تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة جديدة لتقليص اعتماد الولايات المتحدة بشكل كبير على أشباه الموصلات المصنّعة في الخارج، على أمل تحفيز التصنيع المحلي وإعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية.

الهدف من السياسة هو أن تقوم شركات الرقائق بتصنيع العدد نفسه من أشباه الموصلات داخل الولايات المتحدة الذي يستورده عملاؤها من المنتجين في الخارج. أما الشركات التي لا تحافظ على نسبة 1:1 بمرور الوقت فسيتعين عليها دفع رسوم جمركية، وفق إفادات مطلعين على الخطة لصحيفة وول ستريت جورنال.

وتأتي هذه الخطة نتيجة لما أشار إليه ترمب الشهر الماضي عندما قال إن شركات التكنولوجيا التي تستثمر أكثر في الولايات المتحدة ستتجنب رسوماً جمركية تبلغ نحو 100% على أشباه الموصلات. إلا أن مطابقة القدرة الإنتاجية المحلية مع حجم الواردات يُعدّ أمراً أصعب من مجرد زيادة الاستثمارات، إذ غالباً ما تكون المنتجات الخارجية أرخص، كما أن تعديل سلاسل التوريد صعب، وزيادة العرض المحلي تحتاج إلى وقت.

إذا طُبّقت الخطة، فقد تُعقّد أكثر النظام الجمركي الأميركي المتشابك أصلاً.

وقال أشخاص مطلعون، بحسب وول ستريت جورنال، إن وزير التجارة هاوارد لوتنيك ناقش الفكرة مع كبار التنفيذيين في صناعة أشباه الموصلات وأبلغهم أنها قد تكون ضرورية للأمن الاقتصادي. وقد أعرب مسؤولو الإدارة منذ سنوات عن قلقهم من أن شركات التكنولوجيا الأميركية تعتمد بشكل مفرط على الرقائق المصنّعة في الخارج، خصوصاً في تايوان، التي تقع على بعد نحو 80 ميلاً فقط من البرّ الرئيسي الصيني وتُعتبر عرضة لهجوم صيني أو كوارث طبيعية قد تُربك سلاسل التوريد التقنية.

ويهتم التنفيذيون بهذه القضية لأن الرقائق منتشرة في الاقتصاد الحديث وتشغّل كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات. وغالباً ما تُرسل الشركات الرقائق المصنّعة في الولايات المتحدة إلى الخارج لتجميعها ضمن منتجات تقنية، ثم تُعاد على شكل مكونات داخل هذه المنتجات الأكبر، ما يجعل تطبيق الرسوم الجمركية أمراً معقداً. ولم يتضح كيف سيُحتسب مقدار الرسوم على المنتجات التي تحتوي على رقائق، كما أن الخطة ما تزال قابلة للتغيير.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي: «لا يمكن أن تعتمد أميركا على الواردات الأجنبية للحصول على منتجات أشباه الموصلات التي تعد ضرورية لأمننا الوطني والاقتصادي. ومع ذلك، ما لم يُعلن رسمياً من قبل الإدارة، ينبغي اعتبار أي تقارير عن سياساتنا مجرد تكهنات».

وبموجب النظام الجديد، إذا تعهدت شركة ببناء مليون رقاقة في الولايات المتحدة، فسيُحسب لها هذا الرقم على مدى فترة زمنية، مما يسمح للشركة وعملائها بالاستيراد حتى يتم الانتهاء من بناء المصنع من دون دفع رسوم جمركية، بحسب الأشخاص المطلعين. وقد تكون هناك فترة إعفاء في البداية لإتاحة الوقت أمام الشركات للتأقلم وزيادة القدرة المحلية.

وقد تُشكّل العملية تحدياً أمام أكبر شركات التكنولوجيا مثل «آبل» و«دِل»، التي تستورد منتجات تحتوي على مجموعة واسعة من الرقائق من مختلف أنحاء العالم. ففي ظل النظام المقترح، قد تضطر هذه الشركات إلى تتبّع مصدر كل هذه الرقائق والعمل مع الشركات المصنّعة لموازنة عدد المنتجات الأميركية والمستوردة بمرور الوقت.

وقد تكون الخطة بمثابة مكسب لشركات تزيد إنتاجها المحلي مثل «تايوان لصناعة أشباه الموصلات» و«مايكرون تكنولوجي» و«غلوبال فاوندرِيز»، التي ستحصل على نفوذ أكبر في مفاوضاتها مع العملاء.

لكن عملية الإعفاء قد تختبر العلاقة بين ترامب والرؤساء التنفيذيين في شركات التكنولوجيا الذين تعهدوا بضخ مئات المليارات من الدولارات في استثمارات جديدة داخل الولايات المتحدة لاسترضائه. وكان ترمب قد أثنى الشهر الماضي على تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «آبل»، لزيادة استثمارات الشركة في أميركا بعد أن انتقده في وقت سابق هذا العام لصنع هواتف «آيفون» في الخارج. وقد قالت الشركة والمحللون إن تصنيع هذه الهواتف في أميركا أمر غير واقعي.

وتجري الإدارة تحقيقاً تجارياً حول تأثير واردات الرقائق على الأمن القومي، ومن المتوقع أن تُعلن عن الرسوم الجديدة بعد انتهائه.

وكانت الولايات المتحدة قد منحت الشركات المصنعة مليارات الدولارات في شكل منح ودعم من خلال «قانون الرقائق» لعام 2022، لكن بعض الشركات اشتكت من أن عملاءها ما زالوا مترددين في دفع مبالغ أعلى مقابل منتجات مصنّعة محلياً في حين يمكنهم الحصول عليها من الخارج بأسعار أقل.

ستكون الخطة الجديدة جزءاً من مساعي إدارة ترمب لمعالجة المشكلة، باستخدام التهديد بالرسوم الجمركية لدفع الشركات إلى شراء المزيد من الرقائق الأميركية.

وبحسب طريقة تطبيقها، فقد تواجه الخطة عراقيل إذا تعذر تصنيع بعض المنتجات المتقدمة أو المتخصصة بسهولة داخل الولايات المتحدة.