تشتهر مدينة أواشوايا التابعة لمحافظة أرض النار بالأرجنتين بأنها مدينة نهاية العالم لأنها آخر نقطة حضرية على كوكب الأرض ثم تبدأ القارة القطبية الجنوبية، وتنطلق العديد من الرحلات العلمية والسياحية إلى القارة المتجمدة منها حيث يعكس اسم نهاية العالم موقعها الجغرافي الفريد، والذي يجعلها وكأنها تقع على حافة العالم المأهول.

تُعد أوشوايا العاصمة الرسمية لمحافظة أرض النار وأنتاركتيكا وجزر جنوب المحيط الأطلسي التابعة للأرجنتين، وتقع هذه المدينة الفريدة على الساحل الجنوبي لجزيرة "تييرا ديل فويغو" أو أرض النار، وتُعتبر أقصى مدينة مأهولة بالسكان في العالم، حيث يقدّر عدد سكانها بحوالي 64 ألف نسمة، فيما تبلغ مساحتها نحو 9,390 كم².

تتمتع الجزيرة بطبيعة ساحرة وخلابة حيث يطل ميناؤها العميق على قناة بيغل الشهيرة، بينما تشكل جبال مونت أوليفيا ومونت مارتيال خلفية رائعة هذا الموقع جعلها أقرب نقطة حضرية إلى القارة القطبية الجنوبية.

تحمل بعض المدن لقب "نهاية العالم" بسبب موقعها الجغرافي في أقصى الجنوب، مثل بونتا أريناس في تشيلي التي تُطل على مضيق ماجلان، وبورتو ويليامز في جزيرة نافارينو والتي تعد بلدة صغيرة أكثر منها مدينة، حيث لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف، لكن أوشوايا في جزيرة أرض النار تتفوق على هذه المدن، فهي ليست مجرد مستوطنة أو قرية نائية، بل مدينة متكاملة يفوق عدد سكانها 60 ألف نسمة، وتضم ميناءً ومطاراً دولياً وجامعات وبنية سياحية متطورة، لهذا تُعرف عالمياً بأنها مدينة نهاية العالم، وبوابة العبور إلى القارة القطبية الجنوبية.

قطار نهاية العالم

تعتمد أوشوايا على السياحة، فهي نقطة الانطلاق الرئيسية للرحلات المتجهة إلى القارة القطبية الجنوبية، كما تحتضن مطاراً دولياً يستقبل الزوار من بوينس آيرس وسانتياغو، ومن أبرز معالمها حديقة تييرا ديل فويغو الوطنية، التي يمكن الوصول إليها عبر "قطار نهاية العالم"، كذلك يُعد خليج لاباتايا وجهة مفضلة لعشاق الطبيعة، كما يوجد متحف "يامانا" الذي يروي تاريخ الشعوب الأصلية والسجن القديم.

تتميز المنطقة بتنوعها البيئي، حيث يمكن مشاهدة الحيتان القاتلة، والفقمات، والبطاريق في الجزر القريبة، كما تنتشر منتجعات التزلج مثل "سيرو كاستور"، الذي يقدم أطول موسم للتزلج في أمريكا الجنوبية بفضل برودة الطقس المستمرة.

سجن أوشوايا

تأسست المدينة في 12 أكتوبر 1884، وكان من أبرز معالمها في القرن العشرين سجن ضخم بُني لإيواء أخطر المجرمين في الأرجنتين، استوحت الحكومة الأرجنتينية الفكرة من النماذج البريطانية والفرنسية التي استخدمت مناطق نائية كسجون، بهدف عزل المجرمين في موقع يصعب الفرار منه، وترسيخ وجود الدولة في منطقة نائية، وقام السجناء بقطع الأخشاب، وبناء خط سكة حديد يُعرف اليوم بـ قطار نهاية العالم، وهو أقصى خط سكك حديدية جنوباً على وجه الأرض، ومع مرور الوقت، لعب السجناء والمستعمرون دوراً في تأسيس المدينة الحديثة.

بداية الاستيطان والاكتشاف

يعود تاريخ الاستيطان البشري في أرض النار إلى أكثر من عشرة آلاف سنة، عندما وصل إليها الصيادون الرحل من الشمال معتمدين على موارد المنطقة الطبيعية، ولاحقاً، ظهرت جماعة "الياجان" المعروفة برحلاتها البحرية بين جزر الأرخبيل.

في عام 1520، مرّ المستكشف البرتغالي فرديناند ماجلان عبر المنطقة واكتشف المضيق الذي سُمّي لاحقًا باسمه، أثناء تلك الرحلات، لاحظ البحارة الإسبان نيرانًا ودخانًا على السواحل، فأطلقوا على الجزيرة اسم أرض النار.

أما اسم أوشوايا نفسه، فجاء من لغة قبيلة "ياغان": كلمة "أوش" تعني الخليج، و"ويا" تعني الخليج الواسع.