أكد مشاركون في برزة أبوظبي الرمضانية أن القروض الاستهلاكية يمكن أن تشكل خطراً كبيراً على التوزن الاستهلاكي خصوصاً إذا ما أسيء استخدامها من طرفي المعادلة المقترض والبنك.

سلطت برزة أبوظبي الرمضانية في يومها الأول الضوء على ثلاثة موضوعات مهمة تتعلق بأسعار السلع خلال شهر رمضان المبارك ومدى النجاح الذي حققته الجهات المعنية في كبح الأسعار أو تخفيضها بالإضافة إلى موضوعي الغش التجاري والقروض المصرفية وتأثيراتها على المواطنين والمقيمين.

وشهد اليوم الأول للبرزة التي امتدت إلى الواحدة صباحا تفاعلا واضحا بين جمهور الحاضرين وممثلي الدوائر الحكومية والجهات الأخرى ذات الصلة حيث طرحت آراء غاية في الأهمية وفي جو من الصراحة والشفافية التامة طالت العديد من المواضيع التي تلتصق التصاقا وثيقا بالحياة اليومية لجمهور المواطنين والمقيمين ضمن أجندة الموضوعات المطروحة للنقاش وعلى الأخص في موضوعي الأسعار والغش التجاري إلا انه كان لافتا في موضوع القروض المصرفية.

ورغم الدعوات الموجهة لوحظ غياب واضح لمصرف الإمارات المركزي والبنوك الوطنية والأجنبية باستثناء مصرف الهلال الذي أوفد نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الخدمات المصرفية الشخصية الأمر الذي دفع بعض المشاركين من الأفراد إلى القول بان مناقشة هذا الموضوع المهم في ظل هذا الغياب غير المفهوم من قبل المركزي والبنوك "لا يقدم ولا يؤخر" رغم تفاعل المشاركين معه.

انطلقت مساء الثلاثاء فعاليات برزة أبوظبي الرمضانية للعام الثاني على التوالي بفندق روكو فورتي في أبوظبي بتنظيم من دائرة التنمية الاقتصادية ورعاية عدة جهات من شركاء الدائرة .

وهي مركز أبوظبي للجودة والمطابقة والقيادة العامة لشرطة أبوظبي ومجلس أبوظبي للتخطيط العمراني ومصرف الهلال وجهاز أبوظبي للرقابة الغذائية وشركة أدنوك للتوزيع ومؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وعدد من الرعاة من القطاع الخاص.

وتعتبر برزة أبوظبي الرمضانية بحسب محمد عمر عبدالله وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي إحدى مبادرات الدائرة التي تهدف إلى خلق أجواء اقتصادية واجتماعية وثقافية خلال الشهر الفضيل يجتمع على طاولتها كل عام أصحاب القرار وكبار المسؤولين وممثلو القطاع الخاص والمهتمون من عامة الجمهور بهدف تعزيز التواصل بين كافة شرائح المجتمع وتفعيل التواصل بين الجهات الحكومية وشبه الحكومية وشركائها الاستراتيجيين وتوفير منصة للتعبير عن القضايا والموضوعات التي تهم أبوظبي والإمارات بشكل عام .

وتسليط الضوء على ابرز القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تمس شرائح المجتمع لكن مشاركين من الجمهور ورغم إشادتهم بهذه المبادرة المهمة قد أعربوا عن أملهم في أن تشهد الدورات القادمة مشاركة فعلية لكبار المسؤولين وأصحاب القرار من رؤساء دوائر بهدف إثراء النقاش والخروج بتوصيات يمكن رفعها إلى الجهات المعنية لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

وقد استهلت جلسة الأمس بمسرحية قدمها عدد من موظفي دائرة التنمية الاقتصادية فرع العين سلطت الضوء بصورة كوميدية على موضوع الغش التجاري والسلع المقلدة وأضرارها وضرورة الوعي لدى الجمهور في التعامل مع هذه القضية واهمية الاتصال بالجهات الحكومية المعنية في أي مشكلة تواجه الأفراد.

ثم عرضت بعد ذلك تقارير مصورة مع العديد من جمهور المستهلكين حول الأسعار في شهر رمضان ومدى حقيقة ما يقال حول تخفيض هذه الأسعار خلال الشهر الفضيل ومدى التزام منافذ البيع وقد تباينت الآراء في العينة التي تم استفتاؤها، إلا أن الغالبية أكدت عدم تسجيل انخفاض ملموس في الأسعار وان كانت هناك بعض العروض المغرية على سلع مكدسة تريد منافذ البيع التخلص منها وفقا لتلك الآراء بالإضافة إلى اللجوء إلى رفع أسعار سلع استهلاكية في المقابل تشكل فاتورتها جزءا كبيرا من إنفاق الأسرة.

وفي تقرير مصور عرض بعد ذلك أكد هاشم النعيمي مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أن الجمعيات التعاونية ومنافذ البيع الأخرى رصدت ملايين الدراهم لتخفيض الأسعار خلال شهر رمضان المبارك وأوضح أن التفاوت في الأسعار بين منافذ البيع وفقا للشكاوى المقدمة من بعض المستهلكين إما أن يكون استغلاليا أو تنافسيا .

