قرار الرئيس الأمريكي الأول في تاريخ الاحتياطي
تصعيد كبير من ترامب بإقالة عضوة بالفيدرالي.. وكوك ترفض
انخفضت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت، أمس، بضغط من ارتفاع عوائد سندات الخزانة ذات الآجال الطويلة، وذلك بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة ليسا كوك من عضوية مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، ما جدد المخاوف إزاء استقلالية البنك.
وقد اتخذ الرئيس الأمريكي إجراء غير مسبوق بإقالة ليسا كوك، بسبب اتهامات تتعلق بمخالفات في رهنين عقاريين، ما أجج المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي، التي أثارت موجة تخارج من الأصول الأمريكية.
وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 45.6 نقطة بما يعادل 0.10% إلى 45236.83 نقطة.
وانخفض المؤشر ستاندرد اند بورز 500 منخفضاً 3.8 نقاط أو 0.06% إلى 6435.49 نقطة.
ونزل المؤشر ناسداك المجمع 5.7 نقاط أو 0.03% إلى 21443.631 نقطة.
السندات الأمريكية
وشهدت السندات الحكومية طويلة الأمد موجة بيعية، وسط مخاوف المستثمرين بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بعد إقالة عضوة مجلس محافظي البنك «ليسا كوك» من قبل رئيس البلاد «دونالد ترامب».
وارتفع عائد كل من السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 4.285%، في تمام الساعة 02:51 مساءً بتوقيت مكة المكرمة، ونظيرتها استحقاق 30 عاماً 0.029% عند 4.919%، بينما تراجع عائد نظيرتها لأجل عامين 0.023% عند 3.711%.
أوروبا
انخفضت الأسهم الأوروبية بضغط من الخسائر التي سجلتها الأسهم الفرنسية وسط تفاقم حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
وخلال التعاملات هبط مؤشر «كاك 40 الفرنسي» 1.4%، وتكبدت سندات البلاد خسائر في وقت يبدو فيه من المرجح بشكل متزايد أن تتم الإطاحة بحكومة الأقلية الشهر المقبل.
وقالت 3 من أحزاب المعارضة الرئيسية إنها لن تدعم تصويتاً على الثقة، أعلن رئيس الوزراء فرانسوا بايرو عزمه إجراءه في الثامن من سبتمبر، فيما يتعلق بخططه لإجراء تخفيضات واسعة في الميزانية.
ويجادل بايرو بضرورة تخفيضات في الميزانية بقيمة 44 مليار يورو (51 مليار دولار) لخفض العجز الفرنسي، الذي بلغ 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وتشمل مقترحاته تجميد الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية والشرائح الضريبية.
وهوى سهما بنكي بي.إن.بي باريبا وسوسيتيه جنرال الفرنسيين 6.2% و5.2% على الترتيب.
ونزل مؤشر ستوكس 600 الأوروبي الأوسع نطاقاً 0.7% مع تراجع جميع البورصات الرئيسية في المنطقة.
في غضون ذلك انخفض سهم بريتيش أمريكان توباكو 1.8% بعد أن قالت الشركة المصنعة لسجائر دنهل إن رئيستها المالية ثريا بنشيخ ستتنحى عن منصبها بأثر فوري بعد حوالي 15 شهراً في هذا المنصب.
اليابان
انخفضت مؤشرات الأسهم اليابانية مع تسجيل عائد السندات العشرية أعلى مستوى في 17 عاماً.
وتراجع مؤشر «نيكاي» بنسبة 0.95% عند إغلاق إلى 42394 نقطة، بعدما لامس 42137 نقطة، وهو أدنى مستوى في أسبوعين، وانخفض نظيره الأوسع نطاقاً «توبكس» بنسبة 1.1% عند 3071 نقطة.
ولامس العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات أعلى مستوى منذ أكتوبر 2008 عند 1.625%، فيما محت العملة الأمريكية خسائرها أمام نظيرتها اليابانية لتتداول عند 147.69 يناً خلال التعاملات بعدما تراجعت إلى 147 يناً.
كما تراجع سهم «فاست ريتيلنج»، المالكة للعلامة التجارية «يونيكلو»، 1.45%، وانخفض سهما «تويوتا موتور» و«هوندا موتور» بنسبة 1.4% و1.7% على التوالي، فيما هبط سهم «نيسان» 6.25% بعد إعلان «مرسيدس-بنز» خططها لبيع حصتها.
وقال رئيس «سوزوكي موتور» إن الشركة ستستثمر 700 مليار روبية (8 مليارات دولار) في الهند على مدى السنوات الخمس إلى الست المقبلة، لزيادة الإنتاج وإطلاق طرز جديدة، والدفاع عن حصتها السوقية في ثالث أكبر سوق للسيارات في العالم.
