احتلت دبي المركز الرابع في قائمة أغنى مدن أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وفقاً لدراسة حديثة أجرتها مجموعة «إم سي بي» و«نيو وورلد ويلث» و«ستيواردز انفستمنت كابيتال»، لتواصل دبي ترسيخ مكانتها كواحدة من أبرز المراكز الاقتصادية والمالية على مستوى العالم.
وبحسب الدراسة، بلغ إجمالي الثروة القابلة للاستثمار في دبي نحو 1.1 تريليون دولار، ما يضعها في مصاف كبريات العواصم الاقتصادية العالمية.
وبحسب الترتيب فقد جاءت ثلاث مدن أوروبية على رأس القائمة وهي لندن، التي احتفظت بالصدارة بواقع 212 ألف مليونير، تليها باريس بـ163 ألف مليونير، ثم ميلانو بـ121 ألف مليونير، قبل أن تأتي دبي في المركز الرابع عالمياً.
واعتباراً من يونيو 2025 أصبحت دبي حالياً موطناً لأكثر من 86,000 مليونير، إلى جانب 251 من أصحاب مئات الملايين، و23 مليارديراً، ويتوقع الخبراء أن تحتل دبي المرتبة الأولى عالمياً بحلول عام 2040 إذا استمر زخم النمو الحالي في أعداد الأثرياء.
عومل جذب
وأرجع التقرير هذا الإنجاز إلى مجموعة عوامل، على رأسها الاقتصاد المتنوع للغاية، فعلى عكس مراكز الثروة الأخرى في الشرق الأوسط، تتمتع دبي بقوة في قطاعات رئيسية متعددة، بما في ذلك الخدمات المالية، والعقارات، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة، والإعلام والترفيه، والطاقة، والسفر والسياحة.
وأضاف التقرير أن دبي التي تعد من الملاذات الآمنة الثمانية على مستوى العالم. وإلى جانب سياسة الإعفاء من ضريبة الدخل تتمتع بعوامل جذب أخرى هامة، فلديها بيئة آمنة ومستقرة توفرها دبي لسكانها وزوارها، ما جعلها وجهة مفضلة لأصحاب رؤوس الأموال والمهنيين من مختلف أنحاء العالم. وساهمت قوة الاقتصاد المحلي وتنوعه، والنمو المتسارع لسوق العقارات، إضافة إلى شبكة رحلات جوية واسعة تصل إلى معظم العواصم العالمية، في تعزيز مكانة الإمارة كوجهة استثمارية أولى في المنطقة.
ولم يغفل التقرير دور البنية التحتية المتطورة والمستوى المعيشي المرتفع، والمناخ المشمس طوال العام، وهي عناصر جعلت دبي تجذب أيضاً العائلات الباحثة عن جودة حياة عالية. وتواكب الطفرة الاقتصادية في دبي نمواً سكانياً ملحوظاً.
فقد ارتفع عدد سكان الإمارة من نحو 1.93 مليون نسمة عام 2011 إلى نحو 4 ملايين نسمة في أغسطس 2025، بزيادة تفوق الضعف خلال 14 عاماً.
دعم مشتري العقارات
وتماشيا مع هذا النمو، أطلقت دائرة الأراضي والأملاك في دبي بالتعاون مع دائرة الاقتصاد والسياحة، وبشراكة مع أكثر من 13 مطوراً عقاريا و5 بنوك محلية، مبادرة جديدة لدعم المشترين للمرة الأولى. وتستهدف المبادرة جميع المقيمين في الدولة ممن تجاوزوا 18 عاماً ولم يسبق لهم تملك عقار، وتوفر لهم حزمة تسهيلات وامتيازات خاصة تمكنهم من دخول سوق العقارات بسهولة أكبر.
ويتوقع أن تسهم المبادرة في تعزيز فرص تملك السكن، وتشجيع المزيد من المقيمين على الاستقرار طويل الأمد في الإمارة، بما ينعكس إيجابا على تدفق الاستثمارات وزيادة جاذبية دبي كوجهة للعيش والعمل. كما تتماشى هذه الخطوة مع أهداف استراتيجية دبي الاقتصادية «D33»، الهادفة إلى مضاعفة حجم اقتصاد الإمارة خلال العقد المقبل، وترسيخ مكانتها كواحدة من أفضل ثلاث مدن في العالم من حيث جودة الحياة والقدرة التنافسية.
مؤشر النجاح
ويرى مراقبون أن المكانة الجديدة التي حققتها دبي ليست مجرد ترتيب على قائمة دولية، بل مؤشر على نجاح نموذجها التنموي القائم على التنوع الاقتصادي والانفتاح العالمي. ومع استمرار تدفق المستثمرين والأسر والمهنيين من مختلف الجنسيات، تواصل الإمارة تعزيز صورتها كأحد أكثر المراكز ديناميكية في العالم، يجمع بين الفرص الاقتصادية الواعدة والبيئة المعيشية الراقية.
اللافت أن صعود دبي في هذه القائمة جاء بوتيرة متسارعة خلال العقد الأخير. ففي عام 2015 لم تكن الإمارة ضمن المراتب الخمس الأولى، بل كانت خلف مدن مثل جنيف وفرانكفورت من حيث عدد الأثرياء وحجم الثروة القابلة للاستثمار. غير أن السياسات الاقتصادية المرنة، وتوسيع البنية التحتية، ونجاحها في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سرعت انتقالها إلى المراتب الأولى، لتتقدم تدريجيا حتى وصلت اليوم إلى المركز الرابع.
ويرى محللون أن هذه القفزة التاريخية تؤكد قدرة دبي على منافسة أعرق المراكز المالية العالمية، وأن استمرار السياسات الجاذبة لرؤوس الأموال قد يجعلها خلال عقدين «الوجهة الأغنى» في المنطقة و«الأكثر تأثيراً» في الخريطة الاقتصادية العالمية.
