيق أهداف الحكومات الخليجية الخاصة بخلق فرص عمل للمواطنين، وترتبط هذه الإشكالية بإشكالية أخرى تتعلق بتوافر المهارات البشرية المؤهلة للعمل في هذه الصناعة التي تحتاج مهارات فنية متخصصة ، وهو ما يستلزم الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر الفنية المتخصصة والمؤهلة من خلال المعاهد المتخصصة والبرامج التدريبية.

ويكمن التحدي الثاني في محدودية الأسواق الخليجية، بالنظر إلى تعداد سكانها، وهو الأمر الذي يجعل الأسواق الخليجية ذات قدرة استيعابية محدودة ، بيد أن أي تحدي يقابله فرصا، وتتواجد الفرص المتاحة في الأسواق التصديرية الخارجية ، فمن شأن توافر وتنوع خامات البلاستيك المنتجة في منطقة الخليج أن يخلق فرصا لتصنيع هذه الخامات إلى منتجات مصنعة نهائيا القابلة للتصدير إلى الأسواق الخارجية كأوروبا والشرق الأوسط .

 

الارتقاء إلى العالمية

هل تعتقدون بإمكانية أن تصبح منطقة الخليج مركزا عالميا لصناعة البلاستيك استنادا إلى غنائها بالنفط الذي يوفر المواد المغذية للصناعات البلاستيكية ؟

تطمح الصناعات البلاستيكية الخليجية إلى تحقيق هذا الهدف ، حيث تشكل تكلفة المواد الخام نحو 70 % من التكلفة الكلية للصناعات البلاستيكية ، وبالتالي تتمتع الصناعة الخليجية بمزايا طبيعية في هذا المجال ، فضلا عن أن التواجد بالقرب من مصنعي المواد الخام يحقق مزايا تتعلق بخفض التكاليف التشغيلية ، حيث تنتفي الحاجة إلى تخزين هذه المواد بكميات كبيرة ، بالنظر إلى إمكانية الحصول عليها في وقت وجيز ، ويستوجب ارتقاء الصناعات البلاستيكية إلى مستوى يجعل منها مركزا عالميا للبلاستيك توجيه المزيد من الاستثمارات نحو خلق كوادر فنية مؤهلة وتشجيع الابتكارات.

حيث مازالت قدرات الصناعات البلاستيكية الخليجية متواضعة نسبيا ، فهناك حاجة لتوطين صناعات البلاستيك الخليجية بمختلف حلقاتها ومفاصلها ، بدءا من المعدات ومرورا بمراكز البحث والتطوير ووصولا إلى الخطوط الإنتاجية المتكاملة ، ومن شأن تغطيه هذه الفجوات أن يجعل منطقة الخليج مركزا عالميا لصناعات البلاستيك ، خصوصا وأن هذه المنطقة تتمتع بموقع جغرافي متميز ومتفرد ، بحكم وقوعها بالقرب من الأسواق الرئيسية كالشرق الأوسط الذي يزيد عدد سكانه على 350 مليون نسمة ، إلى جانب الأسواق الآسيوية ذات التعداد السكاني الهائل.

كما أن امتلاك الدول الخليجية بنية تحتية متطورة تسهم في تسهيل نقل منتجات البلاستيك إلى الأسواق الخارجية بتكلفة معقولة ، وتشكل هذه المزايا في حد ذاتها مقومات تعزز وتدعم تنافسية صناعات البلاستيك الخليجية التي تنمو بمعدل سنوي يتراوح بين 9 و 10 % ، في مقابل معدل عالمي تتراوح نسبته بين 4 إلى 5 % ، وتؤشر هذه المؤشرات على أن صناعات البلاستكية آخذة في النمو المنتظم والمتواصل ، ولكنها مازالت في الطريق نحو شغل مرتبة المركز العالمي لصناعات البلاستيك .

 

التكامل الخليجي

ما دور الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات في مجال تعزيز التكامل بين مكونات صناعات البلاستيكية الخليجية على نحو يجعلها تتمتع بنطاق اقتصادي اكثر عمقا واتساعا ؟

يعتبر الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات منصة مثالية لتبادل الأفكار والتجارب، ويحرص الاتحاد على إرساء غلاقة تناغم وانسجام بين برامجه من جانب وأهدافه من جانب آخر ، وبالتالي ، فهو يتطلع إلى استقطاب التجارب العالمية الناجحة لعرضها على اللاعبين في الصناعة من خلال المؤتمرات والندوات التي يجري تنظيمها ، وبالتالي ، يعمل الاتحاد كقوة تحفيزية لغالبية الشركات التي تعد في المحك النهائي شركات حكومية ، بحيث تصبح الصناعات البلاستيكية الخليجية بمثابة صناعات عالمية ذات قدرات ومزايا تنافسية عالية .