وقد بدأت الدائرة بالتنسيق مع دوائر التنمية الاقتصادية والجهات الأخرى ذات العلاقة وقبل شهر رمضان بفترة كافية لتحديد آلية لضبط الأسعار وأهمية توفير كافة احتياجات السوق، مشيرا إلى أن الوزارة أكدت رفضها لأي زيادات في الأسعار ولأي عملية احتكار للموردين وحذرتهم من أن ذلك يعتبر مخالفة صريحة للقانون رقم 7 لسنة 2011 الذي يفرض غرامات على المخالفين قد تصل إلى مليون درهم.

وتحدث احمد طارش القبيسي مدير إدارة التفتيش بدائرة التنمية الاقتصادية عن دور الدائرة، مشيرا إلى أن دائرة التنمية تنفذ رقابة دورية على منافذ البيع الرئيسية للتأكد من مدى التزامها بوضع قوائم الأسعار بصورة واضحة والالتزام بتوفير الفواتير الواضحة والتفصيلية للسلع المباعة بالإضافة إلى التأكد من مصداقية العروض الترويجية التي تروج لها منافذ البيع.

تخفيضات

وشكك بعض الحاضرين من الجمهور في جدية التخفيضات والعروض التي تقوم بها منافذ البيع في شهر رمضان لافتين إلى أن هذه المنافذ قد تحايلت والتفت على مطالب الجهات المختصة بان أقدمت على زيادات ملحوظة في الأسعار قبل شهر رمضان ثم جمدت هذه الأسعار أو قامت ببعض التخفيضات والعروض خلال الشهر الفضيل، وبدوره أوضح ممثلون لمركز الإحصاء الذي يقوم بنشر مؤشر الرقم القياسي أن الأسعار قبل شهر رمضان سجلت بعض الزيادات .

وقال يوسف الحمادي من مركز الإحصاء إن المركز يعد لمسح إنفاق الأسرة الذي سيتم من خلاله تسجيل جميع أنماط الاستهلاك للمواطنين والمقيمين على وجه العموم وسوف يشمل المسح مستويات الدخل والإنفاق الاستهلاكي للأسر بحيث يعطي لمتخذي القرار صورة واضحة عن أنواع الاستهلاك وأنماطه وتوزيعه بين أصحاب الدخول المرتفعة والمتوسطة وذي الدخل المحدود وتأثيرها على كل فئة من هذه الفئات، مشيرا إلى أن هذا المسح سيتم وفقا لأفضل التصنيفات الدولية.

غش تجاري

وفي موضوع الغش التجاري رد محمد عمر عبد الله وكيل دائرة التنمية الاقتصادية على استفسار بعدم وجود جهة محددة يستطيع المستهلك اللجوء إليها قائلا إننا نعمل في هذا الخصوص على مستويين اتحادي يتمثل بوزارة الاقتصاد وبالتحديد إدارة حماية المستهلك ومحليا عن طريق دوائر التنمية الاقتصادية.

وأوضح محمد عمر إن الدور الذي تلعبه الجهات المختصة على الصعيدين الاتحادي أو المحلي ينبع أساسا من مفهوم اقتصادي بحيث نحقق للمستهلك من البضاعة أو السلعة التي يقوم بشرائها القيمة الحقيقية لما دفعه من مال لافتا إلى أن دائرة التنمية الاقتصادية تقوم بدور محوري في هذا الخصوص .

وانه من خلال مركز الإحصاء نستطيع متابعة بعض الظواهر التي تؤثر على الأسعار وبالتالي نستطيع من خلالها وضع الآليات المطلوبة والسياسات والإجراءات المتعلقة بحماية المستهلك والتي تضمن حصوله على أجود السلع والخدمات والحد من الممارسات التجارية التي تضر بالمستهلك وتحقق له الجودة والسلامة في نفس الوقت

وقال عبد الله إن واجبنا في دائرة التنمية الاقتصادية أن نقوم بإعداد حملات التوعية من خلال المعارض والمنظومة التعليمية لافتا إلى الدور المهم الذي تلعبه أجهزة الإعلام في هذا الشأن ومشددا على أهمية المنظومة التعليمية لتحقيق ثقافة المستهلك.

والتي يجب أن تبدأ في سن مبكرة من حياة الطلبة وتحول المستهلك إلى صاحب حق وصاحب كلمة مسموعة لدى الجهات المختصة. واختتم بان محاربة الغش التجاري هو موضوع يتطلب جهودا جماعية وتنسيقا وتعاونا مع كافة الدوائر الأخرى للانتقال إلى حماية أفضل في وجه كافة أشكال الغش والتلاعب بالأسعار.

القروض المصرفية

وفي موضوع القروض المصرفية التي جرت مناقشاتها في ظل غياب المصرف المركزي والمصارف الوطنية والأجنبية باستثناء مصرف الهلال، استهلت جلسة النقاش بالإشادة بمكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بتسديد قروض بعض فئات المتعثرين عن السداد، واستهل الحديث محمد زقوت نائب الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال الذي أوضح أن الإقراض يشكل عامل دعم أساسي للمؤسسات والأفراد في جميع أنحاء العالم.

