أكد الخبير المالي والشريك في شركة الفجر للأوراق المالية نبيل فرحات ان هناك العديد من المؤشرات الايجابية الداعمة لتوقعات حدوث دورة انتعاش جديدة في اسواق المال بالدولة خلال الفترة المقبلة.

لافتا الى ان الاسواق المالية تمر حاليا بمرحلة انتقالية من مرحلة الازمة الى مرحلة ما بعد الازمة. وتتمثل تلك المرحلة في الاستقرار الى الميل للتحسن. وان هناك عدة عوامل تشير الى تحسن الوضع الاقتصادي الداخلي، وقد بدأت انعكاسات ذلك تظهر على نتائج الشركات وعلى أسعار الأسهم واحجام التداول التي شهدت كلها تحسنا تدريجيا خلال هذا العام.

وقال فرحات في تصريحات لـ»البيان الاقتصادي» ان هناك العديد من العوامل التي تدعم هذه التوقعات منها توقع تحسن الوضع الاقتصادي المحلي وإمكانات تحقيق نمو في الناتج المحلي غير النفطي بحوالي 5% بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وهذا يمثل عدة اضعاف نمو الناتج المحلي في دول الاتحاد الاوروبي واكثر من ضعف النمو المتوقع في الولايات المتحدة الاميركية. مما سينعكس ايجابياً على ربحية الشركات مستقبلا. وبالتالي على الاسواق المالية في الدولة.

تحسن القطاع العقاري

ورصد فرحات استقرار القطاع العقاري مع الميل الى التحسن - وخصوصا في دبي وقال: بدأنا نلاحظ تحسنا في حجم مبيعات الوحدات العقارية سواء السكنية او التجارية وارتفاعا في اسعار الوحدات السكنية وحتى ارتفاع الايجارات في بعض المناطق في حين سيبدأ السوق العقاري في أبوظبي الاستقرار والتحسن خلال العام القادم (نظرا لاختلاف الدورة العقارية بين الامارتين).

وأضاف: من العوامل الايجابية ايضا نجاح الشركات شبه الحكومية في سداد الديون السيادية وفي اعادة جدولة ديونها نظرا لجهود الحكومة من حيث ضخ سيولة في البنوك ووضع قوانين ائتمان جديدة مما ادى الى انحسار المخاطر النظامية متمثلا في انخفاض تكاليف تأمين الاقتراض لعام واحد بنسبة 49% (الى 0.22 %) في امارة ابوظبي وانخفاضه بنسبة 69% (الى 0.86 %) في امارة دبي خلال هذا العام.

ويعني ذلك ان الثقة عادت الى المؤسسات المالية الاماراتية مما تبعه انخفاض في تكلفة التمويل متمثلا في انخفاض نسبة الفوائد بين البنوك بنسبة 14.5 % خلال هذا العام لتصل الى 1.3 % على ودائع الثلاثة شهور. ونتيجة لذلك بدأنا نرى ارتياحاً في البنوك مع تحسن الودائع مما سينعكس ايجابيا على دورة السيولة الآن وفي المستقبل.

دورة السيولة تتحسن

ولفت فرحات الى انه ومع انخفاض المخاطر النظامية فإن دورة السيولة بدأت في التحسن. وقال: تشير تقديراتنا الى ارتفاع حجم الودائع في الدولة بنسبة 12.2 % لهذا العام وهي نسبة نمو تبلغ اكثر من ضعفي نسبة النمو في العام السابق.

كما ان نسبة القروض للودائع في البنوك التي افصحت عن نتائجها المالية للربع الثالث من العام قد انخفضت من 103.3 % في 2011 الى 96.36 % خلال العام الحالي. ومع قرارات المصرف المركزي الاخيرة بوضع سقف لتمويل الشركات الحكومية والذي يتزامن مع نجاح هذه الشركات في سداد بعض الديون السيادية واعادة جدولة البعض الاخر من الديون فإن ذلك سينعكس ايجابيا على توجه البنوك الى اقراض القطاع الخاص.

