في أسواق السيارات فى الولايات المتحدة الأمريكية ، تتراقص الأرقام على شاشات العرض لتُعلن عن هدوء خادع في أسعار المركبات الجديدة، يكمن واقع آخر أكثر تعقيداً وأقل وضوحاً.
إنه ليس صراعاً صاخباً على الأسعار، بل هو صوت خفي لقطعة دومينو تسقط ببطء في مكان آخر من معادلة الملكية.
بينما يطمئن المستهلكون لانخفاض تكاليف الشراء، تتسلل فاتورة باهظة من تحت الطاولة لتُغير قواعد اللعبة بالكامل. إنها حكاية التناقض الصامت بين ما تراه العين عند الشراء، وما يخبئه القدر في ورش الإصلاح؛ قصة تكاليف خفية تحول الهدوء إلى قلق، والصفقة الرابحة إلى عبء ثقيل.
يواجه ملاك المركبات عاصفة مالية كامنة. فالأسعار التي تبدو مستقرة في صالات العرض تخفي وراءها صدمة قادمة لا محالة عند زيارة ورشة الإصلاح.
فوفقاً لأحدث مؤشر لأسعار المستهلك، قفزت تكاليف إصلاح السيارات بنسبة 5% في شهر واحد فقط، وهي أكبر زيادة شهرية تُسجل على الإطلاق، مما يجعل أسعار الإصلاحات الآن أعلى بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي.
خلافاً للاعتقاد السائد بأن التعريفات الجمركية هي السبب الوحيد، يؤكد الخبراء أن العوامل تتجاوز ذلك بكثير، فبحسب سكايلر تشادويك، مدير استشارات المنتجات في "كوكس أوتوموتيف"، هناك ثلاثة محركات رئيسية تقف وراء هذه الأزمة: ارتفاع متوسط عمر السيارات على الطريق، ونقص حاد في عدد الفنيين المؤهلين، بالإضافة إلى تزايد التعقيد التقني للمركبات الحديثة.
فمع الأسعار القياسية للسيارات الجديدة وارتفاع معدلات القروض، يختار المستهلكون الاحتفاظ بسياراتهم القديمة لفترة أطول، وقد قفز متوسط عمر المركبة إلى 12.8 عاماً، وهو أعلى رقم يتم تسجيله منذ فترة طويلة، مما يزيد من احتمالية احتياجها لخدمات وصيانة مكلفة مثل إعادة بناء المحركات وإصلاح أنظمة النقل.
لا يمكن إغفال دور التعريفات الجمركية بنسبة 25% على قطع الغيار المستوردة،فليس هناك سيارة واحدة أمريكية الصنع بقطع غيار أمريكية بنسبة 100%"، وبالتالي، فإن أي جزء تحتاجه سيارتك قد يكون مستورداً، مما يجعله خاضعاً لهذه الزيادة.
وبينما تمتص الشركات المصنعة جزءاً كبيراً من هذه التكلفة لتجنب رفع أسعار السيارات الجديدة، يتم تمريرها بشكل غير مباشر إلى المستهلك عبر أسعار قطع الغيار المرتفعة.
يضاف إلى ذلك، أن نقص الفنيين المؤهلين يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العمالة بشكل كبير، والتي قد تشكل ما يصل إلى 60% من فاتورة الإصلاح. وقد أظهرت البيانات أن أجور فنيي السيارات ارتفعت بنسبة 7% خلال العام الماضي وحده، وهو ما يؤكد أن هذه الأزمة ليست مجرد موجة عابرة، بل هي واقع جديد يواجهه كل مالك سيارة.