أكدت وكالة «بلومبيرغ» أنه على الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية الأخيرة في المنطقة، إلا أن دولة الإمارات أثبتت مرة أخرى صلابتها الاقتصادية وقدرتها الفريدة على الحفاظ على الاستقرار وجاذبيتها الاستثمارية، حيث واصلت مراكز المال في دبي وأبوظبي نشاطها بشكل طبيعي.

وذكرت الوكالة في تقرير حديث لها أن الإمارات نجحت في تجاوز التوترات بثقة كبيرة ولم تتأثر بها على الإطلاق بفضل اقتصادها القوي، مشيرة إلى أهمية الإمارات على الساحة المالية العالمية كونها ملاذاً آمناً للمليارديرات الساعين إلى حماية ثرواتهم، إلى جانب كونها مركز جذب للبنوك الكبرى وصناديق التحوط.

وأضافت الوكالة: تاريخياً، استطاعت الإمارات أن تجذب رؤوس الأموال في كافة أوقات الأزمات التي مر بها العالم، وخاصة الأزمة الأوكرانية، وكذلك التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، والذي يعد، بحسب الوكالة، من أصعب الاختبارات لنهج الإمارات القائم على الحياد والانفتاح الاقتصادي.

وقالت الوكالة: في صباح الثلاثاء، وبعد ساعات فقط من قصف إيران لقاعدة أمريكية في قطر، عادت الأمور إلى طبيعتها في المراكز المالية لكل من دبي وأبوظبي. ونقلت عن أحد التنفيذيين في صناديق الثروة السيادية بأبوظبي تأكيده أن الصفقات والاستثمارات استمرت كالمعتاد، بل وتم تشجيع المديرين الأجانب على زيارة البلاد لعقد الاجتماعات التي لم تنقطع خلال الفترة الأخيرة.

تفاؤل مصرفي

وأضافت الوكالة: في دبي سارع المصرفيون إلى التعبير عن تفاؤلهم بقدرة الإمارات على تجاوز تداعيات التصعيد دون أية أضرار على الإطلاق. كما تواصل أبوظبي نشاطها الاستثماري بكثافة من خلال صندوقها السيادي الذي تبلغ قيمته 1.7 تريليون دولار، بينما تشهد سوق العقارات في دبي طفرة تاريخية، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 70% خلال أربع سنوات، مدفوعة بطلب عالمي واسع.

وأشارت الوكالة إلى أنه تاريخياً، استفادت دبي من الأزمات التي مرت بها المنطقة والعالم، كما حدث خلال الأزمة الأوكرانية حين تدفقت الاستثمارات الروسية إلى سوق العقارات. وأوضحت أن الطيران يعد قطاعاً محورياً في اقتصاد دبي، إذ يدعم نحو 27% من الناتج المحلي لدبي في 2023، بما يعادل 40 مليار دولار.

ونقلت الوكالة عن مركز دبي المالي أن المركز تواصل مع عدة شركات، وكلها أكدت أن أنشطتها استمرت بشكل طبيعي. كما نقلت الوكالة عن أكثر من 12 مصرفياً ومسؤولاً في صناديق تحوط وثروة سيادية قولهم إنهم لم يرصدوا أي مؤشرات على تأثر الاقتصاد.

وأشارت الوكالة إلى أن أسواق الأسهم المحلية تعافت سريعاً بعد انخفاضها الأولي مع اندلاع الضربات الإسرائيلية على إيران، بل وسجلت مستويات قياسية جديدة، حيث ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 3% مقارنة بما قبل اندلاع التوترات الاخيرة مسجلًا أعلى مستوى له منذ عام 2008، كما ارتفع مؤشر سوق أبوظبي بنسبة تفوق 1% ليصل إلى أعلى مستوى له منذ يناير الماضي، وكلا المؤشرين يتفوقان في الأداء على المؤشر العالمي الأوسع.

أسس قوية

من جهتها، أكدت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، أن الوضع آمن، واقتصاد الدولة يتمتع بأسس قوية، وبرامج التطوير الحكومي تبقى جاذبة، ونتوقع تدفقات متواصلة في رأس المال والسكان على المدى المتوسط.

واستطردت الوكالة: جاذبية الإمارات لا تقتصر على الاقتصاد، بل تمتد إلى سياساتها المرنة، مثل سهولة الحصول على التأشيرات، وانخفاض الضرائب، والموقع الزمني المناسب بين الشرق والغرب.

ويرى أحد المستشارين الإداريين أن الأوضاع الأخيرة أكدت مكانة الإمارات كوجهة آمنة. كما أكد مصرفيون يعملون على الطروحات الأولية أن جدول أعمال ما بعد الصيف لم يتأثر بالأزمة الأخيرة.

واختتمت «بلومبيرغ» قائلة: «تؤكد هذه المعطيات أن الإمارات تواصل تعزيز مكانتها العالمية كوجهة آمنة ومرنة للاستثمار والعمل، رغم التحديات المتغيرة في المنطقة، بفضل قدرتها على احتواء الأزمات بسرعة وحكمة، ودورها الفاعل في تعزيز الاستقرار».