قال جينسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» إنه غير متأكد مما إذا كانت الصين ستقبل رقائق الذكاء الاصطناعي «H200» الخاصة بالشركة، في حال خففت الولايات المتحدة القيود المفروضة على بيع هذه المعالجات، وذلك عقب اجتماع عقده الأربعاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وخلال حديثه مع الصحفيين في مبنى الكابيتول الأمريكي، قال هوانغ: إنه ناقش مع ترامب ضوابط التصدير، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل. ويأتي اجتماع هوانغ مع الرئيس بعد أن ناقشت إدارة ترامب احتمالية السماح ببيع رقاقة «H200» في الصين.

وعندما سئل عما إذا كانت السلطات في بكين ستسمح للشركات الصينية بشراء هذه الرقاقة، أعرب هوانغ عن عدم يقينه. وقال: «لا نعلم. ليس لدينا أي فكرة»، بينما كان متوجهاً إلى اجتماع مغلق مع أعضاء من لجنة المصارف في مجلس الشيوخ، التي تختص بضوابط التصدير. وأضاف: «لا يمكننا تخفيض جودة الرقائق التي نبيعها للصين، فهم لن يقبلوا ذلك».

وفي مناسبة داخل المكتب البيضاوي لاحقاً الأربعاء، تهرب ترامب من الإجابة عن أسئلة تتعلق بوضع ضوابط التصدير، لكنه أشاد بهوانغ قائلاً: إنه يقوم «بعمل مذهل».

مكسب ضخم لـ «إنفيديا»

السماح ببيع «H200» للصين سيمثل انتصاراً كبيراً لأكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، والتي ضغطت على إدارة ترامب والكونغرس لتخفيف ضوابط التصدير التي تمنع «إنفيديا» من بيع رقائق الذكاء الاصطناعي في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

وقد بنى هوانغ علاقة مقربة مع ترامب منذ انتخابات نوفمبر، واستفاد منها لشرح وجهة نظره بأن القيود الحالية لا تفعل سوى تعزيز الشركات الصينية المنافسة، وعلى رأسها «هواوي».

وعندما سئل عن عدد مرات زياراته لواشنطن، أجاب هوانغ: «كلما رغب الرئيس ترامب في وجودي هنا».

جاءت زيارة هوانغ للعاصمة الأمريكية بالتزامن مع اقتراب «إنفيديا» من تحقيق انتصار كبير في جهود الضغط داخل الكونغرس، حيث استبعد المشرعون بنداً من مشروع قانون الدفاع كان سيحد من قدرة الشركة على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة للصين ودول خصمة أخرى.

وينص «قانون غاين إيه آي» على إلزام شركات تصنيع الرقائق، ومنها «إنفيديا» و«أدفانسد مايكرو ديفايسز»، بمنح العملاء الأمريكيين الأولوية في الحصول على الرقائق عالية القدرات، قبل السماح ببيعها للصين أو دول خاضعة لحظر الأسلحة.

الكونغرس عالق بين دعم المنافسة وحماية الأمن القومي

مع اختتام اجتماع لجنة المصارف، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري مايك راوندز إن «إنفيديا» ترغب في المنافسة عالمياً. وأضاف للصحفيين: «إنهم يريدون العملاء حول العالم. نحن نتفهم ذلك. وفي الوقت نفسه، نحن جميعاً قلقون، بما في ذلك جينسن، بشأن القيود المفروضة على ما يصدر إلى الصين».

وقالت عضو مجلس الشيوخ الجمهورية سينثيا لوميس: إن بند «غاين إيه آي» لم يناقش خلال اجتماع اللجنة مع هوانغ، ووصفت المحادثة بأنها كانت «تثقيفية».

وبعد فعالية مسائية استضافها مركز أبحاث في واشنطن، قال هوانغ: إن ترامب ومسؤولين آخرين في الإدارة يدرسون ما إذا كانوا سيسمحون ببيع «H200» للصين. وكان وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك، قد صرح سابقاً بأن القرار النهائي بشأن هذه الرقائق سيعود إلى ترامب.

يمثل أي تخفيف لضوابط التصدير تحولاً كبيراً عن السياسات المفروضة منذ عام 2022 لمنع بكين وجيشها من الوصول إلى أقوى التقنيات الأمريكية. ومن شأن خطوة كهذه أن تثير معارضة شديدة من صقور الأمن القومي في واشنطن، الذين يدعمون ضوابط التصدير لمنع الخصوم مثل الصين من التقدم في سباق الذكاء الاصطناعي.

