تُعد أبراج مارينا باي ساندز في سنغافورة أكثر من مجرد معلم معماري؛ إنها أيقونة اقتصادية، ومحرك سياحي يدرّ مليارات الدولارات سنوياً.
لسنوات، كانت معادلة نجاحها واضحة ومثالية: ثلاث ناطحات سحاب متصلة بجسر سماوي، تخلق تجربة فريدة وتجذب ملايين الزوار.
ولكن، يبدو أن قواعد اللعبة على وشك أن تتغير، ففي رهان جديد تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، قررت إدارة المنتجع إضافة برج رابع، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً.
فهل يمكن إضافة عنصر جديد إلى تحفة فنية ناجحة دون المساس بقيمتها الجمالية والتجارية؟ أم أن هذا المشروع يمثل مقامرة عالية المخاطر قد تلوث جمال الأيقونة وتزعزع عرشها كأحد أكثر المباني ربحاً في العالم؟
رمز وطني
منذ افتتاحه في عام 2011، منح منتجع مارينا باي ساندز مدينة سنغافورة أحد أشهر معالمها في آسيا، وذلك بفضل تصميم أبراجه الثلاثة التي ترتفع إلى 650 قدماً وترتبط ببعضها عبر جسر سماوي على شكل قارب، بالإضافة إلى مسبحه اللامتناهي الشهير على "إنستغرام".
لذلك، عندما دُعي المهندس المعماري موشيه صفدي، المصمم الأصلي للمنتجع، لتصميم برج رابع جديد للموقع، كانت الرسالة التي تلقاها من حكومة البلاد واضحة: "لا تعبث برمز وطني".
وقد أكدت وكالة التخطيط العمراني في البلاد مراراً أن البرج "أيقونة وطنية، وشعب سنغافورة يحبه، ولا يمكننا فعل أي شيء من شأنه أن يضر به".
في تصريح سابق لــ وكالة الأنباء الشرقية، سنغافورة، أكد صفدي، البالغ من العمر 87 عاماً، أنه لم يفكر في فكرة تمديد الجسر السماوي ليتقاطع مع البرج الرابع إلا "لبضع دقائق".
وبدلاً من ذلك، سيكون ناطحة سحابته الجديدة المكونة من 55 طابقاً، والتي بدأت أعمال بنائها يوم الثلاثاء، منفصلة عن جيرانها المشهورين في قطعة أرض مجاورة.
وأوضح صفدي أن ربط الأبراج "كان سيضر بالمخطط القائم، ويبدو غير حكيم"، مشبهاً ناطحة السحاب الجديدة بنقطة في نهاية علامة تعجب.
وأضاف: "كان ذلك سيبدو مجرد تكرار لنفس الشيء، بينما نحن كنا نريد حقاً أن نبتكر شيئاً جديداً".
وتُعد خطة التوسعة التي تبلغ تكلفتها 8 مليارات دولار شهادة على النجاح التجاري لمنتجع "مارينا باي ساندز"، الذي يضم فندقاً ومركزاً للتسوق ومركزاً للمؤتمرات وواحداً من كازينوهين مرخصين فقط في هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.
38 مليون زائر
وقالت شركة الضيافة الأمريكية العملاقة، "لاس فيغاس ساندز"، إن المنتجع استقطب 38 مليون زائر و2.19 مليار دولار سنغافوري (1.7 مليار دولار أمريكي) من الإنفاق التجاري في العام الماضي وحده.
سيعمل البرج الجديد على زيادة سعة الفندق بـ 570 جناحاً، مع إضافة المزيد من المتاجر الفاخرة ومساحات الاجتماعات وتصميم مرفق ترفيهي مجاور للموقع.
وعندما كشف صفدي عن الخطط الأولية للتوسعة في عام 2019، كان هذا المرفق الترفيهي الذي يتسع لـ 15 ألف شخص يقع في الجانب البعيد من البرج الرابع.
ولكن قبل عام تقريباً، ومع توقف العمل بسبب تأخيرات متعلقة بـ "كوفيد-19"، اقترح المهندس المعماري "قلب" المخطط، ليصبح المرفق الترفيهي بين ناطحة السحاب الجديدة والأبراج الثلاثة الأصلية، مما يزيد المسافة بينها.
ويؤكد صفدي أن "المبنيين يبدوان مرتبطين، إنهما من نفس العائلة"، مشيراً إلى أن سقف المبنى الجديد الذي يشبه القارب، والذي أُطلق عليه اسم "سكاي لوب" (Skyloop)، يذكر بالسقف الأيقوني للمبنى الأصلي.
إلا أن التصميم النهائي قوبل بآراء متباينة بين مستخدمي الإنترنت في سنغافورة. ففي منصة "ريديت"، وُصف البرج الجديد بأنه "في غير محله" و"بارز بشكل غريب"، وشبهه البعض بـ "جهاز ضخم لإزالة الرطوبة" أو "شخص رابع يتلصص" بجانب جيرانه الثلاثة.
