أكد المصرف المركزي ضرورة إنشاء سوق محلي للسندات مدعوم بالدرهم لتشجيع الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن السوق المحلي في حاجة إلى هذه الخطوة سواء على المستوى الحكومي أو بالقطاع.

أوضح أن أهداف إصدار سندات الدين العام مستقبلاً في حال اتخاذ قرار بإصدارها ستكون إما لاحتياج المصرف المركزي لسحب السيولة الفائضة مستقبلاً بالأسواق أو احتياج الحكومة للتوسع في البنية التحتية أو حاجتها لوضع أو تحديد أسعار معينة لسنداتها.

وقال معالي سلطان بن ناصر السويدي محافظ المصرف المركـــزي في كلمته لدى افتتاح مؤتمر «تطوير أسواق أدوات الدين في الدول العربية»، الذي انطلق، أمس، بأبوظبي ويستمر على مدى يومين قال إن الإصدارات اقترضت في الدولة على سندات بعض الحكومات المحلية، حيث لا يوجد اليوم سوق لسندات الحكومة الاتحادية بالدرهم، مشيراً إلى أنه نتج عن ذلك عدم وجود منحنى للعائد يساعد على تحديد أسعار الفائدة على سندات الشركات لمختلف فترات الاستحقاق.

وأعرب معاليه في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه سيف هادف الشامسـي مســاعد المحافـظ لشــؤون الســـياســـة النقديـّة والاسـتقرار المالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيسي لعدم إصدار الحكومة الاتحادية في الإمارات للسندات تمتُعِها بمداخيل تُغطي إجمالي الإنفاق موضحاً أن تجربة سنغافورة تؤكد أهمية وجود سوق للسندات الحكومية بالتوازي مع وجود فائض دائم للموازنة العامة.

وأضاف أنه بالرغم من الوضع المتقدم لدولة الإمارات في مجال إصدار الصكوك الإسلامية، فإنه ما زال هناك حاجة للقيام بالمزيد داعياً إلى إيجاد سلطة موحدة للفتاوى الشرعية الرئيسية في مجال الخدمات المالية الإسلامية على المستوى الوطني كما هو الحال في ماليزيا ومراجعة قوانين الرهن بما يمكِّن المستثمر في الصكوك الاسلامية من تملّك الأصول المرهونة لجهة الإصدار في حال تخلّفها عن دفع مستحقات الدين.

وقال إنه بالنسبة للسندات التي يتوافق إصدارها مع أحكام الشريعة الإسلامية أو ما يعرف بالصكوك فلدولة الإمارات تجربة جديرة بالدراسة، مشيرا إلى إصدار حكومة دبي في شهر ابريل الماضي صكوكاً بقيمة 1.25 مليار دولار التي لاقت إقبالاً كبيراً من المستثمرين، كما تؤكد البيانات المتوفرة للربع الأول من هذه السنة أن كلاً من بنك الخليج الأول ومصرف الإمارات الاسلامي قد فضَّل اصدار صكوك اسلامية تتمتع على ما يبدو بميزة من ناحية التقلبات المحدودة للأسعار وتكلفة تقل بحوالي 50 نقطة أساس مقارنة بتكلفة أسعار الفائدة التي يتم دفعها على السندات التقليدية.

وأضاف أن وفـاق بازل 3 سيوفـر حافزاً ولو بصفة غير مباشرة لتطوير السندات الحكومية وسندات الشركات على اعتبار أن أحد متطلباته فيما يسمى «أصول البنوك الجاهزة للتسييل» تشترط حيازة البنوك نسبة مُحدَّدة من أصولها في هذا النوع من السندات.

وأكد أنه بالنسبة للبنوك فإن إصدارها للسندات متوسطة وطويلة الأجل سوف يساعدها على الملاءمة بين فترات استحقاق الخصوم من جهة والأصول من جهة أخرى، بحيث لا تكتفي البنوك في المستقبل بمنح قروض طويلة الأمد مقابل ودائع العملاء قصيرة الأجل.

وقال إن تطوير سوق السندات في الدول العربية يتطلب اتخاذ عدة إجراءات من أهمها إيجاد قانون للدين العام سواء بإصدار قانون جديـد أو بمراجعـة القانـون المعمـول به في الدولة، إن وجد، بحيث يتم تحديد الهدف الأساسي لإصدار السندات الحكومية ومسؤوليات مكتب إدارة الدين مع وضع استراتيجية واضحة لإدارة الأموال المتأتية من إصدارات الدين الحكومي.

وأضاف أنه من الخطوات الواجب اتخاذها كذلك البدء بتطوير سوق السندات الحكومية في مرحلة أولى التي ستُمكِّن من تطوير سندات الشركات في فترة لاحقة، مشيرا إلى أنه يبدو من دراسات البنك الدولي أن السندات الحكومية يجب أن تمثل ما لا يقل عن 15% إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي كي تكون السوق بالعمق المطلوب .

