يشكل فيلم «الخائنة» تحدياً كبيراً لكل المشاركين فيه، ذلك لأنه في حقيقة الأمر عبارة عن اطلاق لصياغة سينمائية جديدة للفيلم الكلاسيكي، الذي أبدعه عملاق السينما العالمية «شابرول» وقد تصدى المخرج ادريان لين بقيادة فريق العاملين في الفيلم الذي كتب له السيناريو كل من اليفين سارجنت وويليام بروليز ولعب بطولته دياني لان وريتشارد جير، واليفير مار0تينيز، وانتجه ادريان لين ووزعته شركة فوكس للدراما. وقد حرص المخرج على ان يكون فيلمه بالعنوان الذي اختاره شابرول لفيلمه، شرط ان يكون محاولة لالقاء نظرة عن قرب على حقيقة العلاقة التي يمكن ان تدرج تحت عنوان الفيلم. ويروي الفيلم قصة «كوني سومنر» التي تلعب دورها دياني لان وهي ربة بيت تسكن احدى الضواحي، وتجعلها الصدفة تلتقي بصاحب مكتبة في حي سوهو الشهير الذي يلعب دوره أوليفير مارتينيز، وتمضي كاميرا المخرج مستعرضة صفوف الكتب المرصوصة بعناية، والتماثيل الدقيقة الموضوعة بحرص على الأرفف. وفي وقت لاحق عندما يلتقي الزوج المخدوع الذي يلعب دوره ريتشارد جير بصاحب المكتبة، يتبادل الاثنان حديثاً مهذباً وهما يحتسيان مشروباً بارداً، وذلك في مفارقة حادة مع المشاهد الحميمة التي تجمع توني وحبيبها والنهاية العنيفة التي تصل إليها العلاقة بينهما. ويحرص المخرج على ان يمضي بنا في رحلة مفعمة بالمشاعر لسبر أغوار العاطفة المتأججة التي تندلع تحت السطح البارد لحياة الضواحي المنظمة بشكل روتيني، ومع ذلك فإن الاسلوب الآلي في الانتقال بين المشاهد لا يسمح بأن يستوعب الفيلم مدى رحباً من العاطفة والانفعال، فنجد ان ما لدينا منها لا يرقى إلى الذرا الرفيعة التي حلق إليها شابرول.وتقدم دياني لأن الاداء الاكثر انسانية في الفيلم على الرغم من ان دورها لا يعدو ان يكون امرأة عادية تتخبط في مغامرات عاطفية تحت سطح زواجها البارد، وربما كانت أقوى المشاهد التي تألقت فيها «لان» التي تجري في قطار الضواحي الحافلة بالعاطفة المشبوبة. غير ان السيناريو الذي كتبه الفين سارجنت وويليام بروليز يبدو مليئاً بالعبارات السطحية التي لا تفيد في تعميق فهمنا لخصوصية كل شخص من شخوص القصة. والفيلم كذلك يطلب منا الاعتقاد بأن البطلة ستهجر زوجها الذي بنى حياة بكاملها على كونه رجلاً محل اعجاب النساء به، وقد كان يمكن أن يكون ممثلاً مثل ديفيد ستراثابين، ولكن مع جير لا يمكن ان يكون هذا الطرح مقنعاً. والمخرج يبدو انه قرر التمسك بالنهاية الرمزية الموجودة في السيناريو وهي نهاية لن يلحظها الجمهور، إذ لم يكن مستيقظاً حتى نهاية الفيلم، وعيب هذه النهاية هو ان شركة فوكس الموزعة للفيلم أرادت موقفاً بطولياً على طريقة جاري كوبر من الشخصية التي جسدها ريتشارد جير، ولكن ذلك بالطبع أمر مستحيل بحكم تكوين هذه الشخصية.