«حكومة دبي تسبق القطاع الخاص في طموحاته».. جملة كررها العديد من مديري شركات السيارات في دولة الإمارات، معبرين عن امتنانهم للعمل في بيئة تنافسية تسابق الزمن في تسهيل خدمات القطاع الخاص وتلبية طموحاته. فقد جاءت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في يوليو من العام الماضي بإنشاء «سوق دبي للسيارات»، ليكون السوق الأكبر والأفضل من نوعه في العالم، بمثابة تأكيد جديد على مضي دبي في ترسيخ مكانتها إحدى أهم مدن العالم وأكثرها نمواً في مجال تجارة السيارات. وفي نوفمبر الماضي، وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، شهد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، إطلاق المشروع على مساحة 22 مليون قدم مربعة.

مبادرة طموحة

ويعد مشروع «سوق دبي للسيارات» مبادرة طموحة تهدف إلى تأسيس مركز عالمي متكامل لتجارة السيارات بمختلف أنواعها — الجديدة والمستعملة والكهربائية والهجينة والتقليدية — ضمن منصة واحدة ضخمة تمتد على مساحة هائلة وتقود مستقبل قطاع السيارات في المنطقة والعالم. هذا المشروع الضخم يعكس رؤية دبي الاقتصادية الطموحة ضمن أجندة دبي الاقتصادية D33 والتي تسعى إلى مضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2033، وترسيخ مكانة الإمارة واحدة من أبرز مراكز التجارة العالمية.

ويمتد «سوق دبي للسيارات» على مساحة تقدر بـ 22 مليون قدم مربعة، ما يجعله من أكبر المشاريع التجارية في العالم المخصصة للسيارات، حيث يتفوق في المساحة والكفاءة على الأسواق التقليدية في مناطق أخرى.

ويتكون السوق من منظومة متكاملة من المرافق والخدمات تشمل: أكثر من 1500 صالة عرض تحتضن أنواعاً مختلفة من السيارات بمختلف العلامات التجارية، وورش عمل متخصصة لتقديم خدمات الصيانة والتعديل، ومستودعات ضخمة لتخزين المركبات، ومواقف متعددة الطوابق تستوعب أعداداً هائلة من السيارات، ومركز مؤتمرات ومساحات للفعاليات والمعارض الدولية، وفنادق ومناطق ترفيهية ومطاعم ومقاهي ومتاجر تجزئة لخدمة الزوار والتجار، ومنشآت جمركية لتسهيل التخليص والاستيراد والتصدير داخل الموقع نفسه، كل ذلك يجعل هذا السوق وجهة متكاملة تلبي جميع احتياجات عشاق السيارات والتجار والمستثمرين في مكان واحد. وصُمم «سوق دبي للسيارات» ليستوعب أكثر من 800.000 سيارة سنوياً من مختلف الفئات (جديدة، مستعملة، تقليدية، كهربائية وهجينة)، ما يجعله من أكبر المنصات على مستوى العالم من حيث حركة السيارات والتجارة.

ويسهم هذا المشروع في زيادة حجم تجارة السيارات في الإمارات وزيادة صافي المبيعات والإعادة إلى التصدير، وهي عمليات يتوقع أن تتضاعف بحلول 2030، وجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الخدمات اللوجستية، التمويل، التأمين، العرض والطلب التجاري، وخلق فرص عمل جديدة في مجالات متعددة تشمل المبيعات، الخدمات الفنية، الضيافة، والخدمات اللوجستية، ودعم شركات السيارات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب في الوصول إلى قاعدة متعاملين عالمية. كما يعد المشروع رافعة لمحاور اقتصادية أخرى في دبي ترتبط بالسياحة والتجزئة والخدمات، ما يعزز من التنوع الاقتصادي للإمارة.

أسواق رئيسية

ويعتمد «سوق دبي للسيارات» بشكل كبير على شبكة «موانئ دبي العالمية»، والتي تدير 77 ميناء و15 مركزاً عالمياً لنقل وشحن السيارات عبر العالم، وتستحوذ حالياً على نحو 10% من تجارة السيارات العالمية. ومن خلال هذه الشبكة، يتم وصل سوق دبي للسيارات بالأسواق الرئيسية في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، ما يسهّل التبادل التجاري والاستيراد والتصدير للسيارات بمختلف أنواعها عبر قارات متعددة.

