خلال السنوات الماضية، حافظت العملة المشفرة "إيثريوم" على المركز الثاني خلف "بيتكوين" لكن بفارق كبير في التدفق الاستثماري والحصة السوقية، لكن في الأسابيع الأخيرة شهدت إيثريوم تحولاً كبيراً انعكس على قيمتها بصعود صاروخي وحركة تداول نشطة، لتصل إلى مستويات تاريخية.
فقد شهدت «إيثريوم» موجة طلب قوية من المستثمرين المؤسسيين عبر صناديق المؤشرات الأميركية التي تشتري الأصل مباشرة لحساب الجمهور.
يوم 11 أغسطس سجّلت هذه الصناديق أعلى تدفّق يومي على الإطلاق بأكثر من مليار دولار، وتقدّمت منتجات شركات إدارة الأصول الكبرى مثل بلاك روك وفيديليتي على صناديق «بيتكوين» في صافي التدفّقات في ذلك اليوم. هذه القفزة رفعت السعر فوق 4,700 دولار ودفعت أحجام التداول للصعود (وفق سعر اليوم)، وكانت العلامة الأوضح على تغيّر شهية المؤسسات تجاه «إيثريوم».
ما سهّل هذا الاندفاع المؤسسي أن هيئة الأوراق المالية الأميركية سمحت في نهاية يوليو بآلية «الإنشاء/الاسترداد العيني» لصناديق الأصول المشفّرة. عملياً، صار بإمكان المشاركين الكبار تسليم واستلام «إيثر» نفسه عند إنشاء أو استرداد حصص الصناديق بدل المرور بالنقد فقط؛ وهذا يقلّل التكاليف، ويُحسّن كفاءة التنفيذ، ويتيح استيعاب طلبات شراء ضخمة من دون اضطراب سعري كبير. جاء القرار قبل أيام من قفزة التدفّقات القياسية، فحوّل «الاهتمام» إلى «تنفيذ فعلي سريع».
إن أي موجة طلب جديدة—خصوصا عبر الصناديق—تؤثّر في السعر بسرعة أكبر من السابق. ومع تزايد الآمال بخفض فائدة قريبًا في الولايات المتحدة، ازدادت الرغبة بالمخاطرة نسبيًا، فاستفادت «إيثريوم» أكثر.
جدير بالذكر أن الضبابية التنظيمية المحيطة بتصنيف الإيثر خفّت منذ يونيو 2024 بإغلاق تحقيق «إيثريوم 2.0»، وهو ما أزال تهديدا قانونيا كان يقيّد بعض الجهات المؤسسية. ثم جاء السماح بآلية الإنشاء/الاسترداد العيني في نهاية يوليو 2025 ليكمل حلقة الثقة التنظيمية، ويمنح مُصدّري الصناديق أدوات تشغيل أكثر كفاءة لامتصاص الطلب.
إلى جانب تدفّقات الصناديق، ظهرت شركات مدرَجة تعلن بوضوح أنها «تبني خزينة من الإيثر» على غرار ما فعلته شركات مع «بيتكوين» في الأعوام الماضية. أبرز الأسماء خلال الأسابيع الأخيرة:
بيت ماين إميرجن تكنولوجيز: قالت في 11 أغسطس إن حيازتها تجاوزت 1.15 مليون إيثر (نحو 5 مليارات دولار آنذاك)، وتُخطّط لزيادة الشراء عبر خطة لجمع 20 مليار دولار لشراء المزيد من الإيثريوم. وتسعى الشركة إلى السيطرة على 5% من إجمالي عرض العملة، وهي تُعرّف نفسها صراحةً كشركة «خزينة إيثريوم».
شاربلينك جايمينغ: أعلنت أنها جمعت تمويلاً مؤسسياً بحوالي 400 مليون دولار لزيادة حيازتها، وتتوقع أن تتجاوز قيمة الإيثر المملوك 3 مليارات دولار؛ كما أفصحت أن إجمالي ما تملكه تخطّى 521 ألف إيثر مطلع أغسطس.
ذا إيثر ماشين التابعة لـ دايناكس كوربوريشن: أعلنت في 4–5 أغسطس شراءات إضافية بنحو 40 مليون دولار، ليرتفع الإجمالي المشتَرى والمُلتزم به إلى نحو 345 ألف إيثر، مع الإشارة إلى صفقات سبقتها نهاية يوليو.
غايم سكوير: كشفت في 4 أغسطس عن شراء 2,717 إيثر بحوالي 10 ملايين دولار وبدء استراتيجية «عائد على السلسلة» لتمويل برنامج إعادة شراء أسهم؛ كما أعلنت صفقة سابقة في 10 يوليو بحوالي 5 ملايين دولار.
إيثزيلا: أعلنت في 12 أغسطس أنها تملك 82,186 إيثر (قرابة 350 مليون دولار) إضافة إلى سيولة دولارية كبيرة، مع تحوّل استراتيجي يركّز على «إيثريوم»؛ وتناولت صحافة المال هذا التحوّل بوصفه شبيهًا بما فعلته شركة «مايكروستراتيجي» مع «بيتكوين».
