دبي - مصطفى درويش، وام

أعلن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو العالمي إلى 2.8 % لعام 2025 و2.0 % لعام 2026، محذّراً من أن آفاق النمو على مدى السنوات الخمس المقبلة هي «الأضعف منذ عقود».

وفي تقريره السنوي، أرجع الصندوق هذا التباطؤ إلى بيئة اقتصادية مثقلة بحالة عدم اليقين، نتيجة لتصاعد التوترات التجارية، والتحولات التكنولوجية السريعة، والتغيرات المناخية، وتداعيات الصراعات الجيوسياسية.

وشدد الصندوق على أن التحدي الأكبر الذي يواجه الدول الأعضاء هو تحقيق النمو، مؤكداً أن الحل يبدأ من الداخل، عبر سياسات اقتصادية فعالة، تشمل زيادة التنافسية، وتشجيع ريادة الأعمال، وتبسيط الأنظمة الضريبية، وتحسين البنية الرقمية والتنظيمية.

وحذّر صندوق النقد الدولي من أن الدين العام العالمي تجاوز حاجز الـ100 تريليون دولار، ويتوقع أن يصل إلى 100 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع تكاليف خدمة الدين، وتزايد الضغوط على الإنفاق العام.

وتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي لعام 2025 بعنوان «الوصول إلى النمو في زمن عدم اليقين» أن النمو العالمي «لن يتجاوز 3 %»، وهي النسبة «الأضعف منذ الحرب العالمية الثانية».

وحدد ثلاثة محاور لصانعي السياسات لتجاوز المرحلة الحالية، وهي أنه «لا مخرج من دائرة البطء والدين إلا بإصلاحات هيكلية جريئة، وتمويل استباقي، وتعاون دولي غير مسبوق».

وأرجع خبراء البنك هذا التراجع في النمو العالمي إلى ثلاث صدمات متزامنة، الأولى هي التوترات الجيوسياسية، الناتجة عن الحروب التجارية بين القوى الكبرى، واستمرار النزاع في أوكرانيا وغزة، وارتفاع مؤشر «عدم اليقين التجاري» إلى أعلى مستوى منذ 2008. والثانية هي الصدمات المناخية.

حيث الكوارث الطبيعية تكلف الاقتصادات الناشئة 1.5 نقطة مئوية من النمو سنوياً، وأخيراً ما أسماه بالثورة الذكية أو الذكاء الاصطناعي الذي يعد بفرص هائلة، لكنه يحدث اضطرابات في سوق العمل ويزيد تركيز الثروة في أيدي الأغنياء.

وحذر الصندوق من أن «خدمة الدين تهدر اليوم ما يعادل ضعفي الإنفاق على الصحة والتعليم مجتمعين في الدول منخفضة الدخل»، وأرجع الصندوق هذا التدهور إلى التراكم المتسارع للدين منذ جائحة كورونا، ثم صدمات أسعار الطاقة والغذاء الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى تشديد السياسة النقدية العالمية الذي رفع تكلفة الاقتراض.

وأشار التقرير إلى أن 53 % من الدول النامية منخفضة الدخل و23 % من الاقتصادات الصاعدة باتت الآن معرضة لخطر التعثر أو في وضع ديني حرج، فيما تعاني هذه الدول من أعلى معدلات الفائدة الحقيقية منذ عقدين، ما يجعل تمويل التنمية أمراً شبه مستحيل دون اللجوء إلى إعادة هيكلة الديون أو الحصول على تمويل ميسر.

واستجابة لهذه التحديات أقر الصندوق أكبر حزمة إصلاحات مالية منذ 2010، وخفض تكلفة تخفيض هامش الفائدة من 100 إلى 60 نقطة أساس، ما يوفر 1.2 مليار دولار سنوياً للدول الأعضاء، ورفع حدود الوصول إلى التمويل، بالإبقاء على الحدود السنوية والتراكمية عند 200 و600 % من الحصة، ما يوفر سيولة تصل إلى تريليون دولار.

وعمل على إصلاح «صندوق تقليل الفقر» (PRGT) بزيادة سقف الإقراض الميسر إلى 2.7 مليار وحدة حقوق سحب خاصة سنوياً، وهو أكثر من ضعف السقف السابق، مع نظام فائدة متدرج يستثني أفقر الدول من أي فائدة.

وشدد التقرير على أن الدول التي تعاني من ديون غير مستدامة يجب أن تتخذ قرارات صعبة بالتوجه إلى إعادة هيكلة الديون بأسرع وقت، مشيراً إلى أن الدول التي تتجاوز ديونها 70 % من الناتج المحلي يجب أن تبدأ فوراً في وضع خطط تعديل مالية متوسطة الأجل، تشمل إعادة توجيه الإنفاق، إصلاح نظم المعاشات، إلغاء الدعم غير الموجه، وتوسيع القاعدة الضريبية.

100 %

الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2030

53 %

من الدول النامية و23 % من الاقتصادات الصاعدة معرّضة لخطر التعثر