لم يعد الفضاء القمري القريب مجرد هدف للاستكشاف الحكومي، بل تحول إلى الجبهة الساخنة الجديدة للرأسمالية العالمية.

فمع تسابق عمالقة القطاع الخاص، تتحول المنطقة الواقعة بين الأرض والقمر، وحتى سطح القمر نفسه، إلى ساحة استثمار بمليارات الدولارات، ممهدة لميلاد «اقتصاد ما بين الأرض والقمر» الذي سيقلب موازين التجارة والخدمات.

شراكة حكومية

كانت الحكومات (وكالات مثل ناسا) هي المحرك الوحيد للاستكشاف القمري، لكن اليوم أصبحت الشركات الخاصة هي اللاعب الرئيسي في «استعمار» هذا الفضاء القريب.

تعتمد وكالات الفضاء الآن بشكل كبيرعلى القطاع التجاري لتحقيق أهدافها، خصوصاً عبر مبادرات مثل برنامج أرتميس وبرنامج خدمات الحمولة القمرية التجارية التابع لوكالة ناسا.

تعتبر وكالة ناسا حالياً «العميل الأساسي» الذي يضخ المليارات في هذا الاقتصاد الناشئ. فشركات مثل SpaceX وBlue Origin وIntuitive Machines وAstrobotic تفوز بعقود ضخمة لتطوير أنظمة الهبوط البشرية ونقل الحمولات العلمية والتقنية إلى مدار القمر وسطحه.

تخفيض التكاليف

يؤدي هذا التحول إلى النموذج التجاري إلى انخفاض تكاليف الوصول إلى القمر بشكل كبير، ما يفتح الباب أمام المزيد من الشركات الصغيرة والمشاريع البحثية الخاصة.

ولا يقتصر الاهتمام التجاري على نقل البضائع فحسب، بل يمتد إلى استغلال الموارد القمرية في الموقع.



كما يعد البحث عن جليد الماء في القطب الجنوبي للقمر هو «الذهب الأسود» الجديد، فجليد الماء يمكن تحويله إلى مياه صالحة للشرب للأطقم، وهواء صالح للتنفس، والأهم من ذلك، يمكن تحليله إلى وقود صواريخ (هيدروجين وأكسجين سائل) لإعادة التزود بالوقود في المدار القمري، ما يحول القمر إلى «محطة وقود فضائية» للرحلات الأعمق.

هناك اهتمام تجاري كبير بالهيليوم-3 (نظير نادر يمكن استخدامه في الاندماج النووي المستقبلي) والمعادن الثمينة الأخرى الموجودة في التربة القمرية (الريغوليث).

ويرى الخبراء أن هذا الاقتصاد سيشهد نمواً هائلاً، حيث يتوقع أن تصل أسواق النقل واستغلال الموارد إلى مليارات الدولارات سنوياً بحلول عام 2040. وتتركز الفرص التجارية الرئيسية في إنشاء البنية التحتية التي تدعم هذا الاقتصاد