في قلب دبي، وُلدت فكرة تطوير عدسات لاصقة ذكية تمزج بين الواقع الممتد والذكاء الاصطناعي، لتعيد تصور تجربة الإنسان مع التكنولوجيا، فبعد سنوات من البحث والتأمل أدرك مؤسسو «إكسبانسيو» XPANCEO أن الجيل القادم من الحوسبة يجب أن يكون غير مرئي، بديهياً، ومندمجاً بسلاسة في الحياة اليومية، ليصبح أداة تمد الإنسان بقدرات جديدة بدلاً من كونه مجرد جهاز يُرتدى على الوجه.

وقال رومان أكسلرود، المؤسس المشارك والشريك الإداري لشركة XPANCEO، في حوار خاص مع «البيان»: «اختيار دبي مقراً رئيسياً للشركة لم يكن مصادفة، حيث توفر الإمارة بيئة مثالية للشركات التكنولوجية العميقة، من دعم حكومي وبرامج تحفيزية إلى بنية تحتية متقدمة وموقع استراتيجي يسهل الوصول إلى الأسواق العالمية، بالنسبة لنا تمثل دبي منصة مثالية للتحرك بسرعة، وجذب المواهب العالمية، وتحويل الرؤى الطموحة إلى واقع ملموس».

الشركة الناشئة تتخذ من دبي مقراً لها، وأسسها كل من رومان أكسلرود، وشريكه الدكتور فالنتين فولكوف، خبير رائد في النانو - بصريات، والنانو - فوتونيات، وقد جمعت أخيراً 250 مليون دولار تمويلاً لتطوير عدسات لاصقة ذكية توفر الرؤية الليلية، وقدرات تكبير الصورة، وفحوصات صحية آنية.

وذكر أكسلرود: «تقدم عدسات XPANCEO الذكية واجهة رقمية غير مرئية مع قدرات استثنائية، من عرض المعلومات مباشرة على العين إلى المراقبة الصحية الدقيقة عبر دمج مستشعرات للجلوكوز، والهرمونات، والضغط الداخلي للعين، هذه التكنولوجيا لا تعد مجرد ابتكار في عالم الأجهزة القابلة للارتداء، بل خطوة نحو عصر جديد من الحوسبة المستقبلية، حيث تمتزج الحياة اليومية مع البيانات الرقمية بسلاسة غير مسبوقة».. وتالياً نص الحوار:

كيف وُلدت فكرة تطوير عدسات لاصقة ذكية تدمج تقنيات الواقع الممتد؟

قبل بضع سنوات، وبعد أن غادرت شركتي السابقة، أدركت أنني أريد أن أكرّس حياتي لشيء استثنائي حقاً، وأن أبتكر الجيل الجديد من الحوسبة، لطالما اعتقدت أن أجهزتنا الحالية تعيقنا، فإذا أردنا أن نتقدم كبشر، سواء من خلال استكشاف الفضاء الخارجي أو إطالة عمر الإنسان، فنحن بحاجة إلى قفزة تكنولوجية جذرية، تخيلت جهاز حوسبة يعمل بالذكاء الاصطناعي والواقع الممتد (XR)، يكون غير مرئي، وسلساً وطبيعياً (بديهياً) تماماً، ومندمجاً بسلاسة في الحياة اليومية.

قضيت أشهراً أفكر بجنون في شكل هذا المستقبل، كنت أعلم أن عليه أن يتمحور حول المستخدم بطريقة جديدة كلياً، لكن لم تتضح الصورة لي حتى تلك الليلة التي رأيت فيها صورة لفتاة ترتدي خوذة فضائية بعيون متوهجة بشكل لافت، كان ذلك لحظة الإلهام بالنسبة لي: الجيل الجديد من الحوسبة يجب أن يكون عدسة لاصقة، ومن هنا وُلدت رؤية XPANCEO.

ما الذي دفعكم لاختيار دبي مقراً رئيسياً للشركة؟

اخترنا دبي لأنها توفر مزيجاً نادراً من القيادة الرؤيوية والمزايا العملية والدعم القوي للابتكار. إن التزام الإمارات بالتقدم التكنولوجي يتناغم بعمق مع مهمتنا في دفع حدود الممكن، فقيادة الدولة تضع أهدافاً طموحة للمستقبل، وهذا النهج يلهمنا كل يوم.

