وافق مجلس الشيوخ الأمريكي، بفارق ضئيل، على تعيين ستيفن ميران في مجلس محافظي مجلس الاحتياطي الاتحادي، ما يوسع نفوذ الرئيس دونالد ترامب على أهم بنك مركزي في العالم، ويمنح كبير مستشاريه الاقتصاديين أحد الأصوات التي تحدد أسعار الفائدة، عشية اجتماع مهم بشأن السياسة النقدية.

وجاء التصويت بأغلبية 48 صوتاً مقابل 47 في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لتُختتم بذلك عملية سريعة، بدأت في أغسطس، عندما استقالت أدريانا كوجلر بشكل مفاجئ من عضوية مجلس الاحتياطي الاتحادي.

وقد أفسح ذلك المجال أمام ترامب لتعيين شخصية أكثر ميلاً لخفض أسعار الفائدة، وهو ما يطالب به الرئيس منذ بداية العام.

وكانت السناتور ليسا موركوفسكي من ألاسكا، هي الصوت الجمهوري الوحيد الذي صوّت ضد ميران.

وعادة يستغرق إقرار مرشحي مجلس الاحتياطي الاتحادي عدة أشهر، لكنّ ترشيح ميران لم يستغرق سوى أقل من ستة أسابيع.

كانت الإدارة قد قررت اختيار شخصية سبق أن مرت بإجراءات المصادقة في مجلس الشيوخ، وخلفية ميران كخبير اقتصادي، جعلته مرشحاً جيداً. وخضع لمقابلة رسمية مع ترامب، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، وكبيرة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، قبل أن يُعرض عليه المنصب، بحسب المطلعين. وبعد ظهر ذلك اليوم، أعلن ترامب الترشيح، لتتعاون الإدارة مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ، لضمان تثبيت ميران في منصبه، قبل اجتماع سبتمبر الخاص بتحديد أسعار الفائدة.

خضع ميران لجلسة استماع ثانية شاقة هذا العام، واجه خلالها انتقادات من الديمقراطيين، الذين وصفوا إجازته المؤقتة من البيت الأبيض، بأنها أمر سخيف، وتهديد لاستقلالية البنك المركزي، خصوصاً بعد إقدام ترامب على إقالة عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، وتباهيِه أمام الصحافيين بأنه سيضمن قريباً «أغلبية» داخل المجلس.

وخلال الجلسة، قالت السيناتور الديمقراطية، إليزابيث وارن، من ولاية ماساتشوستس: «كل تصريح يصدر عنه، وكل تصويت يشارك فيه، سيكون موضع شك، وكأنه ليس وسيطاً نزيهاً، بل مجرد دمية بيد دونالد ترامب».

لكن في حوار رئيس خلال جلسة استماع مع السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين من ولاية ماريلاند، قال ميران: «ما يمكنني قوله لكم، هو أنه في حال تمت المصادقة على تعييني في الاحتياطي الفيدرالي، فسأمارس مهامي باستقلالية، استناداً إلى تحليلي الخاص للاقتصاد والسياسة الاقتصادية».

الأنظار كلها على الفائدة

من المتوقع أن تخفض لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ديسمبر، في ظل تباطؤ نمو الوظائف.

وسارع الجمهوريون بالموافقة على ترشيح ميران، بينما واصل ترامب الضغط على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة.

أظهر استطلاع أجرته «بلومبيرغ»، أن مستثمرين واقتصاديين يتوقعون أن يقرر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء. إلا أن ترامب لم يبالِ بتلك التقديرات، بل توقع «خفضاً كبيراً»، قائلاً للصحافيين، أثناء عودته إلى واشنطن يوم الأحد: «أعتقد أنكم ستشهدون خفضاً كبيراً.. إنه الوقت المثالي للخفض».

من جانبه، أوضح ميران، الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، لأعضاء مجلس الشيوخ، أنه سيأخذ إجازة غير مدفوعة للانضمام إلى الاحتياطي الفيدرالي، دون إيضاح مدة بقائه. وقد يختاره ترامب لولاية كاملة مدتها 14 عاماً، تبدأ في فبراير، أو يعين شخصاً آخر، بينما يمكن لميران أن يستمر في منصبه إلى أجل غير مسمى، إذا لم يعيّن ترامب أحداً لشغل الولاية الجديدة.

ترشيح مفاجئ لميران

جاء قرار مجلس الشيوخ، ليختتم مساراً سريعاً على نحو غير مألوف، في ظل مسعى ترامب لاستبدال أدريانا كوغلر سريعاً، بعد رحيلها المفاجئ هذا الصيف. وقد جرت العملية بوتيرة أسرع مما توقعه ميران نفسه.

في السابع من أغسطس، وهو يوم إعلان ترشيح ترامب لميران لشغل المنصب المؤقت، وجد مسؤولو البيت الأبيض صعوبة في الوصول إليه، بحسب أشخاص مطلعين. ليتضح لاحقاً أنه كان داخل منشأة آمنة، يُحظر فيها استخدام الهواتف المحمولة، وبمجرد العثور عليه، لم يكن يعلم سبب استدعائه إلى المكتب البيضاوي.