خصوصا وان السيولة قد اصبحت متوفرة لديها. وتبلغ تقديراتنا لحجم الديون السيادية للشركات الحكومية حوالي 61 مليار درهم مستحقة خلال العام 2013 (مناصفة بين ابوظبي ودبي) مقارنة بأرقام الاعوام السابقة التي فاقت ما يزيد على 120 مليار درهم في العام الواحد. وهذا يعني ان مزاحمة الشركات الحكومية لشركات القطاع الخاص على السيولة المتوفرة بالبنوك ستنخفض. وبالتالي ستتوفر سيولة اكبر مما هي عليه الان في العام القادم والذي يليه مما سينعكس ايجابيا على نشاط الاقتصاد المحلي.

ربحية الشركات تتصاعد

وقال فرحات: لا بد من الاشارة هنا الى ان ارباح الشركات المدرجة قد بلغت القاع في العام 2010 حيث انخفضت بنسبة 47% عن العام الاسبق. الا انه في العام 2011 فان ارباح الشركات ارتفعت بنسبة 101.7 % ومن المتوقع ان ترتفع ارباح هذه الشركات بنسبة 30.6 % خلال العام 2012 (بناء على اداء الشهور التسعة الأولى). وهذا يعني ان ربحية الشركات المدرجة بدأت تأخذ مساراً تصاعدياً مما يعزز من التوزيعات النقدية مستقبلا واسعار اسهم هذه الشركات مستقبلا.

استفادة من التباطؤ العالمي

وعما اذا كانت مخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي سيكون لها تأثير سلبي على اداء الاسواق المالية المحلية قال فرحات: تباطؤ الاقتصاد العالمي سيكون له تأثير على اسعار النفط. ونظرا لقيام الحكومة بتخفيض النفقات خلال 2012 فإن العجز في الميزان الحكومي ليس له تأثير ملحوظ على الاداء الاقتصادي. حيث إن عجلة القطاع الخاص قد بدأت الدوران مما يعوض النقص في الانفاق الحكومي.

وقد قام صندوق النفد الدولي بتخفيص نمو الناتج المحلي في الدولة الى 4.3 % الا انه رفع نمو الناتج المحلي غير النفطي الى 5%. كما ان تباطؤ الاقتصاد العالمي ادى الى قيام المصارف المركزية العالمية الى اتخاذ قرارات تنعكس ايجابيا على اسواقنا المحلية. حيث ان احد اسباب عودة المستثمرين الى الاسواق المحلية هو توقع استمرار انخفاض العائد من الفوائد على الودائع المصرفية بعد قيام الفيدرالي الاميركي بالتعهد لإبقاء الفوائد المصرفية ما بين 0% الى 0.25 ٪ - وهي مستويات منخفضة جدا - الى منتصف عام 2015.

اي الى ما بعد عامين ونصف العام من الآن. في حين ان العائد من التوزيعات النقدية في سوق الاسهم يتراوح بين 3.5 % الى اكثر من 10% في بعض الحالات. وهناك حالات عديدة يمكن ذكرها ترجح الاستثمار في اسهم البنوك التي تعطي ريعا اعلى بكثير من الاستثمار في ودائعها. والخلاصة ان تباطؤ نمو الاقتصادات العالمية والتي تبعها انخفاض حاد في العائد على الودائع العالمية يجعل اسواق الامارات اكثر جاذبية للاستثمار.

الأسهم والدورة العقارية

وحول اسباب تأخر ارتداد الاواق المالية في الدولة وعودتها الى وضع طبيعي بعد سنوات طويلة من انقضاء فترة الانتعاش السابقة اشار فرحات إلى ان هذه الدورة تختلف عن سابقتها لان الطفرة السابقة حصلت في العقار والاسهم في ان واحد. ولذلك فان ارتداد الاسواق المالية اصبح مربوطاً بتحسن الدورة العقارية وبالتالي اخذت وقتا اطول (زيادة 2 الى 3 سنوات) عن الدورات السابقة للازمة.

