توقعات باستغلال باول خطابه الأخير في الندوة للدفاع عن استقلالية البنك
أسبوع حافل يترقبه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ومتابعو البنوك المركزية، إذ تنطلق مساء الخميس في «جاكسون هول»، بولاية وايومنغ، فعاليات الندوة السنوية للسياسة الاقتصادية التي ينظمها فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في كنساس سيتي.
كما يترقب المستثمرون صدور محضر أحدث اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بحثاً عن دلائل بخصوص وتيرة رفع معدلات الفائدة، وسط علامات على تراجع التضخم.
ومن المتوقع أن يكشف رئيس البنك جيروم باول، في كلمة يلقيها يوم الجمعة، عن إطار السياسة النقدية الجديد للبنك، وهو الاستراتيجية التي سيتبعها لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم والتوظيف.
ويوجه المستثمرون أنظارهم إلى «جاكسون هول» بحثاً عن مؤشرات حول مسار خفض معدلات الفائدة الذي قد يدفع أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة.
تعقد ندوة «جاكسون هول» 2025 خلال الفترة من 21 إلى 23 أغسطس. وموضوع هذا العام هو «أسواق العمل في مرحلة انتقالية: التركيبة السكانية، والإنتاجية، والسياسات الاقتصادية الكلية».
التلميحات
قد يلمح باول إلى ما يدور في أذهان مسؤولي السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي قبيل اجتماعه المقرر في سبتمبر. وأبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير منذ بداية العام، في انتظار اتضاح آثار الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاقتصاد.
ومع بقاء التضخم أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وظهور إشارات على تباطؤ سوق العمل، انقسم صناع السياسات النقدية حول التوقيت المناسب لاستئناف خفض الفائدة. وقد يمنح خطاب باول مراقبي الفيدرالي مؤشراً جديداً على مدى تأييد خفض الفائدة في سبتمبر، في وقت تكثف فيه إدارة ترامب ضغوطها للبدء بالتيسير.
الخطاب الأخير
سيعتلي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، المنصة يوم الجمعة المقبل في ندوة جاكسون هول الاقتصادية السنوية التي ينظمها المجلس، لإلقاء ما قد يكون الخطاب الأبرز في مسيرته المهنية.
لن يكون الخطاب طويلاً، إذ لم تتجاوز مدة نسخة العام الماضي 15 دقيقة بقليل. ولكن مع انتهاء فترة ولايته رئيساً للمجلس في مايو المقبل، وتعرض أداء الاحتياطي الفيدرالي لانتقادات إدارة الرئيس دونالد ترامب، قد يرى باول في جاكسون هول فرصته الأخيرة، أو على الأقل الأفضل، لترسيخ إرثه والدفاع عن استقلالية البنك المركزي.
بيانات متباينة
ويأتي انعقاد هذا التجمع بعد أسبوع أظهرت خلاله بيانات أسعار المستهلكين والمنتجين إشارات متباينة بشأن مدى قدرة الاقتصاد على الصمود أمام الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتبلغ ذروة الحدث يوم الجمعة، مع الكلمة المرتقبة لرئيس الفيدرالي جيروم باول، وذلك في أعقاب أسبوع يخلو نسبياً من البيانات الاقتصادية.
بعد سيل البيانات الذي صدر الأسبوع الماضي وأظهر صمود المستهلكين وعدم تراجع سوق العمل، ما زال بعض المستثمرين يخشون أن يستغل باول هذا التجمع لتبديد التوقعات الواسعة بخفض معدلات الفائدة خلال الأسابيع المقبلة، وهي التوقعات التي دفعت مؤشرات الأسهم إلى تسجيل مستويات قياسية متتالية، مستندين في ذلك إلى بيانات أخرى تشير إلى أن التضخم لا يزال يمثل مشكلة.
الخوف من الصدمة
وقال ستيفن سوسنيك، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة «أي بي كيه آر» قد يكون لدينا الكثير على المحك؛ فهذا حدث قد يكون محورياً هذا العام. ماذا لو دخل الجميع الاجتماع بانتظار لهجة ميسرة من باول، ليخرج عليهم مجدداً بنبرة متشددة؟
لا يزال سوق العقود الآجلة يتوقع أن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض معدلات الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية مرتين على الأقل هذا العام، بما في ذلك خفض أول في اجتماعه المقرر منتصف سبتمبر.
الأسهم
وقال أندرو سليمون، رئيس شركة «أبلايد إيكويتي أدفايزرز» التابعة لإدارة الأصول في «مورغان ستانلي»: إن الشركات الأكثر استفادة من انخفاض تكاليف الاقتراض كانت من بين الرابحين الكبار في تعاملات وول ستريت الأخيرة. وأضاف: «كل الأمر يتعلق بشركات بناء المساكن، والأسهم الدورية، والصناعية، وشركات المواد».
وارتفعت أسهم كبرى شركات البناء مثل «بولت غروب» و«لينار» و«دي. آر. هورتون» بما يتراوح بين 4.2% و8.8% خلال الأسبوع الماضي حتى منتصف تعاملات الجمعة، مدفوعة بشكل رئيسي بانخفاض معدلات الرهن العقاري.
وتفوقت هذه المكاسب بوضوح على ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» البالغ 1% خلال الفترة نفسها. وعلى مدى الشهر الماضي، حققت شركات البناء قفزات تراوحت بين 15% و22% مقارنة بـ3.3% فقط للمؤشر الأوسع، غير أن استمرار هذه المكاسب يبقى مرهوناً بمواصلة معدلات الرهن العقاري الهبوط، وهو أمر يثير الشكوك في ضوء الارتفاع الأخير في عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات.
