في منطقة صناعية غير معروفة على أطراف لندن، تتكدس حافلات الشرطة والشاحنات الخالية أمام حركة المرور المعتادة خلال وقت الغداء، في مشهد يعكس حجم الحملة الأمنية المكثفة التي تستهدف مكافحة تجارة الدمى المقلدة من نوع لابوبو، التي أصبحت حديثًا عالميًا على منصات التواصل الاجتماعي وفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي".
بدأت التحقيقات عندما أبلغت السلطات عن وجود مخزن سري مليء بآلاف النسخ المقلدة من دمى لابوبو، وهي الدمى الناعمة ذات الشكل الماكر التي اكتسبت شعبية هائلة بين الأطفال والكبار، خاصةً بعد انتشارها الواسع على منصة تيك توك.
وفقًا لمصادر رسمية، فإن التحقيق بدأ من متجر صغير في "سوانزي"، على بعد حوالي 200 ميل من لندن، حيث اكتشف الضباط وجود كميات هائلة من المنتجات المقلدة.
وبعد تتبع مصدرها، تبين أن عمليات التزوير تستهدف استغلال الطلب المتزايد على الدمى الأصلية، التي أصبحت رمزًا للموضة والتسلية، خاصةً مع انتشار مقاطع فيديو تظهر الأطفال والكبار وهم يطالبون بالحصول عليها.
ساعدت شعبية دمى لابوبو شركة "بوب مارت"، الشركة الأم، على مضاعفة إيراداتها إلى أكثر من الضعف، حيث بلغت 1.33 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل حوالي 1.81 مليار دولار) في العام الماضي، وفقًا لتقارير "فوربس".
وتقول الشركة إن الدمى أصبحت واحدة من أكثر الألعاب طلبًا، حيث يطلبها الأطفال بشكل خاص، لكن بعض البالغين أيضًا يحرصون على شرائها، حتى لو تطلب الأمر الانتظار لساعات أو السفر لمسافات طويلة لضمان الحصول على نسخة أصلية.
لكن التحذيرات تتزايد حول خطورة المنتجات المقلدة، خاصةً مع استخدام مواد خطرة في صناعتها. وفقًا لمكتب الملكية الفكرية البريطاني، فإن العديد من المنتجات المقلدة، بما في ذلك دمى لابوبو، تُصنع باستخدام مواد غير مرغوب فيها، بما في ذلك مواد سامة وملوثة، وأجزاء صغيرة غير آمنة، مما يهدد صحة الأطفال.
تقول كيت كافيري، نائب مدير الاستخبارات في المكتب، إن التزوير هو ثاني أكبر مصدر للدخل الإجرامي عالمياً، بعد تجارة المخدرات، وأن هذه الجماعات الإجرامية تتبع أحدث الاتجاهات وتستغلها لتحقيق أرباح غير مشروعة، بغض النظر عن سلامة المستهلكين.
وتؤكد أن المزاعم القائلة بأن المنتجات المقلدة تُصنع في نفس المصانع التي تصنع الأصلية، أو باستخدام مواد مماثلة، غير صحيحة على الإطلاق. وتوضح أن المنتجات المقلدة يمكن أن تُصنع من أي مادة، بما فيها البلاستيك السام، والمواد الكيميائية الملوثة، والأجزاء الصغيرة غير الملحومة بشكل جيد، التي قد تسبب الاختناق أو التسمم.
تشير التحليلات إلى أن غالبية المنتجات المقلدة، بما في ذلك دمى لابوبو، تأتي من الصين، وهونغ كونغ، وتركيا، حيث تتوفر مصانع سرية تستخدم موادًا محظورة، وتنتج سلعًا بأسعار منخفضة جدًا، مع تغليف رخيص لا يعكس الجودة الأصلية، مما يجعلها أكثر جذبًا للمستهلكين غير الحذرين.
بالإضافة إلى المخاطر الصحية، فإن التصنيع غير القانوني يتسبب في تلوث بيئي كبير، حيث تُستخدم مواد كيميائية سامة في صناعة المنتجات المقلدة، وتُهدر الموارد بشكل غير مسؤول.
وتُذكر تقارير أن بعض الدمى المقلدة تحتوي على مواد كانت مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان، وفقًا لدراسات أجرتها منظمات صحية دولية.
على منصات مثل eBay، وVinted، وDepop، يبيع بعض البائعين نسخًا مقلدة بشكل غير قانوني، غالبًا بدعم من روبوتات تشتري كميات ضخمة خلال ثوانٍ، ثم يعيدون بيعها بأسعار أعلى. تقول إحدى المستخدمين، ميج غولدبرغر، وهي من هواة جمع الألعاب، إنها قضت ساعات طويلة في انتظار إطلاق دمى لابوبو على تيك توك، وتابعت: "كانت تنفد خلال ثوانٍ، وكنت أبحث عن طرق لشرائها بشكل قانوني، لكن الأمر كان صعبًا جدًا."
تقوم قوات الحدود البريطانية بمجهودات كبيرة منذ أشهر، حيث صادرت مئات الآلاف من المنتجات المقلدة من موانئ المملكة المتحدة، وأكدت مصادر رسمية أن الأمر يمثل أزمة وطنية تتطلب إجراءات صارمة، بما يشمل تتبع سلاسل التوريد ووقف مصدر التهريب.
ويُذكر أن شركة "بوب مارت" قد طُلب منها التعليق على الحملة، إلا أن التحقيقات مستمرة، مع التركيز على تصنيف المنتجات المزيفة كتهديدات صحية وأمنية، والعمل على تقليل انتشارها في السوق.
