يشهد الذكاء الاصطناعي تطورًا متسارعًا، مما جعله محورًا أساسيًا في إعادة تشكيل قطاع الكهرباء بالولايات المتحدة. بينما يسهم في تعزيز الكفاءة والاستدامة، فإنه يفرض تحديات كبيرة تتمثل في زيادة استهلاك الطاقة وضغط غير مسبوق على الشبكة الكهربائية.
وفقًا لتقرير نُشر في TechCrunch، يُمثل الذكاء الاصطناعي حوالي 4% من استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة في عام 2025، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 12-15% بحلول عام 2030.
التأثيرات السلبية: ارتفاع الطلب وتحديات الشبكة
يُعد الارتفاع الهائل في استهلاك الكهرباء من أبرز التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
وفقًا لـ "وول ستريت جورنال"، استهلكت مراكز البيانات المخصصة للذكاء الاصطناعي 4.4% من إجمالي الكهرباء الوطنية في عام 2023، وهي نسبة تضاعفت مقارنة بالسنوات السابقة. وفي عام 2024، وفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، استهلكت الخوادم المخصصة للذكاء الاصطناعي ما بين 53 و76 تيراوات ساعة، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 7.2 ملايين منزل أمريكي بالطاقة لعام كامل. وتشير التوقعات إلى أن هذا الاستهلاك قد يصل إلى 165-326 تيراوات ساعة بحلول عام 2028، أي ما يعادل 22% من استهلاك الأسر الأمريكية.
هذا الطلب المتزايد يضع ضغطًا كبيرًا على الشبكة الكهربائية الأمريكية، التي تعاني من قيود في البنية التحتية. وفقًا لبلومبرغ، تمتلك الشبكة الأمريكية احتياطي طاقة لا يتجاوز 15%، مقارنة بـ80-100% في الصين، مما يجعلها عرضة للانقطاعات ويحد من قدرتها على التوسع السريع. كما أن مراكز البيانات تعتمد على مصادر طاقة ذات كثافة كربونية أعلى بنسبة 48% من المتوسط الوطني، ما يزيد من الانبعاثات الكربونية.
علاوة على ذلك، يؤثر هذا الطلب على المستهلكين مباشرة. وفقًا لـCNN Business ،ارتفعت فواتير الكهرباء في ولاية أوهايو بمعدل 15 دولارًا شهريًا لكل أسرة بسبب استهلاك مراكز البيانات. ويتوقع أن ترتفع الفواتير الوطنية بنسبة 8% بحلول عام 2030، وقد تصل إلى 25% في ولايات مثل فرجينيا التي تستضيف أعدادًا كبيرة من مراكز البيانات.
التأثيرات الإيجابية: تعزيز الكفاءة ودعم الطاقة المتجددة
على الجانب الآخر، يقدم الذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة لقطاع الكهرباء. وفقًا لـForbes، يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الشبكة من خلال التنبؤ الدقيق بالطلب، والصيانة التنبؤية، وإدارة المحطات الكهربائية. على سبيل المثال، يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات الطقس والاستهلاك التاريخي لتوقع الحمل بدقة عالية، ويستخدم الصور الفضائية للكشف عن الأعطال المحتملة في المحطات، مما يقلل من الفاقد ويعزز الموثوقية.
كما يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في دمج مصادر الطاقة المتجددة. وفقًا لـTechCrunch، يتمكن الذكاء الاصطناعي من حل مشكلات التدفق الكهربائي بسرعة تفوق النماذج التقليدية بعشر مرات، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.
وتستخدم شركات مثل Gridmatic الذكاء الاصطناعي لتوقع إنتاج الطاقة المتجددة بدقة، مما يعزز الاستدامة. وفي عام 2025، تشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تسريع تطوير تقنيات الطاقة مثل البطاريات والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى حماية الشبكة من الهجمات السيبرانية المتزايدة التعقيد.
التحديات والحلول المقترحة
ومن أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع غياب الشفافية في بيانات استهلاك الذكاء الاصطناعي، مما يعيق التخطيط الفعال للشبكة، كما أن الاعتماد المتزايد على الغاز الطبيعي لتلبية الطلب يزيد من الانبعاثات الكربونية، رغم التوقعات بأن الطاقة المتجددة ستغطي جزءًا كبيرًا من الزيادة بحلول عام 2030.
لحل هذه التحديات، يُقترح عدد من الحلول:
تعزيز الطاقة النووية
تعهدت شركات مثل ميتا وأمازون بمضاعفة السعة النووية العالمية بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد.
تحسين كفاءة الذكاء الاصطناعي
يمكن تقليل استهلاك الطاقة باستخدام رقائق متخصصة مثل وحدات المعالجة التنسورية (TPUs) وتطوير تقنيات تخزين طويل الأمد للطاقة.
التعاون بين القطاعين العام والخاص
يتطلب الأمر تعاونًا بين الحكومة والشركات لتطوير البنية التحتية وزيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة النظيفة.
يُمثل الذكاء الاصطناعي قوة مزدوجة في قطاع الكهرباء بالولايات المتحدة، إذ يزيد من الطلب على الطاقة ويضع ضغطًا على الشبكة، بينما يقدم حلولًا مبتكرة لتحسين الكفاءة ودعم الاستدامة. وفقًا لـ "وول ستريت جورنال " ، من المتوقع أن تصل استثمارات مراكز البيانات إلى 500 مليار دولار في عام 2025، مما يستلزم تحقيق توازن دقيق بين النمو التكنولوجي والحفاظ على استقرار الشبكة. إذا تم التعامل مع هذه التحديات بحكمة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في بناء مستقبل طاقي أكثر استدامة، يضيء كالقمر في سماء الليل الصافية.