إلى جانب ذلك، تمنح دبي بيئة مثالية لبناء شركة متخصصة في التكنولوجيا العميقة؛ بدءاً من الضرائب المنخفضة والبرامج الحكومية الداعمة للتطوير، وصولاً إلى البنية التحتية عالمية المستوى، وبالنسبة لفريقنا الدولي، فإن غياب ضريبة الدخل يعد ميزة مالية كبيرة تساعد في استقطاب أفضل المواهب ونقلها، كما أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لدبي يتيح لنا الوصول بكفاءة إلى الأسواق العالمية واستيراد المعدات المتخصصة التي نحتاج إليها.

باختصار، تمنحنا دبي الحرية والموارد والطاقة للتحرك بسرعة والتفكير على نطاق واسع، وهو بالضبط ما تحتاج إليه.

ما الميزات الرئيسية للعدسات مقارنة بالأجهزة القابلة للارتداء الحالية مثل النظارات الذكية؟

تهدف تقنيتنا إلى تقديم نهج مختلف تماماً للواقع المعزز والتفاعل الرقمي، بينما يقوم معظم المنافسين بصناعة نظارات ذكية وسماعات رأس ضخمة تواجه مشاكل مثل الوزن غير المرضي، وارتفاع درجة الحرارة، وقصر عمر البطارية، وضعف الرؤية في الهواء الطلق، يعالج نهجنا هذه التحديات من خلال وضع الشاشة مباشرة على العين، هذا التصميم لديه القدرة على تقليل استهلاك الطاقة بمعدل يتراوح بين 100 و300 مرة، وإلغاء الحواجز حول العين، وتوفير سطوع كامل في الهواء الطلق.

لقد ابتكرنا عدسات لاصقة ذكية فائقة النحافة ومرنة، تدمج وظائف قوية في شكل سلس وقابل للارتداء، كما تقوم العدسة الذكية بمراقبة مؤشرات صحية رئيسية، مثل الجلوكوز، والهرمونات، والفيتامينات من سائل الدموع، وتحتوي على مستشعر عالي التقنية لقياس ضغط العين الداخلي.

على عكس الأجهزة القابلة للارتداء التقليدية، توفر عدساتنا الذكية واجهة غير مرئية تماماً، مع إعادة تصور الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع المعلومات الرقمية، سواء لمساعدة رجال الإطفاء على التنقل في ظروف انعدام الرؤية، أو تمكين تتبع الجلوكوز بسهولة، أو تعزيز الحياة اليومية من خلال تجربة واقع معزز غامرة وخالية من استخدام اليدين.

ما أكبر تحدٍ في تصغير التكنولوجيا لتناسب داخل العين ومعالجة مصدر الطاقة المستدام للعدسات؟

أحد التحديات الرئيسية في تصغير العدسات الذكية هو إدخال مكونات ضوئية وإلكترونية معقدة، بما في ذلك ميكرو بروجيكتورات لتوليد الصور، وأجهزة استشعار حيوية لمراقبة الصحة، وإلكترونيات لإدارة الطاقة والاتصالات، في عدسة تكون رقيقة وشفافة وخفيفة الوزن مثل العدسة التقليدية لتصحيح النظر. المواد التقليدية والفيزياء التقليدية لم تكن كافية لتلبية هذه المتطلبات الصارمة، لذا اضطررنا لإعادة التفكير في الشكل الكامل للعدسة من الصفر.

الدكتور فالنتين فولكوف، خبير رائد في النانو - بصريات، والنانو - فوتونيات، الذي أسست معه الشركة، قمنا بتجميع فريق متميز من المهندسين والعلماء، منهم مصنف ضمن أفضل ثلاث شركات ناشئة في الفيزياء عالمياً بحسب Nature، مع أكثر من 110 منشورات علمية وتعاونات تشمل حاصلاً على جائزة نوبل.

