أعلنت جامعة كيرتن الأسترالية، بالتعاون مع وكالة الطاقة المتجددة الأسترالية (ARENA) وشركة "فيلوكس إنيرجي ماتريالز"، عن تطوير تقنية جديدة لتحويل الهيدروجين الأخضر إلى مسحوق باستخدام مركّب بوروهيدريد الصوديوم (NaBH₄)، في خطوة وُصفت بأنها قد تغيّر طريقة تخزين ونقل الطاقة النظيفة على مستوى العالم.

ويأتي هذا الابتكار ضمن مشروع "كوتاي للهيدروجين" الذي تبلغ ميزانيته نحو 16.47 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع استكماله بحلول عام 2029. ويهدف المشروع إلى جعل أستراليا مركزًا عالميًا لتصدير الهيدروجين الأخضر، خاصة إلى الدول التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية الكافية مثل اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية.

وبحسب الفريق البحثي، يمكّن هذا المسحوق من تخزين الهيدروجين بشكل آمن ومستقر، إذ يمكن استرجاعه بسهولة عند ملامسته للماء، مما يبسّط عملية النقل بشكل كبير مقارنة بالطرق التقليدية التي تتطلب ضغطاً عالياً أو تبريداً شديداً. كما أن المخلفات الناتجة (NaBO₂) قابلة لإعادة التدوير، وهو ما يفتح الباب أمام إنشاء نظام دائري مستدام.

وأوضح الباحثون أن التحدي الأكبر في السابق كان يتمثل في صعوبة إعادة تدوير مخلفات NaBO₂. إلا أن الفريق نجح في تطوير طريقة منخفضة التكلفة ومحفزة لإعادة تحويلها إلى NaBH₄، مما يجعل العملية أكثر كفاءة واستدامة على المدى الطويل.

وتسعى أستراليا إلى إنتاج 330 ألف طن من الهيدروجين سنويًا بحلول عام 2030، على أن يرتفع هذا الرقم إلى 550 ألف طن بحلول عام 2040. ويعادل هذا الإنتاج أكثر من 18 مليار كيلوواط/ساعة من الطاقة، ما يكفي لتزويد نحو 2.5 مليون منزل بالطاقة سنويًا،وفقا لموقع وكالة الطاقة المتجددة الأسترالية (ARENA).

ووفقًا للتقديرات، فإن إنتاج 550 ألف طن من الهيدروجين يتطلب حوالي 2.58 مليون طن من NaBH₄، وهي كمية يمكن إعادة تدويرها بشكل جزئي لتقليل الاعتماد على المواد الخام الجديدة وفقا لموقع "ecoticias".

ويُتوقع أن تسهم هذه التقنية في خفض تكلفة تصدير الهيدروجين مقارنة بالخيارات الأخرى مثل التسييل أو التحويل إلى أمونيا، كما أنها تسهّل عمليات النقل البحري وتُعد أكثر أمانًا من حيث المعالجة والتخزين.

وأكد القائمون على المشروع أن التقنية الجديدة تخضع حاليًا للاختبارات الصناعية والاقتصادية، تمهيدًا لتوسيع استخدامها تجاريًا خلال السنوات المقبلة. وفي حال نجاح المشروع، فإنه سيعزز موقع أستراليا كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة ويفتح آفاقًا جديدة أمام سوق الهيدروجين العالمي.

تحديات يجب مراقبتها بعناية

رغم الآفاق الواعدة التي تفتحها تقنية تحويل الهيدروجين إلى مسحوق، إلا أن نجاحها على المدى الطويل لا يزال مرهوناً بعدة عوامل تقنية وتجارية وتنظيمية يجب التعامل معها بجدية خلال السنوات المقبلة.

أحد أبرز التحديات يتمثل في اختبار كفاءة إعادة تدوير المخلفات الثانوية (NaBO₂) على نطاق صناعي واسع، مع الحفاظ على جدوى اقتصادية وتكلفة منخفضة للعملية. فما نجح في المختبر لا يعني بالضرورة أنه قابل للتطبيق تجاريًا دون عوائق.

إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر إجراء تحليل شامل لدورة الحياة (LCA) للمقارنة الدقيقة بين هذا المسار الجديد ومسارات أخرى لتخزين ونقل الهيدروجين، سواء من حيث إجمالي الانبعاثات أو استهلاك الطاقة عبر مختلف مراحل سلسلة الإمداد.

كما تبرز قضية تأمين المواد الخام، خصوصاً مركبات البورون والصوديوم اللازمة لإنتاج مسحوق NaBH₄، مما يستوجب بناء سلاسل إمداد موثوقة ومستقرة، وتقييم الأثر البيئي لاستخراج هذه المواد واستخدامها المستدام.

على الجانب الآخر، تحتاج دول الاستيراد إلى تطوير بنية تحتية ملائمة لاستقبال مسحوق الهيدروجين، بما يشمل إنشاء وحدات مخصصة لفصل الهيدروجين باستخدام الماء، وإدارة النفايات الناتجة بكفاءة عالية، بالإضافة إلى ضمان توفر المياه بكميات مناسبة في مواقع الاستخدام.

وأخيراً، تظل الأطر التنظيمية ومعايير السلامة نقطة حاسمة، حيث يتطلب التعامل مع مساحيق ناقلة للهيدروجين – من التعدين إلى النقل البحري – إعداد قوانين ومواصفات جديدة لضمان السلامة الصناعية والبيئية على مدار سلسلة القيمة بأكملها.