محاولات سابقة لبيع رقائق أقل قوة

في الصيف الماضي، حصلت «إنفيديا» على موافقة لبيع رقاقة «H20» الأقل قوة، والمصممة لتكون أقل بقليل من حدود التصدير المفروضة، لكن الصين سرعان ما طلبت من العملاء المحليين المحتملين تجنب المنتج والاعتماد على معالجات محلية الصنع.

أما الجهود الأحدث للسماح بتصدير نسخة منخفضة القدرات من أحدث رقائق الشركة ضمن جيل «بلاكويل» فلم تحقق أي تقدم خلال اجتماع عقد في أكتوبر بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ.

وتستخدم رقاقة «H200»، التي بدأت «إنفيديا» شحنها للعملاء العام الماضي، في تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. وقد شكلت إمكانية بيع معالج أكثر تقدماً للصين حجة أساسية للمشرعين الذين سعوا من دون جدوى لاعتماد قانون «غاين إيه آي».

حذرت عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية إليزابيث وارن، كبيرة أعضاء حزبها في لجنة المصارف، من أن السماح ببيع «H200» للصين سيؤدي إلى «تعزيز قدرات الجيش الصيني وتقويض القيادة التكنولوجية الأمريكية».

وفي رسالة الأربعاء إلى الوزير لوتنيك، دعت وارن الإدارة إلى الإبقاء على القيود المفروضة على مبيعات رقائق «إنفيديا» المتقدمة للصين، وأعربت عن قلقها مما وصفته بـ«غياب الشفافية» في عملية اتخاذ القرار المتعلقة بضوابط التصدير.

وكتبت: «لا ينبغي أن نسمح لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل إنفيديا ببيع تكنولوجيا حساسة لحكومات لا تتشارك قيمنا». ووقع الرسالة معها الديمقراطي آندي كيم.

الصين سوق بـ50 مليار دولار

كان هوانغ قد قال الشهر الماضي: إن الصين تمثل سوقاً بقيمة 50 مليار دولار لشركته، رغم أن «إنفيديا» تستبعد حالياً إيرادات مراكز البيانات من الدولة الآسيوية من توقعاتها المالية.

وأضاف في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ»: «نحن نود أن تتاح لنا الفرصة لإعادة التواصل مع السوق الصينية»، مؤكداً أن «المبيعات في الصين ستعود بالنفع على الأمريكيين وعلى الناس حول العالم، لأن النماذج الصينية مفتوحة المصدر، تغادر الصين وتستخدم في جميع أنحاء العالم».

لقاء ترامب

ومن جهته قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد استقباله، أمس الأربعاء، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا جينسن هوانغ: إن رئيس عملاق صناعة الرقائق كان على دراية بموقفه بشأن ضوابط التصدير.

وقال ترامب عن هوانغ: «إنه رجل ذكي». وعندما سئل عما إذا كان قد أوضح لهوانغ وجهة نظره بشأن ضوابط التصدير وأنواع الرقائق التي يمكن للشركة تقديمها للصين، أجاب ترامب: «إنه يعلم ذلك».

ويأتي اجتماع هوانغ مع ترامب في الوقت الذي تدرس فيه الإدارة الأمريكية ما إذا كانت ستسمح للشركة ببيع رقائق H200، التي تتخلف جيلاً واحداً عن رقائقها الرئيسية الحالية، إلى الصين.

وقال هوانغ: إنه حضر اجتماعاً في العاصمة الأمريكية مع المشرعين، حيث أخبرهم أن اللوائح الأمريكية لكل ولاية على حدة سوف تعرقل تقدم تطوير الذكاء الاصطناعي.

وعارضت شركة إنفيديا أيضاً مشروع قانون منفصلاً كان سيلزمها بعرض بيع رقاقاتها للعملاء الأمريكيين قبل الحصول على تراخيص لبيعها إلى «الدول المثيرة للقلق». وقالت إنفيديا إن مشروع القانون سيقيد المنافسة العالمية في أسواق الذكاء الاصطناعي.

في وقت لاحق من اليوم، وخلال فعالية استضافها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، حيث تعد إنفيديا جهة مانحة، قلل هوانغ من شأن المخاوف بشأن تهريب رقائق من صنع الشركة بكميات كبيرة إلى دول يحظر فيها ذلك.

ونفى هوانغ إمكانية تهريب وحدات معالجة الرسومات الخاصة بالشركة وقال: «وحدة معالجة الرسومات لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تزن طنين، فهي تتكون من مليون ونصف مليون قطعة وتستهلك 200 ألف واط وتزيد كلفتها على 3 ملايين دولار. ويقال بين الحين والآخر، إن وحدات معالجة الرسومات هذه يتم تهريبها. أود حقاً أن أرى ذلك - ناهيك عن ضرورة تهريب ما يكفي منها لملء ملعب كرة قدم».