والتأكد من أن التشريعات القائمة والبنية التحتية المتوفرة تساعد على تداول السندات الحكومية في الأسواق المحلية والخارجية على حد سواء بالإضافة إلى إيجاد قاعدة عريضة من المستثمرين المؤسسيين كعامل طلب إضافي وعامل استقرار في السوق.

وذكر أن الدول العربية عملت خلال السنوات الأخيرة على تطوير الأسواق المالية محققة نتائج متفاوتة على مستوى الإصدارات الأولية للشركات ومدى إقدام المواطنين والأجانب على الاستثمار من خلال هذه الأسواق كبديل عن الودائع لدى البنوك أو الاستثمار في العقارات وغيرها لكن أدوات الدين العام المتداولة بقيت محدودة في الأسواق المالية العربية رغم أهميتها، ما يؤكد حسن اختيار المؤتمر لهذا الموضوع المهم، معرباً عن أمله في أن تساعد مداخلاته صنَّاع القرار على تطوير أسواق السندات في دولهم بالنسبة للسندات الحكومية وسندات الشركات على حدٍ سواء.

درس الأزمة

من جانبه، أكد الدكتور جاسم المناعي رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أهمية المؤتمر الإقليمي حول «تطوير أسواق أدوات الدين في الدول العربية»، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالمشاركة مع صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وبالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وجمعية الصكوك والسندات لدول الخليج.

مشيراً إلى أهمية موضوع تطوير أسواق السندات المحلية في الدول النامية ومنها الدول العربية خصوصاً أثر تداعيات الأزمات المالية العالمية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة سواء من حيث تراجع التدفقات المالية والقروض المصرفية عبر الحدود أو من خلال التعديلات على المبادئ والمعايير الدولية وأهمها اتفاقية بازل III والمتطلبات الجديدة للسيولة.

وقال إن هذه الأزمات المالية تقدم في حالة الدول العربية درساً إضافياً يتعلق بالمخاطر الكبيرة لتركز التمويل المقدم للاقتصاد عبر قناة واحدة هي القطاع المصرفي، مشيرا إلى أنه على الرغم من التحسن النسبي في الخدمات المالية غير المصرفية والإصدارات من أدوات الدين في الدول العربية في السنوات الماضية، إلا أن مساهمة المؤسسات المالية غير المصرفية وأسواق المال وتحديداً أسواق أدوات الدين في تمويل القطاع الخاص لا تزال متواضعة بالمقارنة مع حجم التسهيلات المصرفية من جهة أو بالمقارنة من جهة أخرى مع أسواق أدوات الدين في الاقتصادات النامية والناشئة الأخرى.

وأكد أن تطوير أسواق محلية نشطة لأدوات الدين في الدول العربية يمثل التحدي الأهم لتطوير القطاع المالي والمصرفي في هذه الدول وتعزيز سلامته وكفاءته، حيث تزايدت بصورة ملحوظة الاحتياجات التمويلية للدول العربية وخاصة تلك الدول التي تشهد تحولات سياسية في الوقت الراهن وسيساعد وجود مثل هذه الأسواق ليس فقط في توفير التمويل طويل الأجل بل كذلك على تعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال توفير الإمكانية لتبني السياسات الاقتصادية الكلية الملائمة للتعامل مع التقلبات في الدورات الاقتصادية، وتحسين كفاءة تنفيذ السياسة النقدية.

الأسواق الثانوية

وذكر أن الأسواق الثانوية تكاد تكون غير موجودة ويرتبط ذلك بمجموعة من العوامل منها ضعف تطور السوق النقدية وعدم تنوع قاعدة المستثمرين من حيث هيمنة المصارف على الاكتتابات فيها إلى جانب افتقارها للعديد من المقومات الجاذبة للاستثمار سواء من حيث التشريعات أو على صعيد البنية المؤسسية والتحتية لهذه الأسواق فمعظم أسواق السندات الحكومية العربية غير ممثلة في مؤشرات السندات العالمية التي تعكس اهتمام المستثمرين، وذلك باستثناء البعض منها ولكن بنسب ضئيلة إلى حد كبير.

وأضاف أنه في ما يتعلق بأسواق سندات وصكوك الشركات وبالرغم أن الإصدارات من هذه الأدوات شهدت هي الأخرى نمواً ملحوظاً وخاصة لدى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلا أن هذه الإصدارات بأغلبها إما إصدارات مغلقة وشبيهة بالقروض المصرفية المجمعة أو أنها كانت بعملات أجنبية غير العملات المحلية وبالتالي لم تسهم في تطور أسواق السندات بالعملات المحلية.

وأشار إلى أن البيانات تظهر أن حجم الرصيد القائم من سندات الشركات العربية المصدرة بالعملات المحلية لا يتجاوز 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، وهو حجم ضئيل بالمقارنة بأحجام أسواق سندات الشركات المماثلة للمجموعات الإقليمية الأخرى في الاقتصادات النامية والناشئة، موضحاً أن هناك أنواعاً أخرى من أدوات الدين الخاصة غير سندات الشركات مثل سندات القروض العقارية والسندات المسنودة الأخرى هي غير موجودة بصورة عامة في الأسواق العربية.