بالنسبة للطاقة، تعتمد عدساتنا الذكية بشكل أساسي على ميكرو بطاريات صلبة مدمجة مباشرة فيها، مدعومة بهوائي مدمج يستقبل الطاقة لاسلكياً من جهاز مرافق طوال اليوم، هذا الجهاز المرافق يعمل كمركز حوسبي، يتولى معالجة البيانات الثقيلة التي لا يمكن للعدسات القيام بها بسبب حجمها، إضافة إلى ذلك، يقوم الجهاز بشحن الميكرو بطاريات بشكل دوري، ما يتيح التشغيل المستمر في الوقت الفعلي. الشحن الرئيسي يتم أثناء الليل، بينما ترتاح العدسات الذكية في علبة الجهاز المرافق، لتعاد شحن الميكرو بطاريات بالكامل.

كما ندرس خيارات إضافية لجمع الطاقة، مثل التقاط الطاقة الشمسية من الضوء المحيط، وبما أن عدساتنا الذكية تستهلك طاقة أقل بكثير من النظارات الذكية التقليدية، فإن هذا الشحن التكميلي يمكن أن يدعم الاستخدام طوال اليوم.

هل يمكنك شرح كيفية عمل ميزة المراقبة الصحية في الوقت الفعلي داخل العدسات؟

تم دمج أجهزة استشعار حيوية متقدمة مباشرة داخل العدسات لمراقبة مؤشرات صحية رئيسية بشكل مستمر وفي الوقت الفعلي من خلال تحليل سائل الدموع، تعمل هذه المستشعرات، بمساعدة جزيئات نانوية، على تضخيم إشارات العلامات الحيوية المهمة مثل الجلوكوز، والهرمونات، والفيتامينات، مثل B1 وB2 وB3 وD وE.

يتيح هذا التتبع المستمر وغير التدخلي للتغيرات في هذه العلامات الحيوية طوال اليوم، ما يوفر للمستخدمين رؤى فورية عن صحتهم الشخصية دون الحاجة لأجهزة ضخمة أو مزعجة، على سبيل المثال، تعتبر مراقبة الجلوكوز في الوقت الفعلي مهمة جداً لـ422 مليون شخص مصاب بالسكري، حيث تتيح لهم إدارة حالتهم بسهولة والكشف المبكر لمنع المضاعفات.

إضافة إلى ذلك، تقيس العدسات مستويات الرطوبة للمساعدة في الوقاية من متلازمة العين الجافة، التي تصيب 5% إلى 15% من سكان العالم. ميزة مهمة أخرى هي مستشعر ضغط العين الداخلي (IOP) المدمج، المصمم لإدارة مرض الجلوكوما، نمط بصري شبه غير مرئي على العدسة يتحرك ديناميكياً مع تغير ضغط العين، يمكن للمستخدمين ببساطة التقاط صورة سيلفي باستخدام تطبيق ذكي مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمسح هذا النمط والحصول على قراءات دقيقة وضبطية للضغط في الوقت الفعلي، هذه الميزة مهمة جداً، خصوصاً وأنه من المتوقع أن يصاب 111 مليون شخص بالجلوكوما عالمياً بحلول عام 2040، ونحو نصف الحالات تبقى غير مشخصة حتى يحدث فقدان كبير في الرؤية.

متى تتوقعون أن يكون الإصدار الأول جاهزاً للتجارب السريرية؟

نخطط لإجراء التجارب قبل السريرية للمكونات الفردية للعدسة الذكية هذا العام، مع جدولة اختبار العدسة الكاملة، بما في ذلك جميع الميزات، ليبدأ بحلول نهاية عام 2026، وحالياً نحن في مرحلة التفاوض مع عدة شركات أبحاث طبية (CROs) لإجراء دراسة تجريبية والاستعداد للتجارب قبل السريرية.

كيف تتعاملون مع تحديات الموافقات التنظيمية والطبية لمثل هذه الأجهزة المتقدمة؟

مع استعدادنا لبدء التجارب البشرية، تتعامل شركتنا مع العدسة الذكية أساساً كجهاز طبي وليس كأداة استهلاكية، وهذا يعني أننا نلتزم بمعايير تنظيمية صارمة، بما في ذلك التقييمات الشاملة للتوافق الحيوي والتحقق السريري، تماماً كما يتم اختبار الأدوية الصيدلانية، ستخضع العدسة لاختبارات واسعة لضمان سلامتها وفعاليتها، سيظل الالتزام الصارم وتركيزنا على سلامة المستخدم في المقدمة طوال كل مرحلة من مراحل التطوير.