وتعد دبي بالفعل من أكبر أسواق السيارات المستعملة في الخليج والمنطقة، حيث يشهد هذا القطاع نشاطاً تجارياً مكثفاً يشمل سيارات متنوعة بأسعار منافسة. ومن خلال السوق الجديد، ستتوسع هذه التجارة لتشمل المزيد من الشبكات التجارية، ومنصات البيع الحديثة، وخدمات ما بعد البيع بصورة متقدمة، كما يشمل السوق الدعم الكامل لتجارة السيارات الكهربائية والهجينة، ما يجعل دبي منصة مهمة في تحول صناعة السيارات نحو الطاقة النظيفة والمستدامة. ويواكب السوق التوجهات العالمية نحو خفض الانبعاثات، وتشجيع تبني المركبات الصديقة للبيئة، كما يوفر فرصاً جديدة لمصنعي هذه الأنواع من السيارات تستفيد من المنصة الضخمة.

ويحتوي «سوق دبي للسيارات» على مساحات لمعارض وفعاليات دولية تجمع مستثمرين تجاراً وعشاق السيارات من أنحاء العالم، هذه الفعاليات تشمل: معارض تجارية عالمية، ومزادات سيارات دولية، ومؤتمرات متخصصة في التكنولوجيا والسيارات، وعروض سيارات مستقبلية وتقنيات جديدة، فمثل هذه الفعاليات تحول السوق إلى وجهة جذب سياحي وتجاري في آن واحد، وتضع دبي على خريطة الأحداث العالمية في قطاع السيارات.

ركيزة استراتيجية

وقال حسام بغدادي، المدير التنفيذي للعمليات في «العربية للسيارات»: تعد مبادرة سوق دبي للسيارات نقلة نوعية في قطاع السيارات. يمتد المشروع على أكثر من 20 مليون قدم مربعة ويرتبط بـ 77 ميناء حول العالم عبر شبكة موانئ دبي العالمية، ما يرسخ مكانة دبي أكبر سوق سيارات متكامل على مستوى العالم.

وأضاف: نرى في هذا المشروع ركيزة استراتيجية تعزز الشفافية، وتسهل الإجراءات التنظيمية، وترسخ ثقة المستثمرين، كما ينسجم مع أهداف أجندة دبي الاقتصادية D33، خصوصاً في مجالات التنويع الاقتصادي وترسيخ دور دبي مركزاً عالمياً للتجارة والتنقل. ونحن على يقين بأن هذا التطوير سيسهم في تسريع نمو القطاع، ويفتح آفاقاً واسعة أمام المستثمرين والجهات المعنية محلياً ودولياً.

من جهته، أكد زاهر صباغ، مدير «شيري» الإمارات، أن اقتصاد الدولة خير شاهد على رؤية القيادة الرشيدة التي تشكل ملامح النمو في القطاعات الاستراتيجية، وفي مقدمة ذلك مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، المتمثلة في تطوير «سوق دبي للسيارات»، بالشراكة بين بلدية دبي وموانئ دبي العالمية، ليكون أكبر وأفضل سوق في العالم، ما يسهم في ترسيخ مكانة دبي واحدة من أهم مدن العالم وأكثرها نمواً في مجال تجارة السيارات.

وقال إن «سوق دبي للسيارات» سوف يغير مشهد قطاع السيارات، ليس في المنطقة وحدها، بل في عالم صناعة وتجارة السيارات ككل. وأضاف أن إطلاق المشروع يعني رؤية استراتيجية لقيادة الإمارات، ليست فقط لعام أو عامين، بل هي تستشرف مستقبل القطاع لسنوات ممتدة، وأكد أن اسم دبي وحده يعتبر علامة عالمية مرموقة، ومن هذا المنطلق، فإن أي شخص في العالم يقول إنه اشترى سيارة من دبي، فهذا بحد ذاته له دلالة مختلفة ومرموقة، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تستهدف إحداث تحول كامل في مشهد إعادة التصدير والبيع في السوق المحلي، وهو أمر يهم كلاً من الموزعين والوكلاء والموردين.

