لأكثر من عقد، عزلت العقوبات الاقتصادية سوريا عن النظام المالي العالمي. واليوم، مع رفع العقوبات الأمريكية رسمياً، تعلن بينانس، أكبر منصة لتداول العملات الرقمية في العالم من حيث حجم التداول، بفخر عن افتتاح خدماتها للمستخدمين السوريين، مما يمثل لحظة محورية في الشمول المالي وإعادة التواصل.
مع 21 ترخيص حول العالم، تُعتبر بينانس منصة موثوقة وملتزمة بالمعايير في الاقتصاد الرقمي. سيتمكن المستخدمون السوريون الآن من الوصول إلى مجموعة منتجات وخدمات بينانس، بما في ذلك مئات الأصول الرقمية، وتداول العقود الفورية والآجلة، ومنتجات الإيداع والربح، والعملات المستقرة، وخدمة بينانس باي للتحويلات المالية عبر الحدود بسلاسة. بالإضافة إلى محتوى تعليمي مخصص باللغة العربية ودعم محلي للمستخدمين مع إمكانية الانضمام بثقة والتداول بأمان.
وقال بدر الكالوتي، متحدثاً عن النمو الإقليمي والعمليات في بينانس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وتركيا: أهمية الثقة عند إطلاق المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لا سيما في أسواق مثل باكستان. وأضاف: في بينانس، تقوم جميع أعمالنا على الثقة. فهي ما يوجه أسلوبنا في العمل، وتشكل جوهر علاقتنا بمستخدمي منصتنا، كما تحدد طريقة تعاملنا مع الجهات التنظيمية في مختلف أنحاء العالم.
وواصل قائلاً: وفي القطاع المالي، تمثل الثقة عاملاً حاسماً، فهي قادرة على دفع النمو أو إبطائه. وتتضاعف أهميتها في عالم التمويل اللامركزي، حيث لا يزال هذا القطاع في طور النمو ويواجه المستخدمون الجدد تحديات مثل صعوبة الفهم وإمكانية الوصول، نتيجة لطبيعته المعقدة، تُعتبر الثقة من المقومات الأساسية لجميع منتجات بينانس، وتزداد أهميتها عند تقديم منتج مثل "شريعة Earn". فالمستخدمون لا يضعون ثقتهم بنا فيما يخص أصولهم فقط، بل يعتمدون علينا أيضاً في احترام القيم الدينية التي يؤمنون بها، وهي مسؤولية نأخذها على محمل الجد. لذلك، تعاونت بينانس مع شركة "أماني للاستشارات"، وهي شركة استشارات معتمدة عالمياً، لضمان توافق المنتج مع المبادئ الإسلامية.
وعن الخطوات التي يعتزمون اتخاذها لنشر الوعي وتثقيف المستخدمين حول الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية في هذا المجال، وليس حول العملات المشفرة فقط، قال بدر الكالوتي: ندرك أن فهم الأساسيات هو الخطوة الأولى لدخول عالم الأصول الرقمية. ورغم اهتمام الكثيرين بالاستثمار فيها، إلا أنهم يترددون بسبب الغموض وعدم معرفتهم من أين يبدؤون.
وأضاف: تضع بينانس التثقيف ونشر الوعي بالعملات المشفرة على رأس أولوياتها من خلال أدوات مثل "أكاديمية بينانس"، التي تُعد واحدة من المنصات التعليمية المجانية القليلة والشاملة على مستوى العالم في مجال الأصول الرقمية. وينطلق نهجنا في توعية المستخدمين بمنتج "شريعة Earn" من هذا التوجه، حيث أطلقنا سلسلة مخصصة من الدروس والمقالات والإرشادات التي تشرح أساسيات المنتج، وتساعد المستخدمين على التعامل مع المنصة بكل وضوح وثقة.
كيف تطور بينانس منصتها بما يتوافق مع الثقافات المحلية والمعتقدات الدينية والأطر التنظيمية، وهل يُعد الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية ركيزة أساسية ضمن هذه الاستراتيجية؟
على مدار الأعوام الماضية، اتخذت بينانس خطوات واضحة ومدروسة لتعزيز الامتثال والالتزام باللوائح التنظيمية. وقد عملنا على توسيع نطاق تراخيصنا عالمياً، حتى أصبحت بينانس اليوم أكثر منصات التداول اللامركزية حصولاً على التراخيص، بإجمالي 23 رخصة في أسواق رئيسية. وبالنسبة لنا، لا يقتصر الالتزام باللوائح على استيفاء المتطلبات الرسمية، بل يقوم على فهم طبيعة كل سوق محلية وتصميم منتجات وخدمات تتوافق مع احتياجاتها وتوقعاتها.