وهكذا ، يمثل عمل الاتحاد كقوة محفزة جوهر رؤيته وأهدافه ورسالته وبرامجه ، ولا شك أن تمتع الصناعات البلاستيكية الخليجية بنطاق اقتصادي أكثر اتساعا وعمقا يعد أمرا بالغ الأهمية ، وهو أمر يستلزم تطوير المهارات ، فضلا عن أنه يعد بمثابة عملية تحتاج إلى بعض الوقت لتحقيق التراكم النوعي والكيفي في القدرات والمهارات الابتكارية ، حيث ترتكز صناعات البلاستيك على ابتكار الحلول لمشاكل تعترض المستهلكون ، سواء كانت تلك الحلول تتعلق بمشاكل اقتصادية أو بيئة كمعالجة النفايات وإعادة التدوير ، كما أن ابتكار الحلول يتعلق بالمجالات الترويجية والتسويقية والتجارية .

ورغم أنها ما زالت تعاني من بعض جوانب الضعف في هذه المجالات ، إلا أنها أحرزت قدرا كبيرا من التقدم ، فعلي سبيل المثال ، تركز إمارة أبو ظبي على تطوير مناطق صناعية متخصصة في الصناعات البلاستيكية ، ويبرز في هذا المجال مشروع أبوظبي بوليمرز بارك ، ويوجد كذلك في المملكة السعودية مناطق متخصصة في صناعات البلاستيك ، كما يوجد لدى دول مجلس التعاون الخليجي معاهد متخصصة في صناعات البلاستيك التي تلعب دورا كبيرا في سد احتياجات الصناعات البلاستيكية للكوادر الفنية المتخصصة .

 

 

استمرار قوة الطلب على المنتجات البلاستيكية

 

قدر الدكتور عبد الوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن الصناعات البلاستيكية الخليجية تتمتع بأفق نمو واعدة تستند إلى مقومات وأساسيات قوية ، منها، التزايد المضطرد في أعداد الطبقة الوسطى في دول مجلس التعاون الخليجي ، وهي شريحة سكانية تتميز باستهلاكها الكبير للمنتجات البلاستيكية ، ودخول الصناعات البلاستيكية مختلف مناحي الحياة كالصحة والبيئة وتعبئة المياه والنقل .

وأوضح أن حالة الانكماش التي أصابت الاقتصاد العالمي لم تسفر عن تراجع الطلب على المنتجات البلاستيكية وأنه وربما تراجع الطلب طفيفا على بعض المنتجات ، ولكن بشكل عام ، ظل الطلب الاستهلاكي قويا على هذه المنتجات التي أصبح بعضها جزءا من مستلزمات الحياة غير القابل الاستغناء عنها ، حيث ينمو الطلب على منتجات البتروكيماويات تاريخيا بمعدل يزيد مرتين على معدل نمو الاقتصاد العالمي ، فإذا كان الاقتصاد العالمي ينمو بمعدل 2.5 % ، فإن معدل نمو الطلب على المنتجات البتروكيماوية يكون في حدود 5 % .

وأضاف قائلاً : تتمتع صناعات البلاستيك الخليجية بمزايا نسبية غير متاحة للمصنعين في المنطق الأخرى ، منها توافر المواد الخام والبنية التحتية والأسواق ، وأن هذه المقومات تتضافر مع بعضها البعض في تعزيز هامش ربحية هذه الصناعة .

مؤتمرات

منصة مثالية لتعزيز المشاركات

 

اعتبر الدكتور عبد الوهاب السعدون الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات بمثابة منصة مثالية لتبادل التجارب وتعزيز المشاركات ، من خلال تنظيم المنتديات والمؤتمرات والندوات ، مشيرا إلى أن الاتحاد يوفر ساحة يجتمع من خلالها المعنيون بالصناعة على نحو يعزز الفرص المتاحة المتعلقة بالاستثمار المشترك والتوسع في الاسواق الخارجية والاستثمار في المشروعات الواعدة .

مشيرا إلى أن هناك أمثلة عديدة لمشروعات مشتركة جري إطلاقها مؤخرا نتيجة لعقد لقاءات بين المستثمرين الخليجيين ونظرائهم في الدول الأوروبية ، منها تأسيس مشروعات مشتركة في المملكة السعودية ، ومن ثم ، فإن الاتحاد يعد المنصة الأفضل والمثلى في عقد لقاءات الأعمال وتحديد الفرص واغتنامها .

 

عقود البلاستيك الآجلة لم تحظ بقبول غالبية المنتجين

 

قال الدكتور عبد الوهاب السعدون الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن غالبية مصنعي البلاستيك لم يجدوا فوائد ملموسة في عقود البلاستيك الآجلة كآلية للتحوط ضد مخاطر تقلبات الأسعار .

ولفت إلى أنه على حد علمه لم تحظ عقود البلاستيك الآجلة بإقبال كبير من قبل بعض منتجي البلاستيك ، بالنظر إلى مثل هذه الآلية تستلزم تجميد حجم كبير من السيولة النقدية التي قد يحتاجها المنتج في تغطية تكاليفه التشغيلية .

وأوضح السعدون أن أسعار منتجات البلاستيك تتحدد وفقا لقوى معادلتي الطلب والعرض العالميين ، وأنه لا توجد فروقات في الأسعار بين الأسواق المحلية والتصديرية بالنظر إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أعضاء في منظمة التجارة العالمية .