تعلمنا في دروس اللغة العربية الكثير عن الضمير المستتر، ونائب الفاعل، والفعل المبني للمجهول، ولعل هذه القواعد الإعرابية "المعقدة" نوعاً ما تنطبق في عالم التقنية على اسم الفاعل "هواوي" الذي يكاد يكون مبنياً للمجهول على طول الخط، أمام المستخدم النهائي لتقنيات الاتصال الحديثة، إلا أنني عندما جربت خدمة الإنترنت المتنقلة أو الجيل الرابع (LTE)من اتصالات، اكتشفت أن "الدنغل" يحمل شعار الشركة الصينية، وعندما أمعنت النظر في شبكة الانترنت المنزلية وجدت اسمها محفوراً هناك. لكن أحداً منا لا يعرف تماماً ما الذي تصنعه هذه الامبراطورية التكنولوجية أو كيف استطاعت دخول بيوتنا بكل صمت وقوة!
يؤكد "إي شيانغ" رئيس"هواوي" في الشرق الأوسط أن الشركة تسير وفق خطة نمو محكمة منذ سنوات بعيدة، إذ حققت الشهر الفائت نمواً ثابتاً في عائدات مبيعاتها العالمية للعام 2011 بنسبة 11.7%، وذلك رغم انخفاض أرباحها نتيجة الاضطرابات الاقتصادية العالمية ورفع قيمة العملة الصينية وما نتج عنه من خسائر في البورصة وارتفاع التكاليف وما كان لها من تأثير على الشركة.
لكنه يستدرك قائلًا: جميع هذه الأمور لم تثن عزم "هواوي" على تحقيق أفضل النتائج في عام 2012. إذ يعتبر الشرق الأوسط واحداً من أهم الأسواق الواعدة بالنسبة للشركة، سيما أنها تستعد لتحقيق نتائج متميزة خلال النصف الثاني من 2012.
فرص النمو القريبة
شهدت عائدات "هواوي" في المنطقة ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 20% في العام الماضي ــ مع توقع نتائج مماثلة لعام 2012- قامت الشركة بدعم مدروس لكل من مجموعة أعمالها لأجهزة المستهلك (ديفايس) ومجموعة أعمالها للمشاريع (إنتربرايز) إضافة إلى مجموعة أعمالها لشبكات الاتصالات.
إلا أن إي شيانغ، تحدث عن جهود تبذل حاليا لإعادة هيكلة أعمال الشركة، فضلاً عن قيمة الكفاءات المحلية والمنطقة التي تتطلع الشركة لتحقيق زخم مستدام للنمو فيها خلال ما تبقى من عام 2012.
تراجع في 2011
يقول شيانغ إن نتائج "هواوي" المالية في 2011 :"كانت متوافقة تقريباً مع توقعاتنا لأداء الشركة. ولكن، ثمة أسباب أدت إلى الانخفاض السنوي في صافي الأرباح، كان من أبرزها ارتفاع قمية العملة الصينية (يوان) وما نتج عنه من خسارة إجمالية بلغت 4.876 مليارات يوان صيني في سوق تداول العملات الأجنبية في 2011 (مقارنة مع 1.367 مليار يوان صيني في 2010).
ونتيجة لذلك، أقامت الشركة نظاماً أكثر متانة لإدارة تعرض العملة للبورصة، يضم العديد من أساليب التحوط للحد من المخاطر الناجمة عن حيازة عملات أجنبية. ومن بين هذه الأساليب: مطابقة نوع العملة مع المبيعات والمشتريات، وموازنة التدفقات النقدية الداخلة والخارجة للعملات الأجنبية، واختيار أدوات التحوط المالية المناسبة والمتوافقة مع استراتيجية الشركة لإدارة المخاطر.
وأضاف: إلى جانب سوق تداول العملات الأجنبية، سنسعى لزيادة أرباحنا إلى أقصى حد ممكن هذا العام من خلال استكمال ما بدأناه في 2011 لنرسخ مكانتنا الريادية في تزويد الحلول الشاملة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، لما يشمل أعمال شبكات الاتصالات والمشاريع وأجهزة المستهلك. وقد قمنا بزيادة ملحوظة لاستثماراتنا في الحوسبة السحابية.
وتقنيات أمن الشبكات، ومنتجات تقنية المعلومات والاتصالات الموجهة للمشاريع، والهواتف الذكية، ناهيك عن طيف واسع من الحلول الأخرى في كل من القطاعات الجديدة والتقليدية. وتعتبر تلك الاستثمارات في الابتكار احد الأسباب التي أدت إلى انخفاض الأرباح مقابل العائدات. وفي ظل الزيادة السنوية بنسبة 34.2% لمعدل الإنفاق في البحث والتطوير، والتي تزامنت مع تعيين 27,000 موظف جديد، فإننا نرسي أسساً متينة لتحقيق الربحية على المدى الطويل.
"هواوي" في المنطقة
قال شيانغ:" الشرق الأوسط يشكّل أحد أكثر المناطق نمواً في العالم بين المناطق التي تعمل بها "هواوي". وفي هذا العام تحظى الشركة بحضور قوي في 10 بلدان عبر أنحاء المنطقة ينتشر فيها أكثر من 3500 موظف، منهم ما يقارب حالياً 62% من مواطني المنطقة.
