في قرار قضائي صدر بأغلبية 7 أصوات مقابل 4، أيدت محكمة استئناف أمريكية، الجمعة الماضي، حكماً سابقاً يحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض الرسوم الجمركية. ورأت المحكمة أن الاستناد إلى «قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية»، الصادر عام 1977 (IEEPA)، لتبرير فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، يتجاوز سلطات الرئيس، مشيرة إلى أنها «لم تجد تفويضاً واضحاً من الكونغرس» بهذا الشأن.

وقال الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان «تاريخياً، استُخدم القانون المذكور لفرض عقوبات محددة، وتجميد أصول، وليس لفرض ضرائب شاملة على الواردات». وأضاف: «رغم أن الحكم شكّل ضربة لأحد أهم الأسس القانونية التي اعتمدت عليها إدارة ترامب في سياستها التجارية، فإنه أبقى على الرسوم الجمركية سارية حتى منتصف أكتوبر، وأعلن الرئيس أن إدارته ستستأنف القرار أمام المحكمة العليا خلال تلك الفترة».

وأوضح العريان أن وسائل الإعلام الأمريكية تناولت الحكم باعتباره «انتكاسة كبرى» للسياسة الجمركية، فيما وصفه خبير اقتصادي، نقلت عنه صحيفة فايننشال تايمز بأنه «عقبة ضخمة، ستلقي بجرعة جديدة من الشكوك على مشهد التجارة العالمية».

وأشار العريان إلى أنَّ: «الأثر النهائي للحكم على النظام الجمركي الأمريكي، قد يكون أقل مما يوحي به الخطاب الإعلامي، فالقرار يقتصر فقط على الرسوم المفروضة بموجب قانون IEEPA، دون أن يشمل تلك المستندة إلى قوانين أخرى».

واستطرد: «إضافة إلى ذلك، يجري بالفعل استبدال بعض الرسوم الأولية باتفاقات تجارية جديدة، تكرّس معدلات جمركية أعلى، مقارنة بما كان سائداً قبل حقبة ترامب، وبناءً عليه، يرجّح أن الحكم لن يغير جذرياً ميل الإدارة إلى استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط على شركاء تجاريين يترددون في القبول بشروطها».

وأوضح: «ومع ذلك، فإن دلالات القرار قد تتجاوز المسألة الجمركية، ففي الأسابيع السابقة لتنصيب الإدارة الجديدة، كان المحللون قد أشاروا إلى مجموعة من الضوابط المحتملة على السياسات غير التقليدية – سواء في ما يتعلق بفرض رسوم واسعة النطاق، أو تهديد استقلالية البنك المركزي – وتشمل الكونغرس، وبعض أعضاء الحكومة، ورد فعل الأسواق المالية، إضافة إلى الجهاز القضائي».

وشدد في تفسيره لحكم المحكمة، على أنَه «يُحتمل أن يشجع حكم الجمعة أطرافاً أخرى على مواجهة الإدارة أمام المحاكم، ويأتي ذلك في وقت تقدمت فيه عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ليزا كوك، بدعوى قضائية ضد الإدارة، على خلفية محاولتها إقالتها، في قضية قد تعيد رسم حدود استقلالية البنك المركزي، وربما تصل بدورها إلى المحكمة العليا».

وختم بالقول: «وعليه، قد لا تكون تداعيات الحكم كبيرة على النظام الجمركي الأمريكي بحد ذاته، لكنه قد يمثل محطة فارقة في موازين القوة بين السلطتين التنفيذية والقضائية، ويبقى السؤال الأبرز: إلى أي مدى ستتمكن المحاكم من تشكيل كابح دائم لإدارة تسعى إلى إعادة صياغة المنظومتين الاقتصادية المحلية والدولية – وهو اختبار يُرجّح أن يتكرر مرات عدة في المرحلة المقبلة».

استئناف المحادثات

من جهة أخرى، قال الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون غرير، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تواصل المحادثات مع شركائها التجاريين، رغم قرار محكمة استئناف صدر يوم الجمعة، يقضي بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها.

وأضاف غرير، في تصريحات على قناة فوكس نيوز: «شركاؤنا التجاريون يواصلون المفاوضات معنا بشكل وثيق.. إنهم يحرزون تقدماً نحو إبرام اتفاقات، بغض النظر عمّا قد تقرره هذه المحكمة في تلك الأثناء».

وقضت محكمة استئناف اتحادية، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس لديه حق قانوني لفرض رسوم جمركية على كل دولة على وجه الأرض تقريباً، لكنها أبقت على جهوده لبناء جدار حماية حول الاقتصاد الأمريكي.

وبحسب قرار محكمة الاستئناف الأمريكية للدائرة الفيدرالية، لم يكن مسموحاً لترامب قانوناً بإعلان حالات الطوارئ الوطنية، وفرض ضرائب على الاستيراد من كل دولة تقريباً على وجه الأرض، وهو حكم أيد إلى حد كبير قراراً أصدرته محكمة تجارية اتحادية متخصصة في نيويورك، في مايو الماضي.

وكتب القضاة في الحكم: «يبدو أنه من غير المرجح أن الكونغرس كان يقصد.. منح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض رسوم جمركية»، لكن القضاة لم يحكموا بإلغاء الرسوم الجمركية على الفور، ما يمنح إدارته الوقت للطعن أمام المحكمة العليا.

المسار المستقبلي للقضية لم يتضح بعد، إذ يمكن لإدارة ترامب أن تطعن سريعاً أمام المحكمة العليا، أو أن تسمح للمحكمة التجارية بإعادة النظر، وربما تضييق نطاق أمر وقف التنفيذ المفروض على الرسوم الجمركية.

وقد تعهد ترامب بذلك، وكتب على موقع تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي: «إذا تم السماح بتأييد هذا القرار، فإنه سيؤدي حرفياً إلى تدمير الولايات المتحدة الأمريكية».

وقال ترامب، إن الحكم الذي أصدرته المحكمة بأن معظم الرسوم الجمركية التي فرضها لم تكن قانونية «غير صحيح»، مضيفاً أن جميع الرسوم الجمركية لا تزال سارية.