توسيع قاعدة المستثمرين

وأكد ضرورة توسيع قاعدة المستثمرين نحو مشاركة أوسع لمستثمرين أساسين مثل صناديق التقاعد والمعاشات والمؤسسات المالية غير المصرفية الأخرى ومتابعة استكمال مستلزمات البنية التحتية السليمة وبوجه خاص نظم التداول ونظم المقاصة والتسوية، إضافة إلى زيادة التوعية بهذه الأسواق والسعي للمزيد من الإفصاح ونشر المعلومات بشأنها.

وقال إنه لا يمكن تحقيق تقدم سريع وملموس على صعيد هذه الجوانب دون وجود تنسيق كافٍ لدى كل دولة بين مختلف السلطات الإشرافية فيها من جهة وبين هذه السلطات وبين المؤسسات والمتعاملين في الأسواق من جهة أخرى في إطار استراتيجية وطنية تضع تطوير أسواق أدوات الدين المحلية كأولوية رئيسية لها، مشيراً إلى أنه في ظل ضيق الأسواق المحلية فإن الضرورة تفترض العمل على تبني أجندة إقليمية لتطوير هذه الأسواق نحو سوق إقليمية كبيرة والعمل على تنسيق التشريعات والأنظمة والممارسات ذات العلاقة.

وأضاف أن الصندوق أطلق بالتعاون مع البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية مجموعة من مبادرات المعونة الفنية الأخرى التي تخدم بشكل مباشر أو غير مباشر تطوير أسواق المال العربية ومن أهم هذه المبادرات، مبادرة «تطوير نظم مقاصة وتسوية المدفوعات والأوراق المالية»، ومبادرة «تطوير نظم الإقراض المضمون»، ومبادرة «تطوير نظم المعلومات الائتمانية» ومبادرة لتطوير قطاع التمويل العقاري في الدول العربية.

 

 

لا تعديلات حالياً على القواعد الجديدة للتركزات الائتمانية

 

 

 

أكد سيف هادف الشامسـي مسـاعد المحافـظ لشــؤون السـياسـة النقديـّة والاسـتقرار المالي، عدم وجود أية تعديلات حالياً على تطبيق القواعد الجديدة بشأن مراقبة حدود التركزات الائتمانية وتحديد متطلبات النسب التي يتوجب على البنوك العاملة بالدولة الالتزام بها اعتباراً من شهر سبتمبر المقبل لضمان سيولتها وملائتها المالية، داعياً المصارف لاتباع سياسة إقراض حذرة للمحافظة على سلامة الأصول المؤتمنة عليها.

وقال سيف هادف الشامسـي في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر «تطوير أسواق أدوات الدين في الدول العربية» الذي انطلق، أمس، بأبوظبي، قال إنه تمت مناقشة آراء مسؤولي البنوك العاملة بالدولة حول العديد من الموضوعات التي تتعلق بالأنظمة المصرفية وعدد من الأمور الأخرى ذات العلاقة بأعمال البنوك وآراء البنوك حولها سواء في ما يتعلق بالقواعد الجديدة بشأن مراقبة حدود التركزات الائتمانية أو تسوية القروض المتعثرة للمواطنين أو الأمور المتعلقة بقروض المواطنين الشـخصيّة (غير التجاريّة) والخيارات المطروحة بشــأنها لإيجاد حلول مناسـبة لهــا بهدف تخفيف الأعباء المالية عن كاهل المواطنين وغير ذلك من موضوعات.

وأشار إلى أنه تتم مناقشة هذه الآراء خلال الاجتماعات التشاورية ربع السنوية بمقر المصرف المركزي مع المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين للبنوك العاملة في الدولة حيث يجري بحث هذه الآراء واتخاذ المناسب يشأنها.

وكان مجلس إدارة المصرف المركزي قد قام خلال الشهر الماضي بإدخال تعديلات على قواعد مراقبة حدود التركزات الائتمانية، حيث تم تحديد بند خاص بقروض الحكومة الاتحادية وآخر لحكومات الإمارات المحلية كما تغيير نسب جدول حدود النسب التي تشكل تركزات ائتمانية حيث حدد النسبة الانفرادية لحكومات الإمارات ومؤسساتها غير التجارية بواقع 25% والنسبة الكلية لها 100% والنسبة الانفرادية للمؤسسات التجارية التابعة للحكومة الاتحادية وحكومات الإمارات 25% بحد أقصى 15% ممولة والنسبة الكلية لها 100%.

من ناحية ثانية أكد الشامسي اهمية وجود هيئة اتحادية خاصة بتعاملات قطاع الصيرفة والتمويل الإسلامي للمساعدة في تطوير سوق الصكوك القائمة حالياً، مشيراً إلى أن التشريعات القائمة تسمح بتأسيس لجنة شرعية مركزية على المستوى الاتحادي تنسق مع الهيئات الشرعية المحلية بالإمارات، مشيراً إلى أن إصدار الصكوك يتطلب أن تكون هناك لوائح تنظيمية وبنية تحتية متوافقة مع الشريعة تحددها هيئة شرعية اتحادية.