وقد بلغت مبيعات العقود الإقليمية للشرق الأوسط خلال العام الماضي 3.22 مليارات دولار، محققة زيادة ملحوظة بنسبة 20% عن العام الذي سبقه، والذي سجل بدوره زيادة سنوية بنسبة 18.1% عن العام الذي سبقه.
وكان هذا التقدم بمثابة حافز قوي لفرق عملنا المحلية لتجاوُز توقعات "هواوي" الأولية وتطوير قنوات أعمال جديدة. وعلى سبيل المثال، حققت مجموعة أعمالنا الإقليمية للمشاريع (إنتربرايز) نمواً سنوياً مذهلاً بنسبة 85-90% وسجلت عائدات بلغت حوالي 300 مليون دولار. كما عززت مجموعة أعمالنا لأجهزة المستهلك تشكيلة أجهزتها في 2011 وتتطلع إلى الاستفادة من طرح المزيد من أجهزة "هواوي" ضمن فئات المنتجات الرائدة والراقية.
وبالتطلع إلى المستقبل، فإننا نتوقع نمواً ثابتاً بنسبة تقارب 20% عبر كافة عملياتنا التجارية الإقليمية إجمالاً خلال عام 2012.
شبكات الاتصالات
أكد شيانغ أنه نظراً للظروف الاقتصادية المتقلبة وعدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان خلال 2011، شهدت نفقات رأس المال الإجمالية للمشغلين تراجعاً ملحوظاً بسبب الضوابط الشديدة التي وضعوها على هذه النفقات. ونتيجة لذلك، سجلت مجموعة أعمال شبكات الاتصالات لدى "هواوي" وتيرة نمو أبطأ مقارنة مع العام 2010. ومع ذلك، استطاعت الشركة أن تحافظ على مكانتها الريادية في السوق ضمن هذا القطاع، بل تمكنت من زيادة حصتها السوقية في 2011.
وقال: قطعاً لم تتسع إلى ذلك الحد، إلا أن تحول أعمال "هواوي" يتوافق مع ما نعتبره متطلبات لتطوير الشركة على المدى الطويل. ولتلبية هذه المتطلبات، قامت "هواوي" بتعديل هيكليتها التنظيمية لتمكننا من ترسيخ مكانة ريادية لنا ليس فقط في مجال تشغيل الشبكات.
وإنما في تطوير استراتيجية أعمال "الأجهزة المتوافقة مع الحوسبة السحابية" (cloud-pipe-device) أيضاً، مما يتيح سعة كبيرة وحلولاً ذكية توفر للمستخدمين مستويات أعلى من الفعالية وتجربة اتصالات غنية بالميزات. ونعتقد أن هذا سيبقى أفضل أسلوب لتوسيع نطاق عملياتنا إضافة إلى توفير خدمات أفضل لعملائنا في الشرق الأوسط وحول العالم.
رفع عدد الموظفين
كان لزيادة عدد الموظفين التي شهدناها خلال العام الماضي أسباب متعددة على رأسها تزايد الاستثمار في الابتكار، حيث ارتفع الإنفاق على البحث والتطوير في 2011 بنسبة 34% على مستوى العالم مقارنة مع العام الذي سبقه. وعلى صعيد الشرق الأوسط، شهدت الشركة زيادة في الكفاءات نظراً لقيامنا بتوسيع فريقنا الإقليمي بنسبة 15% خلال العام الماضي لتعزيز الخدمات التي نقدمها بكافة أبعادها وعمقها.
ويدل هذا الارتفاع في عدد الموظفين على ازدياد الجهود الإجمالية التي تقوم بها "هواوي" للتوظيف على المستوى الدولي. فمن عام 2009 إلى 2011، ارتفع عدد الكفاءات الموظَّفة في الأسواق الدولية بمعدل خمسة أضعاف تقريباً، حيث وصل معدل التوظيفات خلال العام الماضي على المستوى الدولي إلى نحو 40% نسبة إلى معدل التوظيفات الإجمالي لدى "هواوي". ويندرج ذلك ضمن الخطوات الجديدة الهادفة إلى تنمية فِرق العمل في مراكز الأعمال الناشئة حول العالم.
ولاستكشاف الكفاءات العالمية والاستفادة منها على نحو أكثر فعالية، تقوم وحدات أعمال متعددة لدى "هواوي" بتعديل هيكلية أعمالها من خلال إنشاء مراكز مخصصة لتعزيز القدرات في المواقع التي تقطنها هذه الكفاءات. ففي الشرق الأوسط، تعاونت "هواوي" مثلاً- مع شركات رائدة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات إلى جانب الكثير من مؤسسات التعليم العالي لإنشاء برامج تدريب محلية وورش عمل منتظمة ومبادرات لتبادل المعارف.
وبينما تخضع خطة التوظيف المحلي لاستراتيجية أعمالنا العامة إلى نهاية 2012، فلا شك أننا نتطلع لترسيخ مكانة شركتنا الرائدة عالمياً من حيث التوظيف في منطقة الشرق الأوسط.
