أظهرت دراسة حديثة لشركة "بين آند كومباني" تراجع مستويات الثقة لرؤساء تنفيذيين عالميين حيال قدرة شركاتهم على تحقيق الأرباح المتوقعة خلال 2013 وذلك على الرغم من تأكيد غالبيتهم العظمى على تحسّن الظروف الاقتصادية ضمن قطاعاتهم.

وأشارت نتائج الاستطلاع، الذي شمل 1,208 مديرين تنفيذيين دوليين - منهم 240 من منطقة الشرق الأوسط - أن 57% من العينة يرون تحسناً ملحوظاً في الظروف الاقتصادية ضمن قطاعاتهم المختلفة، وهو ما يمثل انخفاضاً ملحوظاً مقارنةً بـ 75% في مسح العام 2011. وأن21% منهم يتوقعون انخفاضا في الأعمال و18% يتوقعون زيادة في عدد موظفيهم.

ويأتي هذا التفاوت ليعكس تباطؤ النمو ضمن اقتصاديات دول البريك، ممثلة بالبرازيل وروسيا والهند والصين، خلال العام 2012 من جهة والاضطرابات الاقتصادية المتزايدة ضمن منطقة اليورو من جهة أخرى. ويهدف الدراسة إلى تقصي آخر أساليب وأدوات الإدارة المستخدمة والوقوف على مدى ثقة التنفيذيين بالأعمال وتطلعاتهم للمستقبل.

وتعليقاً على نتائج الدراسة قال يسار جرار الشريك في "بين أند كومباني" المتخصصة في استشارات الأعمال ومقرّها دبي في تصريحات (للبيان الاقتصادي) أن النتائج تعكس حالة "التفاؤل الحذر" للرؤساء التنفيذيين مقابل الفترة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية مباشرةً، حين توقع المديرون التنفيذيون عودة أسرع إلى قاعدة اقتصادية أكثر ثباتاً، ولم يحدث ذلك.

وأضاف: "يقدم تقريرنا أفكاراً هامة حول توقعات الشركات والمديرين التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط. وهناك المزيد من الشركات التي تتوقع آفاقاً أوسع للأعمال ونمواً في المبيعات بحلول العام 2015، على الرغم من أن 21% من هذه الشركات تبدو أقل تفاؤلاً.

ويعكس ذلك توجهاً عالمياً تكون فيه الشركات والمسؤولون التنفيذيون أكثر حذراً ويقظة وهم يمضون قدماً بخططهم للنمو. وسيكون من المهم رؤية كيف سيتم كل ذلك في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة المقبلة، وأعتقد أن "الفائزين الجدد" هم من سيكونون أكثر مرونة في التكيف مع المتغيرات القادمة.

نظرة عالمية

وأضاف جرّار الذي يرأس قسم التعاملات مع القطاع العام في الشركة وكان شريكاً في برايس ووترهاوس كوبرز للشرق الأوسط أن أهم التغيرات التي كشف عنها الاستطلاع الأخير هي تراجع الثقة حيث أنه في 2011 كان 70% من التنفيذيين متفائلون بالأعمال.

في حين انخفضت تلك النسبة إلى 62% والسبب هو درايتهم بشكل أكبر حول واقع المعطيات الاقتصادية مثل واقع الاقتصاد الأمريكي وتأثيره على النمو في آسيا وبالتالي أصبح تفاؤلهم أكثر حذراً.

وأضاف أن التفاؤل في 2011 كان زائداً والسبب هو أن الشركات بعد الأزمة المالية الأخيرة توقعت أن الأزمة انتهت وسيعود النمو إلى مستوياته السابقة.

ولكن اليوم يدرك التنفيذيون أن تأثيرات الأزمة ستأخذ وقتاً أطول مما توقعوا في السابق، مضيفاً أن هذه النظرة للاقتصاد عالمية وتختلف من منطقة إلى أخرى.

وتأتي قطاعات التصنيع والإعلام والترفيه والمنتجات الاستهلاكية في مقدمة القطاعات الرئيسية التي تقود منحنى التفاؤل المتنامي، في خطوة تشير إلى بدء تزايد ثقة المستهلكين بشكل ملحوظ.

وعلى العكس، يُفيد المديرون التنفيذيون من القطاعات الاقتصادية التي تواجه بشكل أكبر اللوائح التنظيمية الحكومية، مثل قطاعات الطاقة والمرافق والأدوية والتكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية، بأنهم الأقل ثقة بتحسن الظروف الاقتصادية.

أوروبا الأقل تفاؤلاً

وأضاف جرار أن أوروبا في الوقت الراهن هي الأقل تفاؤلاً والسبب هي استمرار الأزمة في منطقة اليورو وهيكلة رؤوس المال في البنوك. ومن أهم آليات الإدارة التي يركّز عليها الرؤساء التنفيذيون في أوروبا هي قياس الأداء والنتائج.

وأضاف أن التفاؤل يعود تدريجياً إلى الأمريكيين ولكن المشكلة التي يواجهونها اليوم هي ارتفاع تكلفة إدارة الأعمال بسبب قانون إصلاح النظام الصحي، المعروف بقانون "أوباما كير" الذي رفع من تكاليف الرعاية الصحية للموظفين.

بالإضافة إلى زيادة الضوابط على البنوك ومراقبة المخاطر، وهذا يؤدي إلى تقلص الأرباح ولذلك هناك توجه أكبر لزيادة الاستثمار في التكنولوجيا، ولذلك فإن تركيزهم في هذه الفترة هو على إدارة الأرباح تعزيز آليات الإدارة التي تؤدي إلى خفض التكاليف وتحفيز النمو، مثل الاستثمار في جودة المنتجات والابتكار.

آسيا

وأشار إلى أن هناك تفاؤلا أكبر في آسيا ولكن هناك نوع من الحذر كذلك والسبب أن الأسواق في آسيا تعتمد على التصدير وبالتالي تتأثر بسبب الركود في أوروبا وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وأضاف :" أهم الآليات التي لا يزال التركيز عليها في آسيا هي إدارة الجودة الشاملة التي أصبحت جزءا من ثقافة الإنتاج منذ السبعينيات وحتى اليوم.

أميركا اللاتينية الأكثر تفاؤلاً

وأشار أن التفاؤل في أميركا اللاتينية قوي بسبب نمو الطبقة المتوسطة وبالتالي ارتفاع مستويات الاستهلاك واكتشاف بعض النفط في البرازيل. وتبرز في تلك المنــطقة اليوم أهمية إعادة هيكلة الشركات.

تحديات اقتصادية

قال يسار جرار: إن الشرق الأوسط، باستثناء دبي والإمارات بشكل عام، يواجه تحديات اقتصادية بفعل الربيع العربي الذي أدى إلى تباطؤ تعافي الأسواق.

وأفاد أن دبي والإمارات تعّد حالة خاصة وذلك بسبب نمو أداء القطاعات الرئيسية في دبي مثل التجارة والسفر واستفادة نمو من النمو الأفريقي فمثلاً 70% من السيارات المستعملة في أفريقيا تعبر إلى القارة السمراء من خلال إعادة تصديرها عبر دبي.

 وأفاد: "هناك تعاف مستمر في القطاع العقاري بسبب تحسن ثقة المستثمرين والأحداث في المنطقة التي جذبت مزيداً من الشركات إلى دبي والإمارات التي تعد واحة للاستقرار في المنطقة.