ضغوط ترامب
وقد زاد الرئيس دونالد ترامب ضغوطه على الاحتياط الفيدرالي الأمريكي بإعلانه إقالة العضو في مجلس حكامه ليسا كوك بمفعول فوري، في خطوة طعنت الأخيرة بشرعيتها، مؤكدة الاستمرار في منصبها.
وفي رسالة وقعها بخط يده على شبكته الاجتماعية «تروث سوشال» كتب ترامب إلى ليسا كوك، أول امرأة أمريكية سوداء تشغل منصب عضوة في مجلس الحكام، أنه «أمر بإقالتها بأثر فوري» للاشتباه باحتيالها في قضية رهن عقاري شخصي.
وفي الولايات المتحدة يتمتع الرئيس بصلاحيات محدودة لإقالة مسؤولي البنك المركزي. وكتب ترامب «لقد قررت أن هناك سبباً كافياً لإقالتك من منصبك». وذكرت محطة «سي إن إن» أنها المرة الأولى في تاريخ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي التي يقيل فيها رئيس أمريكي عضواً في مجلس الحكام.
من جهتها قالت ليسا كوك في بيان أرسله محاميها إلى وسائل إعلام أمريكية عدة: «تذرع الرئيس ترامب (بسبب وجيه) لإقالتي في حين أنه لا يوجد سبب قانوني لذلك، وليس لديه سلطة القيام بذلك».
وأضافت: «لا نية لدي للتنحي تحت الترهيب. وسأستمر في ممارسة مهامي لخدمة الاقتصاد الأمريكي كما فعلت منذ عام 2022».
وبهذا القرار يزيد الرئيس الجمهوري الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول الذي ينتقده لرفضه خفض أسعار الفائدة.
عينها الرئيس بايدن
الجمعة، أعلن ترامب نيته «إقالة» كوك إذا لم تستقل، في حين يتهمها مقرب من الرئيس بتزوير وثائق للحصول على قرض عقاري. عُينت ليسا كوك المساعدة السابقة لباراك أوباما (2009 - 2017)، في منصبها عام 2022 من قبل الرئيس الديمقراطي جو بايدن (2021 - 2025) وتتعرض لضغوط من البيت الأبيض منذ أيام عدة.
فقد اتهمها بيل بولت رئيس الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان (FHFA) الذي عينه ترامب، بـ«تزوير وثائق مصرفية وسجلات عقارية لضمان شروط مواتية» للحصول على قرضين عقاريين، وفق وكالة بلومبرغ.
وبعد اتهامها بالتصريح عن مسكنين رئيسين، أحدهما في ميشيغن (شمال) والآخر في جورجيا (جنوب)، أكدت كوك الأسبوع الماضي في بيان لوكالة فرانس برس أنها حصلت على قرضها قبل انضمامها إلى الاحتياطي الفيدرالي.
ورفض الاحتياطي الفيدرالي التعليق على إعلان الرئيس.
في رسالته، اتهم ترامب كوك بالانخراط في «سلوك يُظهر -على أقل تقدير- إهمالاً جسيماً في المعاملات المالية، ما يثير تساؤلات حول كفاءتها وموثوقيتها كونها جهة تنظيمية مالية».
يُرجح أن يتم الاعتراض على قرار دونالد ترامب سريعاً أمام القضاء ما سيسمح لكوك بالبقاء في منصبها خلال هذا الإجراء.
ونقل الإعلام الأمريكي عن أبي ديفيد لويل محامي كوك قوله «سنتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع هذه المحاولة غير القانونية».
ووصفت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وورن الأمر بأنه «استيلاء استبدادي على السلطة ينتهك قانون الاحتياطي الفيدرالي بشكل صارخ».
منذ أسابيع يهاجم الرئيس الجمهوري المحافظ جيروم باول بانتظام.
وأبدى الأخير، الجمعة، انفتاحه لخفض أسعار الفائدة مستقبلاً، لدعم التوظيف في ضوء تدهور «سريع» محتمل في سوق العمل. وتتمثل مهمة الاحتياطي الفيدرالي في تحديد أسعار الفائدة بما يضمن استقرار معدل التضخم (نحو 2%) وضمان التوظيف الكامل.
لكن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ أبريل أسهمت في زعزعة استقرار الاقتصاد.
ورأى الرئيس الأمريكي أن قرار باول جاء «متأخراً جداً» لأنه كان ينبغي عليه خفض أسعار الفائدة «قبل عام» رغم ضغوط التضخم.
واستغل ترامب استقالة مسؤولة أخرى في الاحتياطي الفيدرالي لتعيين أحد مستشاريه المقربين ستيفن ميران قبل التجديد المقرر للمنصب في نهاية يناير. ويجب أن يُصادق على هذا التعيين مجلس الشيوخ ذو الغالبية الجمهورية.