وان ما حدث بالنسبة لإفراط البنوك في تقديم التسهيلات والقروض للأفراد ووقوع العديد من هؤلاء بمشكلات عدم السداد بعدما اتضح حصولهم على قروض من بنوك أخرى لم يكن للبنوك دور فيه مع عدم وجود وسيلة للتحقق من التزامات العميل الأخرى.

وأضاف زقوت إن عملية الإقراض هي عملية عرض وطلب وتتعلق إلى حد كبير بالظروف المجتمعية وقد تكون بعض البنوك قد توسعت كثيرا في عملية الإقراض، إلا أن واقع الأمر يقول إن البنوك لم تجبر العملاء على شيء وان المسؤولية مشتركة من كلا الطرفين ضمن الشروط التي ترد في العقود الموقعة والتي يجب على العميل ان يطلع على شروطها بالكامل.

ظواهر سلبية

وخلال جلسة النقاش سلط بعض المشاركين الضوء على بعض الظواهر السلبية التي رافقت عملية الإقراض حيث أوضح احد المشاركين من الجمهور أن أخاه بعد التحاقه بالعمل في إحدى الجهات بأيام معدودة ذهب إلى احد البنوك ليطلب قرضا وبالفعل حصل خلال فترة قصيرة على قرض قيمته 310 آلاف درهم.

وفي مداخلة أخرى قال مشارك آخر إن شروط البنك واضحة وعلى العميل أن يقرأ الشروط والأحكام لافتا إلى أن القرض ينبغي أن يوجه لهدف يحقق مصلحة العميل وأسرته كبناء بيت على سبيل المثال ولا يجب أن يوجه لأمور ترفيهية كشراء سيارة فارهة.

وأيد مبارك المنصوري من جهاز الرقابة على المواد الغذائية هذا الرأي قائلا إن الإقراض يجب أن يوجه للحاجات الضرورية وليس للرفاهية ومن هنا يجب أن تكون هناك شفافية في توضيح أهداف القرض وأين سيتجه المال مؤكدا في نفس الوقت على أهمية توعية الشباب والمجتمع بمخاطر الإقراض إذا كان موجها للرفاهية.

وزاد احد المواطنين من المشاركين بان موضوع التوعية وتحقيق ثقافة الفرد يحتاج إلى الاستفادة من الدول التي سبقتنا في هذه المشاكل ولا بد من حملات توعية مدروسة تنتشر في المدارس وتدعمها البرامج الإعلامية.

وقال احد المشاركين من مركز الإمارات للدراسات إن البنوك تبحث عن الربح ونتمنى من المصرف المركزي أن يشدد الإجراءات في منح القروض.

ولفتت إحدى المواطنات المشاركات في البرزة إلى موضوع مهم يتمثل في قيام البنوك بتغيير بعض البنود في العقد الموقع في أي وقت دون الرجوع إلى العميل واصفة ذلك بأنه يتعلق بقضية استغلال أكثر منه قضية تسهيلات.

وبدوره أكد محمد جلال الراييسة مدير إدارة الاتصال وخدمة المجتمع في جهاز الرقابة الغذائية إلى أهمية التوعية في موضوع القروض المصرفية لافتا في هذا الخصوص إلى أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به أجهزة الإعلام في هذا الخصوص وقال إننا لا نريد تخويف المستهلك من الاقتراض لكن نريد توعيته بمخاطر الاقتراض إذا لم يوجه ويستخدم بصورة تخدم المقترض وأسرته وتحقق الفائدة المرجوة.

سوف يتم التركيز في جلسة اليوم على موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

غياب اللائحة

أكد الإعلامي يوسف البستنجي أن العلاقة في مجال القروض هي بين بنوك تمتلك المال وجهات تحتاج له، وبالتالي فهي علاقة بين جهة قوية هي البنوك وجهة ضعيفة هو العميل، وقد لاحظ المصرف المركزي مغالاة في التعامل مع الأفراد، وكلف جمعية المصارف بوضع لائحة تحكم العلاقة بين طرفي العلاقة، لكن هذه اللائحة جاءت بالكامل لتحقيق مصلحة البنوك .

ولا تتضمن أي شيء لحماية مصلحة العميل، وتساءل البستنجي عن سبب غياب جهة مهمة مثل جمعية حماية المستهلك في إعداد هذه اللائحة.

الحاضر الوحيد

الحاضر الوحيد بين ممثلي البنوك كان محمد زقوت نائب الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال والذي قال في مداخلته إن عملية الإقراض هي عرض وطلب وتتعلق إلى حد كبير بالظروف المجتمعية، وقد تكون بعض البنوك قد توسعت كثيرا في عملية الإقراض إلا أن واقع الأمر يقول إن البنوك لم تجبر العملاء على شيء وان المسؤولية مشتركة من كلا الطرفين ضمن الشروط التي ترد في العقود الموقعة والتي يجب على العميل ان يطلع على شروطها بالكامل.