وأضاف: كما ان هذه الازمة ناتجة عن عوامل سيولة. وقد سببت مايعرف بالمخاطر النظامية التي هددت سلامة الجهاز المصرفي - ليس فقط في الامارات انما في انحاء عديدة من العالم كأوروبا والولايات المتحدة الاميركية - ولذلك خلال فترة بدء الازمة كانت هناك علاقة طردية بين اداء الاسواق المالية العالمية السلبي بعد انهيار بنك ليمان الأميركي واداء سوقنا المحلي. ولكن هذه العلاقة الطردية ضعفت عندما ظهرت مشكلة دبي العالمية .

حيث استمرت اسواقنا في الهبوط في حين انتعشت معظم الاسواق العالمية والاقليمية. والان وبعد ان قامت الحكومة باتخاذ اجراءات لدعم النظام المصرفي (ضخ سيولة وقوانين) وبعد ان نجحت معظم الشركات الحكومية في سداد او اعادة جدولة ديونها فإننا نرى ان اسواقنا المحلية مرشحة للصعود في حين ان الاسواق المالية العالمية تتباطأ.

ولذلك اعتقد انه مع تحسن النشاط العقاري فقد بدأت الاسواق المالية بالتحسن. وهذا يفسر ارتفاع مؤشر الإمارت للأوراق المالية يتسبة 10.6 % خلال هذا العام بالاضافة الى 4% معدل التوزيعات النقدية. اي بحسبة بسيطة نرى ان المستثمر استطاع ان ينمي استثماره بنسبة 14.6 % خلال هذا العام. ونتوقع استمرار التحسن ولكن بوتيرة اعلى خلال الاعوام القادمة.

استمرار تدفق السيولة

وحول توقعاته لإمكانات استمرار تدفق السيولة الى الامارات في ظل الربيع العربي قال فرحات: إن هناك عوامل اخرى بجانب الربيع العربي ادت الى تدفق السيولة الاجنبية. ومنها تباطؤ الاقتصاد العالمي. وأوضح: إننا نتوقع ان تبدأ رؤوس الاموال الاجنبية بالنزوح من الدول المتقدمة الى الاسواق الناشئة نتيجة للتخوف من اتباع هذه الدول لسياسات التقشف وبالتالي تباطؤ النمو الاقتصادي فيها حسب ما ذكر صندوق النقد الدولي.

كما ان التخوف من رفع الضرائب في هذه الدول بهدف خفض العجز سيدفع العديد من الشركات الى الهجرة الى اماكن أخرى بهدف تخفيض عبئ الضرائب إضافة الى التخوف من مخاطر القروض السيادية الاوروبية وتأثيرها على عملة اليورو. وهذه العوامل هي ذات العوامل (مع اختلاف حجمها ومصدرها) التي ادت الى توجه السيولة الى الدول الناشئة ومنها الامارات ما بين عام 2005 و بداية 2008. ولذلك هناك احتمال كبير ان تنزح السيولة الاجنبية الى الامارات حيث لا ضرائب ولا اعاقة لحركة الاموال واستقرار العملة المحلية (مربوطة بالدولار) وهذه عوامل جاذبة للمستثمر الاجنبي.

مستقبل الأسواق المحلية

وعن تصوراته لمستقبل الاسواق المالية المحلية في ظل المتغيرات في البيئة الاقتصادية المحلية قال فرحات: انا من المؤمنين بالدورات (الموجات) السعرية في اسواق الاسهم. وقد نشرت شركة الفجر في تقريرها في بداية هذا العام نتائج دراسة اعدتها رئيسة قسم الدراسات المالية في الشركة مها كنز والتي اشارت الى ان 2012 سيكون العام الذي ستشهد فيه الاسواق المالية المحلية القاع.

ومن ثم سترتد صعودا لعدة سنوات قادمة بناء على معطيات تاريخية في اسعار الاسهم المحلية. وهذا ما نشهده حاليا مع نهاية هذا العام من تحسن في المؤشرات القياسية لاسعار الاسهم عن العام الماضي بالرغم من الانخفض الكبير الذي حصل في بداية العام.