تختلف الأسواق عن بعضها، فلكل منها سلوك مالي خاص وأولويات للمستخدمين وثقافة مختلفة. ففي أفريقيا مثلاً، يتم الاعتماد على تقنية ويب 3 لتنفيذ المدفوعات السريعة بين الدول، ما يوفر حلاً عملياً لمشكلة حقيقية وملحّة. أما في جنوب شرق آسيا، فيركز المستخدمون على القدرات التقنية المتقدمة واستخدام أدوات التداول المتكاملة التي توفرها بينانس، إلى جانب الموارد المخصصة للمطورين.
مع التوسع المستمر، تزداد أهمية مراعاة السمات الخاصة لكل سوق، بما في ذلك الثقافة المحلية التي تؤثر في اهتمامات المستخدمين وفهم كيفية تعامل الأشخاص مع المال. ففي بعض المجتمعات، تُتخذ القرارات المالية ضمن إطار عائلي، بينما ترتبط في مجتمعات أخرى بالاستقلالية والحرية المالية. هذه الفروقات الدقيقة تُشكل أساساً في تصميم منتجاتنا.
من هذا المنطلق، تكتسب الخدمات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أهمية خاصة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، حيث تؤدي القيم الدينية دوراً رئيسياً في قرارات الادخار والاستثمار وبناء الثروة. وقد أطلقنا منتج "شريعة Earn" ضمن إطار التزامنا الأوسع بتقديم حلول مبتكرة تحترم ثقافة المجتمعات وتنسجم مع قيمها.
وأضاف: يمثل إطلاق المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ركيزة أساسية ضمن استراتيجية بينانس لتعزيز الشمول المالي على مستوى العالم. فرغم أن حجم سوق التمويل الإسلامي يتجاوز 4 تريليونات دولار، لا يزال ملايين المسلمين بعيدين عن المشاركة في حركة التمويل اللامركزي، ليس لغياب الاهتمام، بل نتيجة الغموض المحيط بالامتثال الديني، ويسعى كثير من المستخدمين لاستكشاف عالم العملات المشفرة والتمويل الرقمي، لكنهم ما زالوا مترددين نتيجة غياب الوضوح بشأن توافق المنتجات مع قيمهم ومبادئهم، من خلال منتج "شريعة Earn"، لا نسعى فقط إلى تقديم خيار مالي بديل، بل إلى فتح المجال أمام فئات كانت مستبعدة من هذا القطاع، وتمكين المستخدمين والمطورين والمبتكرين المسلمين من الإسهام في بناء مستقبل ويب 3 والمشاركة في تطويره، ولا يقتصر الشمول المالي على إمكانية الوصول فحسب، حيث يتطلب مراعاة الثقافة المحلية واحترام القيم وضمان تمثيل الجميع بشكل متكافئ، وهذا ما نسعى إليه من خلال المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وشرح بدر الكالوتي، كيف تحقق بينانس التوازن بين نمو ابتكاراتها والنهج المدروس اللازم لتقديم المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فقال: في بينانس، نؤمن أن الابتكار الحقيقي لا يعني فقط سرعة إطلاق المنتجات، بل يتطلب تطوير حلول دقيقة. ولا يحد النهج القائم على القيم والمتوافق مع الشريعة الإسلامية من وتيرة تقدمنا، بل يعزز جودة الابتكار، فالثقة والأمان والامتثال والشفافية كانت دائماً أساس تطوير منتجاتنا. لذلك، يسهم الامتثال للشريعة الإسلامية في الإيفاء بمسؤوليتنا الأخلاقية والثقافية.
وأضاف: يتطلب إطلاق منتج مثل "شريعة Earn" التفكير بعناية في احتياجات الأشخاص الذين نخدمهم والتأكد من توافق كل التفاصيل مع معتقداتهم. هذا النهج المدروس لا يبطئ عملنا، بل يجعل ما نقدمه أكثر قيمة وشمولية وأعلى موثوقية، ونتعاون بشكل وثيق مع كبار علماء الشريعة وشركات الاستشارات لضمان توافق منتجاتنا مع أعلى المعايير، ما يتيح لنا الحفاظ على مرونة العمل مع الاستمرار في تقديم حلول تراعي قيم المجتمعات التي نعمل فيها.