السوق الأهم

وأكد الدكتور أندرياس سكاف، مدير مجموعة «البطحاء للسيارات»، أن دبي نجحت بجدارة في ترسيخ مكانتها ضمن أهم أسواق السيارات في منطقة الشرق الأوسط، متوقعاً أنه بعد الانتهاء من «سوق دبي للسيارات» سوف تكون الإمارة مركزاً عالمياً لتجارة السيارات. وقال إن سوق السيارات في دبي يحقق مستويات نمو كبيرة، متوقعاً أن تتضاعف نسب النمو بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة بفضل البيئة الحكومية الداعمة للقطاع.

وأضاف، إن «سوق دبي للسيارات» سوف يسهم بشكل كبير في ترسيخ مكانة دبي العالمية في تجارة السيارات، باعتبار أنه سيكون الأضخم من نوعه على مستوى العالم. وتابع: سوق دبي، بشكل خاص، والإمارات على وجه العموم، مهم جداً لنا كعلامة تجارية، وتعد من أهم الأسواق لمنتجاتنا.

من جانبه، توقع هشام الصحن، مدير عام شركة «إنتر إيميريتس موتورز»، الوكيل الرسمي لسيارات «إم جي» في الإمارات، أداء استثنائياً لقطاع السيارات في الإمارات خلال العام الجاري بفضل مبادرات الدولة في دعم القطاع، وهي مبادرات لا تتوقف. وقال إن قطاع السيارات في الإمارات شهد انتعاشاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مدعوماً بالسياسات الحكومية، كما يعد من أهم القطاعات الاقتصادية في الدولة، حيث يسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي ويعكس التطور الحضاري الذي تشهده دبي.

وأشار إلى توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بتطوير «سوق دبي للسيارات»، وقال إنه سيمكن دبي والإمارات من أن تصبح أكبر وأفضل سوق في العالم في القطاع. ولفت إلى التغيرات الجذرية التي شهدها القطاع على مدى السنوات الماضية، خصوصاً بعد دخول السيارات الكهربائية، ولا سيما الصينية والتي لاقت قبولاً كبيراً من المتعاملين في الإمارات.

مرحلة تحول سريع

وأكد لوكاس بيليو، مدير عام شركة «الفطيم للتنقل الكهربائي»، أن قطاع السيارات في دبي يدخل مرحلة تحول سريع مدفوعة بالاتجاه نحو السيارات الكهربائية والرقمنة والبنية التحتية التجارية المتقدمة. وقال إننا نتوقع تسارعاً كبيراً في قطاع السيارات الكهربائية، كما نتوقع تكاملاً أكبر لحلول التنقل الذكي، وتحولاً نحو تجارب المتعاملين القائمة على البيانات، مؤكداً أن دبي ترسخ مكانتها مركزاً عالمياً للسيارات والتنقل.

وقال لوكاس بيليو: يعد إطلاق «سوق دبي للسيارات» نقلة نوعية، فهو يركز على التجارة والتفتيش والاعتماد والتمويل، ويربط الإمارات بالأسواق الرئيسية في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

وقال جاك برنت، المدير الإداري لعلامتي «الفطيم تويوتا» و«الفطيم لكزس» في الإمارات: بالطبع، هذه مبادرة رائعة من سموه لتطوير هذا السوق. كما تعلمون أو كما قد يعرف الكثير منكم، نحن نبيع نحو 350 ألف مركبة داخل الإمارات كل عام على الأقل خلال العامين الماضيين، لكن هناك عدداً أكبر من المركبات يمر عبر الدولة، حيث تتحرك داخلة وخارجة من السوق، فكثير منها يُستخدم فعلياً مركزاً للتجارة على مستوى المنطقة وللشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، بما في ذلك الأسواق الأوسع في أفريقيا، وهذا يمنحنا القدرة، داخل دولة الإمارات، وبشكل خاص في دبي، على إدارة جميع هذه المركبات التي تدخل وتخرج، ويتيح الفرصة لعدد أكبر من الشركات للاستثمار والإسهام في رفع القدرة التشغيلية لتجهيز هذه المركبات ليتم تداولها في مختلف أسواق المنطقة. ومن الواضح أن كثيراً من هذه المركبات ليست موجهة لدخول السوق المحلي في الإمارات فقط.

