شهدت الأسواق العالمية في الأسبوع الأخير تقلبات حادة، إذ تعرضت مؤشرات الأسهم لضغوط قوية، جراء جولة جديدة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نطاق واسع، لتعيد أجواء الحرب التجارية إلى الواجهة، وبما أصاب الأسواق باضطرابات جماعية، وسط تزايد المخاوف من انعكاسات أوسع على حركة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد.

جاءت هذه الضغوط، متزامنة مع صدور بيانات اقتصادية أمريكية مربكة، لا سيما تقرير الوظائف الضعيف الصادر بنهاية الأسبوع، ما أثار تساؤلات حادة حول متانة الاقتصاد الأمريكي، في ظل تشديد السياسات التجارية وتداعياتها المحتملة على الاستهلاك والاستثمار.

وقد ألقى هذا الضعف بظلال ثقيلة على معنويات المستثمرين، ودفع إلى موجات بيع واسعة، خصوصاً في أسهم التكنولوجيا، التي كانت محركاً رئيساً للصعود في الأشهر الماضية.

وبينما سجلت المؤشرات الأمريكية خسائر أسبوعية، هي الأشد منذ عدة أشهر، شهدت أوروبا تراجعات جماعية حادة، نتيجة استمرار حالة عدم اليقين، كما أغلقت الأسواق اليابانية على انخفاض، رغم بعض المكاسب الشهرية المحدودة.

وعلى صعيد السلع، ورغم الضغوط اللحظية على النفط والذهب بنهاية الأسبوع، حافظت أسعار الخام على مكاسب أسبوعية وشهرية، تعكس استمرار حالة الترقب في الأسواق العالمية، أمام خليط من التوترات التجارية، وضعف البيانات الاقتصادية. بينما سجل المعدن النفيس مكاسب أسبوعية وخسائر شهرية محدودة.

صعود وهبوط

وسجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية خسائر أسبوعية، تحت ضغط رسوم ترامب الجمركية المحدثة، وأحدث البيانات الاقتصادية، لا سيما تقرير الوظائف الضعيف، الصادر بنهاية الأسبوع.

ويوم الخميس، وقّع الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً، يفرض رسوماً جمركية تتراوح بين 10 و41 % على الواردات الأمريكية من عشرات الدول، ستدخل حيز التنفيذ في السابع من أغسطس، باستثناء كندا، التي تطبّق عليها الرسوم فورياً.

وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أسوأ أداء أسبوعي منذ 23 يوليو، ليتراجع بنسبة 2.4 % خلال الأسبوع، منهياً التعاملات عند مستوى 6,238.01 نقطة، مقارنة مع مستوى 6,388.64 نقطة الأسبوع الماضي. بينما سجل المؤشر مكاسب شهرية (للشهر الثالث على التوالي)، بأكثر من 2 % في يوليو.

كما سجل مؤشر داو جونز الصناعي أسوأ أداء أسبوعي منذ الرابع من أبريل، متراجعاً بنحو 2.9 %، لينهي التعاملات عند 43,588.58 نقطة، مقابل 44,901.92 نقطة الأسبوع الماضي. فيما سجل أداءً مستقراً في شهر يوليو.

أما مؤشر ناسداك المركب، فقد أنهى تعاملات الأسبوع عند مستوى 20,650.13 نقطة، مقارنة مع 21,108.3 نقطة الأسبوع الماضي، بتراجع 2.2 %. فيما سجل مكاسب شهرية (للشهر الرابع على التوالي)، بنسبة 3.7 % تقريباً.

وشهدت أسهم التكنولوجيا -التي أعلنت بعضها نتائج أعمالها خلال الأسبوع- موجة بيع بنهاية الأسبوع، تحت ضغط من حالة عدم اليقين، بشأن الأداء الاقتصادي بالولايات المتحدة، بعد بيانات الوظائف الأخيرة. وأبقى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يوم الأربعاء، معدلات الفائدة من دون تغيير، وذلك للمرة الخامسة على التوالي. وهو القرار الذي اعترض عليه اثنان من محافظي المصرف المركزي، كانا يأملان بخفض هذه المعدلات.

وتحت وطأة عمليات البيع الأسبوع في السوق، سجلت أسهم أمازون تراجعاً أسبوعياً بنسبة 7.21 %. وعلى الرغم من إعلان الشركة عن نتائج أعمال أفضل من المتوقع بالنسبة للإيرادات والأرباح، فإنها أصدرت توقعات ضعيفة للدخل التشغيلي.