ورداً على سؤال عن كيف يرى أن هذه المبادرة تسهم في سد الفجوة بين التمويل التقليدي والأصول الرقمية، قال الكالوتي: نعم، نرى هذه المبادرة جزءاً من تحول شامل يربط بين التمويل التقليدي والأصول الرقمية. وعلى مدار الأعوام الماضية، بدأت المؤسسات المالية التقليدية حول العالم في استكشاف حلول قائمة على تقنية البلوكشين، إلى جانب الأصول الرقمية والرموز، ما أتاح للمستخدمين أدوات مالية أكثر تنوعاً ومرونة. وما كان يُنظر إليه سابقاً كنظامين ماليين منفصلين أصبح اليوم أكثر ترابطاً، ومع ازدياد تنظيم الأصول الرقمية وفهمها بشكل أعمق، باتت الحدود بين التمويل التقليدي والرقمي تتلاشى تدريجياً.
وأضاف: ومع تزايد المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في مجال ويب 3، نتوقع مزيداً من التقارب بين التمويل الإسلامي التقليدي وخدمات ويب 3 المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لا سيما وأن الأساس قائم بالفعل، فالتمويل الإسلامي يعتمد على مبادئ مثل الشفافية والثقة المجتمعية وتوجيه الاستثمارات بما يتفق مع القيم الإسلامية، وهي مبادئ تتماشى بشكل وثيق مع القيم الأساسية للتمويل اللامركزي.
وأوضح رؤية الشركة لتبنّي العملات المشفرة في باكستان على المدى الطويل، وما هو دور المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في المستقبل، قائلاً: تعد باكستان واحدة من الأسواق العديدة التي نطرح فيها هذا المنتج. وتتميز المنطقة نفسها بمجتمع سريع النمو شغوف بالعملات المشفرة. ويظهر المستخدمون فضولاً واطلاعاً ورغبة حقيقية في المشاركة بالحوار العالمي مع استمرار تطور التمويل اللامركزي. وبينما لا تزال المنطقة في مرحلة تطوير القوانين واللوائح، فإن هناك اهتماماً كبيراً بالعملات المشفرة.
نشهد اليوم خطوات مشجعة في هذا المجال. ويعكس تشكيل "مجلس العملات المشفرة" والجهود المستمرة لوضع الأطر التنظيمية توجه الدولة نحو بناء منظومة أكثر وضوحاً ودعماً للأصول الرقمية. وساهمت بينانس في هذه المسيرة من خلال تقديم برامج توعية ورؤى للمسؤولين الحكوميين والجهات التنظيمية، بما يساعد على تعزيز فهمهم لإمكانات هذا القطاع وطبيعته المعقدة، ونرى أن هناك فرصة كبيرة للنمو في باكستان، لا سيما في ظل رؤية البلاد لبناء نظام مصرفي متكامل ومتوافق مع الشريعة الإسلامية بحلول عام 2028. وتؤدي المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل "شريعة Earn" دوراً محورياً في دعم مستقبل العملات المشفرة في باكستان. ومن خلال توفير أدوات مالية تتوافق مع الابتكار والمبادئ الدينية، نتطلع إلى توفير بيئة أكثر شمولية وموثوقية لتبنّي العملات المشفرة. ومع تزايد عدد المستخدمين الذين يحصلون على خدمات منظمة ومتوافقة مع القيم الدينية، نعتقد أن باكستان ستواصل تقدمها كدولة رائدة في التعامل المسؤول الذي يراعي القيم في مجال العملات المشفرة.
وعن انتشار منتج "شريعة Earn" في العديد من الأسواق الإسلامية، وانعكاس ذلك على توجه بينانس تجاه المستخدمين المسلمين حول العالم، قال الكالوتي: يؤكد توفر منتج "شريعة Earn" في عدد من الأسواق الإسلامية التزام بينانس بتمكين الأفراد من الوصول إلى أدوات الحرية المالية. وهذه ليست مجرد مبادرة على مستوى المنطقة، بل خطوة مهمة لتمكين ملايين الأشخاص ممن كانوا مستبعدين من قطاع الأصول الرقمية نتيجة الغموض المحيط بالامتثال الديني، ويتخذ العديد من الأشخاص قراراتهم المالية بما يتماشى مع معتقداتهم، ونثق بأن الابتكار لا يجب أن يتعارض مع المبادئ الدينية، ولذلك وفرنا منتج "شريعة Earn" في 31 دولة ذات أغلبية مسلمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، لنوفر للمستخدمين وسيلة آمنة ومتوافقة مع معتقداتهم لاستكشاف عالم العملات المشفرة، يتعلق الأمر بالشمول والاحترام وتوفير حلول مالية تلبي احتياجات المجتمعات المتنوعة. ونعتبر منتج "شريعة Earn" خطوة أساسية في هذا النهج الذي ما زلنا في بدايته.