ارتفاع أسعار أصول دبي مع تحسن دورة الاقتصاد

 

 أكد نبيل فرحات ان هناك فرقاً بين الديون السيادية لدبي عن نظيرتها في الدول الاخرى كاليونان مثلا. وقال: دبي استخدمت هذه الاموال لتطوير البنية التحتية من زيادة الوحدات السكنية وتوسعة المطار والموانئ والاتصالات وغيرها. اي إن هناك اصولاً حقيقية وراء هذه القروض وانها لم تكن قروضاً استهلاكية كما حصل في بعض الدول الاوروبية.

ولذلك لا اتوقع ان تواجه دبي مشكلة في سداد هذه القروض في المستقبل لان الاصول وراء هذه القروض حقيقية وملموسة وتدر عائداً مجدياً. ومع تحسن الدورة الاقتصادية فان اسعار هذه الاصول ستعاود الارتفاع مما سيعزز قدرة دبي على الايفاء بالتزاماتها في المستقبل.

وحول ما يتردد عن هجرة الأموال الى الإمارات - وخصوصا دبي- في ظل احداث ما يعرف بالربيع العربي قال فرحات: نعم هذا صحيح. وقد انعكس ذلك على زيادة اشغال الفنادق والطلب على الوحدات السكنية وانتعاش حركة السياحة اجمالاً. الا انه يجب ان لا ننسى ان الامارات تتمتع ببنية تحتية قوية. كما ان المجتمع الاماراتي منفتح اجمالا. وان الامان متوفر. وهذه عوامل جاذبة لهجرة العقول والاموال الى داخل الدولة. ولذلك لاحظنا توجه هذه الاموال الى الامارات. ولاحظنا سهولة استيعاب الامارات لهذه الهجرة.

6 نصائح لصغار المستثمرين في أسواق الأسهم

رأى الخبير المالي نبيل فرحات عدة نصائح لصغار المستثمرين، وقال: اول الدروس «ان مع العسر يسرا». ما يعني ان التقلبات في اسعار الاسهم مرحلية ومؤقتة ولا شيء على حاله يدوم، فمع كل موجة ارتفاع هناك انخفاض، ومع كل موجة انخفاض هناك ارتفاع.

وثانيا «على قد لحافك مد رجليك» أو بمعنى اخر يجب عدم التهور في الاستثمار من خلال الاقتراض المفرط بهدف تحقيق عوائد خيالية حيث ان عدد الاشخاص الذين قابلتهم خلال حياتي المهنية الذين حققوا ثروات من الاقتراض المفرط بهدف الاستثمار هو صفر.

وثالثا «لا تضع كل البيض في سلة واحدة» على المستثمر ان ينوع محفظته بناء على ربحية الشركات ووضعها المالي وطبيعة نشاط عملها وان لا ينجر وراء المضاريات العشوائية. ورابعا وضع اهداف معقولة للاستثمار حيث انه لا يمكن تحقيق ارباح الا من خلال اخذ مخاطر ولايمكن اخذ مخاطر اذا ما طار رأس المال. لذلك يجب ان يكون هناك توازن بين الاستثمار وبين حجم المخاطر المأخوذة وهذا يمكن تحقيقه من خلال وضع اهداف استثمارية يسهل تحقيقها. وخامسا تطبيق مبدأ «الاستثمار عملية مستمرة».

حيث ان المستثمرين الناجحين هم الذين يضخون مبالغ مالية فائضة في الاستثمار بشكل دوري لأن ذلك يؤمن لهم شراء الاسهم بمعدل مقبول مما يعزز فرص النجاح مستقبلا. والنصيحة السادسة والأخيرة «اسأل مستشارك المالي» وهذا يعني أنه على المستثمر الناجح التواصل مع المحللين الماليين لمعرفة الفرص المتوفرة (هذا لايعني ان تقبل بكل شيء يقوله المحلل) ولكن هذا بحد ذاته يقلل من المخاطر في انتقاء الاستثمار ويزيد من انتقاء الفرص الاستثمارية التي تناسب طبيعة المستثمر.