قال سليمون إن أي إشارة من باول إلى أنه يولي اهتماماً أكبر للمؤشرات السلبية المتعلقة بالتضخم مقارنة بالمؤشرات الأخرى الأكثر اعتدالاً قد تهدد هذه المكاسب.
وأضاف: «كلما رأيت أسهم شركات البناء تواصل الارتفاع، كلما أدركت أن السوق يعتقد أن الفيدرالي سيقدم على خفض الفائدة، ما يعني أن أي تلميح في جاكسون هول بعدم حدوث ذلك سيجعل الأسواق أكثر عرضة لعمليات بيع».
ولتهدئة الأسواق، سيتعين على باول السير على خيط رفيع والتشديد على قناعة الكثير من المستثمرين بأن الاقتصاد ليس في حالة سخونة مفرطة ولا على وشك الانزلاق إلى ركود، بحسب أشوين الانكار، رئيس وحدة تخصيص الأصول العالمية في «جانوس هندرسون». وقال: «لا يستطيع إخافة السوق بالقول إن الفيدرالي يعتقد أن الاقتصاد بحاجة إلى قدر كبير من التحفيز».
لكن هل هناك تغير في المزاج العام؟
بعض المراقبين رأوا يوم الخميس أن التحول في المعنويات بدأ يظهر بالفعل. ففي مذكرة لعملائه، قال تييري ويزمان، استراتيجي العملات والفوائد العالمية في «ماكواري غروب»، إنه حتى يوم الأربعاء كان الحديث في السوق يدور حول «خفض ضخم» لمعدلات الفائدة، لكن خفضاً محدوداً وميسراً في سبتمبر أصبح «أقرب إلى الواقع».
ويرى المستثمرون أن عوامل إضافية تجعل تعليقات باول أكثر أهمية بالنسبة لأسواق الأسهم هذا العام، إذ تأتي في وقت وصلت فيه المؤشرات إلى مستويات مرتفعة، وانخفض فيه مؤشر تقلبات «بورصة شيكاغو للخيارات» إلى أدنى مستوياته هذا العام، في وقت تقترب فيه موجة نتائج الشركات للربع الثاني، التي جاءت إيجابية في معظمها، من نهايتها، ما يترك المستثمرين بكم محدود من المؤشرات خلال فترة ركود الصيف.
وقال جيف بلازيك، الرئيس المشارك للاستثمار في الأصول المتعددة لدى «نيوبرغر بيرمان»: «التقويم الاقتصادي هادئ للغاية».
لكن الخطر الأكبر ربما يكمن في حالة النشوة التي تعيشها الأسواق أخيراً، والتي تحدت سلسلة من الأخبار السلبية وأبعدت عن الأذهان الانهيار الحاد الذي تسببت فيه الرسوم الجمركية في أبريل الماضي.
وقال سوسنيك: «كلما شعرنا بالثقة الزائدة ونحن مقبلون على هذا الحدث... كلما كان خطر حدوث ردة فعل تحرك الأسواق أكبر».
ندوة جاكسون هول للسياسة الاقتصادية
يستضيف بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي العشرات من محافظي البنوك المركزية وصناع السياسات والأكاديميين والاقتصاديين من جميع أنحاء العالم في ندوته السنوية للسياسة الاقتصادية في جاكسون هول بولاية وايومنغ.
وتعد ندوة جاكسون هول الاقتصادية هي من أقدم المؤتمرات المصرفية المركزية في العالم، وتتم بتنظيم من الفيدرالي في مدينة كانساس الأمريكية منذ عام 1978، ويتم عقدها في جاكسون هول منذ عام 1981.
وتتمثل مهمة الندوة في تعزيز النقاش المفتوح بين الأشخاص البارزين في النظام المالي العالمي. وتركز الندوة كل عام على قضية اقتصادية مهمة تواجه الاقتصادات حول العالم، ومن بين المشاركين فيها محافظو بنوك مركزية حول العالم ووزراء مالية، إضافة إلى شخصيات أكاديمية ومالية واقتصادية بارزة من جميع أنحاء العالم.
ويتابع المهتمون في الأسواق أعمال الندوة عن كثب، حيث من المحتمل أن تؤثر الملاحظات غير المتوقعة الصادرة عن جهات لها وزنها في المجال في أسواق الأسهم والعملات العالمية.
ويحضر الندوة نحو 120 شخصية عامة يمثلون مجموعة متنوعة من الخلفيات والصناعات، لكن حضور المشاركين محدود، والتغطية الإعلامية مقتصرة على الجهات المدعوة فقط.
في كل عام، يقوم الفيدرالي في كانساس بتحديد موضوع معين للندوة، ويختار مجموعة من الحاضرين بناءً على هذا الموضوع، إذ يكتب هؤلاء الخبراء ويقدمون الأبحاث المتعلقة بموضوع الندوة. وينشر البنك الأبحاث على الإنترنت، إلى جانب النصوص الكاملة للخطابات التي يتم إلقاؤها في الندوة.
أبرز أحداث الأسبوع:
الاثنين 18 أغسطس:
مؤشر ثقة بناة المنازل (أغسطس)
نتائج: بالو ألتو نتووركس
الثلاثاء 19 أغسطس:
تصاريح البناء في يوليو
نتائج: ميدترونيك، هوم ديبو، إكسبينغ
الأربعاء 20 أغسطس:
محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر يوليو
نتائج: بايدو، إستي لودر
الخميس 21 أغسطس:
الطلبات الأولية لإعانة البطالة الأولية
مؤشر مديري المشتريات الخدمي
مؤشر مديري المشتريات الصناعي
مبيعات المنازل القائمة (يوليو)
انطلاق ندوة جاكسون هول
نتائج: علي بابا، وول مارت، زووم
الجمعة 22 أغسطس:
كلمة جيروم باول في ندوة جاكسون هول