نقلة نوعية

وأكد تشاو فينغ، المدير العام لأعمال «شانغان» في الشرق الأوسط وأفريقيا، أن «سوق دبي للسيارات» يمثل نقلة نوعية لقطاع السيارات في الإمارات؛ إذ يسهم في تنظيم السوق على نحو أكثر كفاءة من خلال تحسين المعايير المتعلقة بالمعاملات وحماية المستهلكين وخدمات ما بعد البيع. كما تساعد هذه المنهجية المدروسة على تعزيز ثقة المستهلكين بالقطاع على المدى الطويل، وترتقي بمعايير علامات السيارات العاملة في الدولة. أما بالنسبة إلى علامتي شانجان وديبال، فإن هذه المبادرة تؤكد صوابية منهجيتنا المتمثلة بالاستثمار في البنية التحتية المحلية، وشفافية الخدمات المقدمة، وتسريع دورات تسليم المنتجات والخدمات.

وأضاف: بما أن دبي تحتضن المركز اللوجستي لعملياتنا الإقليمية، فإن تطوير هذه السوق يساعدنا على توفير السيارات المرخصة وقطع غيارها بشكل أفضل، ما يرتقي بتجربة امتلاك السيارات. وأشار إلى أن قطاع السيارات في الدولة يواصل أداءه القوي والمرن، ولا سيما في المجالات التي تشهد ارتفاعاً في مستويات الطلب، مثل الجوانب المتعلقة بالسلامة والتصميم والتكنولوجيا الذكية.

وأكد ريكي مولينز، المدير العام لـ«إكسيد الإمارات»، أن «سوق دبي للسيارات»، الذي يستعد ليكون من أكثر الوجهات العالمية تقدماً في هذا القطاع، سيكون محطة تحول نوعية في مسيرة صناعة السيارات، فالوجهة الجديدة الممتدة على مساحة 22 مليون قدم مربعة ستضم ما يقارب 1500 صالة عرض، إلى جانب منظومة متكاملة من الخدمات، الأمر الذي سيعزز تجربة المتعاملين ويرتقي بالمعايير، ويرسخ مكانة دبي مركزاً عالمياً رائداً في مجال التنقل. إنها خطوة تعبر بوضوح عن الزخم التطويري الذي يميز دولة الإمارات.

وحول مستقبل قطاع السيارات في دبي خلال السنوات المقبلة، قال: المستقبل واعد للغاية، ونتوقع استمرار النمو مدفوعاً بالتوسع في حلول الطاقة الجديدة، والتقنيات المتقدمة، وأنظمة الاتصال الذكية. ويتوافق تركيز دبي على التنقل الذكي والاستدامة وتجارب الرفاهية مع رؤية «إكسيد» بشكل كامل.

منصة عالمية متكاملة

وفي الختام، يمكن القول إن مشروع «سوق دبي للسيارات» ليس مجرد سوق لبيع المركبات، بل هو منصة عالمية متكاملة تمزج بين التجارة، الخدمات، الاستثمار، الترفيه، والتكنولوجيا. إنه يعكس رؤية دبي الطموحة في بناء اقتصاد قوي متنوع ومستدام، يعزز المكانة الإماراتية والرؤية العالمية لدبي مركزاً تجارياً عالمياً. ومع اكتمال المشروع واستغلال كامل إمكاناته، يتوقع أن يلعب دوراً محورياً في إعادة تشكيل مشهد تجارة السيارات في القرن الحادي والعشرين ويدفع دبي إلى مقدمة الاقتصاد العالمي في هذا القطاع الحيوي والمبتكر.