حولت لويزا شنايدر حدثاً بسيطاً يحدث مع كل عائلة إلى كنز استثماري ضخم يدر ملايين الدولارات.

أسست شنايدر شركة لملابس اليوغا ومشروعاً لتعليم اللغات، لكن النجاح لم يكن حليفها، في عام 2017، قررت أن تراهن على فكرة جديدة، فاستقالت من وظيفتها المرموقة في وول ستريت لتبدأ مغامرتها من منزلها في نيويورك.

بعد سبع سنوات، تحولت فكرتها إلى شركة روان (Rowan)، المتخصصة في ثقب الأذن بإشراف طبي، والتي باتت تحقق إيرادات سنوية تتجاوز 70 مليون دولار، مع شبكة تضم 90 استوديو في الولايات المتحدة وأكثر من 800 موظف، نصفهم من الممرضات المسجلات وفق سي ان بي سي.

بدأت القصة حين بحثت شنايدر عن مكان آمن لثقب أذن ابنتها، لكنها لم تقتنع بالخدمات التقليدية المتاحة في مراكز التسوق أو متاجر المجوهرات، وبحكم خلفيتها العائلية — فوالداها طبيبان — رأت أن ثقب الأذن ينبغي أن يُعامل كإجراء طبي، ومن هنا جاءت فكرة مزج الجانب الطبي مع تجربة احتفالية مميزة.

لم يكن لدى شنايدر في بداياتها رأس مال يكفي لافتتاح متجر، فبدأت بتقديم خدمة منزلية عبر ممرضات مدربات، كما أطلقت خدمة اشتراكات شهرية لبيع الأقراط المضادة للحساسية مقابل 20 دولاراً، على أمل أن يتحول العملاء إلى مشتركين دائمين.

تحديات التمويل والبدايات الصعبة

تصف شنايدر البدايات قائلة: "كانت هناك أيام أردت فيها الاستسلام، وأخرى كنت أتساءل كيف سأدفع رواتب الموظفين"، وفي 2018، استعانت بمؤثرة رقمية للترويج لمنتجاتها، فانهالت الطلبات بشكل فاق التوقعات، واضطرت إلى الاستعانة بوالديها لمساعدتها في تجهيز مئات الطلبيات.

لكن إقناع المستثمرين بمشروعها كان معركة أخرى، تقول شنايدر إن معظم المستثمرين كانوا رجالاً لا يدركون حجم السوق المرتبط بالنساء.

رغم ذلك، جمعت روان 5 ملايين دولار كرأس مال أولي بين 2018 و2021، ثم 20 مليون دولار في جولة تمويل من الفئة "ب". ومع نمو أعمالها، أصبحت الشركة مربحة في 2023، ولم تعد بحاجة لمزيد من التمويل.

شراكات وتوسع

في 2019، دخلت روان في شراكة مع سلسلة Target، حيث أقامت أكثر من 300 موقع مؤقت للثقب داخل المتاجر، ومع جائحة كوفيد-19 عام 2020، استمرت في تقديم الخدمة عبر الزيارات المنزلية، قبل أن تفتتح أول استوديو فعلي لها في نيويورك في وقت لاحق من ذلك العام.

لاحقًا، أنهت الشركة تعاونها مع Target لتُركز على استوديوهاتها الخاصة، الأكثر ربحية والأقدر على تقديم تجربة مميزة للعملاء. واليوم، تدير روان 90 استوديو، وتسعى لافتتاح 100 موقع بحلول نهاية 2025، مع توقعات بإيرادات تصل إلى 150 مليون دولار.

تمكين الممرضات

تفتخر شنايدر بأنها توظف أكثر من 550 ممرضة، وتوفر لهن تدريباً متخصصاً عبر منهج وضعه مجلسها الطبي الخاص.

وتوضح شنايدر: "الكثير من الممرضات يعملن لساعات طويلة في المستشفيات، لكن روان تمنحهن فرصة للعمل بدوام جزئي في بيئة إبداعية ومرنة، حيث يتقاضين ما بين 23 و30 دولاراً في الساعة بالإضافة إلى الإكراميات".

من الشك إلى النجاح

على الرغم من الشكوك التي واجهتها في البداية، آمنت شنايدر بأن تجربتها تلبي حاجة حقيقية في السوق. تقول: "إذا منحت شخصاً تجربة جيدة لثقب الأذن، سيصبح هو وأسرته عملاء مدى الحياة".

واليوم، تعتبر كل لحظة نجاح ملموسة تأكيدًا على صحة رهانها: "في كل مرة أرى فيها ثقبًا جديداً يتبعه ابتسامة وتصفيق وفرحة عائلية، أعلم أننا نجحنا. الأمر يتعلق بالفرح الذي نجلبه".

نحو المستقبل

مع خططها لمضاعفة استوديوهاتها خلال العامين المقبلين، ترى شنايدر أن روان لا تبيع أقراطاً فحسب، بل تبني تجربة آمنة واحتفالية لملايين العملاء، وتفتح في الوقت نفسه آفاقاً جديدة لمهنة التمريض.

تؤكد قصة شنايدر على أن الأفكار البسيطة، حين تُنفذ بالشغف والإصرار، يمكن أن تتحول إلى شركات بملايين الدولارات. وهي تلخص تجربتها بالقول:

"يخبرك الناس أنك مجنون، لكن إن آمنت بما تفعله وتمسكت به، ستجد من يؤمن بك في النهاية".