أما بالنسبة لأسهم أبل، فقد سجلت انخفاضاً أسبوعياً بأكثر من 5 %. وتراجعت أسهم تسلا بأكثر من 4 %. بينما قفزت أسهم «ميتا» بأكثر من 5 %، واستقرت أسهم إنفيديا نسبياً خلال الأسبوع.

وشهد الأسبوع تجاوز أسهم «مايكروسوفت» للمرة الأولى حاجز الأربعة تريليونات دولار، لتلحق بعملاق الرقائق الإلكترونية «إنفيديا»، قبل أن تتراجع الأولى إلى ما دون الأربعة تريليونات لاحقاً، محتلة المركز الثاني بـ 3.895 تريليونات دولار، في قائمة أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية، خلفاً لإنفيديا صاحبة المركز الأول بـ 4.236 تريليونات، وفق بيانات companiesmarketcap، التي تُظهر استقرار أبل في المركز الثالث بـ 3.022 تريليونات دولار، وألفابيت رابعاً بـ 2.290 تريليون دولار.

خسائر حادة

وفي أوروبا، سجلت مؤشرات الأسهم بالأسواق الرئيسة تراجعات جماعية حادة، على إثر فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معدلات رسوم جمركية جديدة على جميع أنحاء العالم.

التراجعات -التي جاءت بعد اتفاق تجاري إطاري مثير للجدل، أبرمته المفوضة الأوروبية مع الرئيس ترامب هذا الأسبوع- تعكس تواصل حالة عدم اليقين التي تضرب الأسواق، جراء حرب التعرفات الجمركية التي يشنها الرئيس ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي.

سجل المؤشر الأوروبي «ستوكس 600»، خسائر أسبوعية بأكثر من 2.5 % (في أكبر تراجع أسبوعي منذ أبريل الماضي)، منهياً تعاملات أغسطس عند مستوى 536.20 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع السابق عند النقطة 550.21.

وبالنسبة لأكبر اقتصاد في أوروبا، فقد انخفض مؤشر «داكس الألماني» بأكثر من 3 % -وفق حسابات «البيان»- هذا الأسبوع، بعد أن هبط إلى 23,471.81 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع السابق، المُنتهي في 25 يوليو، عند مستوى 24,233.08 نقطة.

كذلك تراجع مؤشر «كاك الفرنسي» بنحو 3.7 %، إلى مستوى 7,546.16 نقطة، مقارنة مع إغلاق الأسبوع الماضي عند النقطة 7,834.58. وتراجع مؤشر فوتسي البريطاني على نحو أقل، مقارنة بالمؤشرات الأوروبية الرئيسة الأخرى، إلى النقطة 9,068.58، مقابل 9,120.31 نقطة الأسبوع الماضي، وبانخفاض نسبته 0.57 %.

محصلة حمراء

وفي طوكيو، تكبدت الأسهم اليابانية خسائر أسبوعية، إذ انخفض مؤشر نيكاي بنحو 1.58 %، منهياً التعاملات عند مستوى 40,799.60 نقطة، مقارنة مع مستوى إغلاق الأسبوع الماضي عند 41,456.23 نقطة.

ويشار إلى أن المؤشر خلال تعاملات يوليو، سجل مكاسب شهرية بأكثر من 1 %، بعدما تم التوصل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في 23 يوليو.

مكاسب أسبوعية وشهرية

وعلى صعيد آخر، وبالنسبة لأسعار النفط، فعلى الرغم من الخسائر التي مُنيت بها بجلسة نهاية الأسبوع، تحت ضغط من بيانات الوظائف الأمريكية الضعيفة، والأنباء المرتبطة بزيادة محتملة في إنتاج تحالف (أوبك+)، إلا أنها سجلت مكاسب أسبوعية.

وارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنسبة 3.33 % -وفق حسابات «البيان»- لتسجل عند تسوية الجمعة 67.33 دولاراً للبرميل، مقابل 65.16 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي.

كما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.86 %، عند 69.67 دولاراً للبرميل، مقابل 68.4 دولاراً للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي.

وعلى صعيد الأداء الشهري عن شهر يوليو، فقد سجلت العقود الآجلة للخام الأمريكي ارتفاعاً بنحو 8.5 % تقريباً.

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت زيادة شهرية بنحو 8.6 %. وإلى ذلك، سجل الذهب أداءً مستقراً نسبياً خلال تعاملات الأسبوع، منهياً التعاملات عند مستوى 3,359 دولاراً للأونصة، بمكاسب أسبوعية في حدود 0.2 %.

أما عن أداء المعدن النفيس في شهر يوليو، فقد سجل خسائر شهرية في نطاق 0.4 %، أو نحو 14 دولاراً، مقارنة بمستويات شهر يونيو.