بيان 2: تتحكم في وظائف المخ مؤثرات حسية وشحنات كهربائية ومواد كيماوية، وان أي خلل في هذه المؤثرات يؤدي لحدوث اضطرابات في وظائف المخ. ومن المعروف ان المخدرات هي مواد كيماوية من أهم خصائصها أن تصل الى المخ عن طريق الدم، حيث تفسد التوازن الكهربائي والكيميائي، ما يؤدي لحدوث تغيرات في وظائف الجسم الطبيعية التي يختص بها مخ الانسان، ولا يقتصر ذلك على المخ إنما يتعداها الى أعضاء الجسم الأخرى.وعن التأثير السلبي للمخدرات يقول د. عز الدين الدنشاري ود. عبدالله بن محمد البكيري مؤلفا كتاب أمراض العصر: ـ يمكن ان تسبب المخدرات قصورا في التنفس وفي الدورة الدموية والموت من جراء ذلك، وقد تؤدي لحدوث اضطرابات في تناسق العضلات ما يؤدي لتدني مقدرة المتعاطي على أداء الأعمال التي تتطلب تناسقا في حركة العضلات مثل تشغيل الآلات وقيادة السيارة. وقد يترتب على تعاطي المخدر عدم تمييز أشكال الأشياء وألوانها وسماع أصوات وهمية، وربما أدى تعاطي المخدر الى فقدان الشهية للطعام، وهذا يؤثر تأثيراً سلبياً على صحة المتعاطي نظراً لنقص العناصر الغذائية اللازمة للجسم، ومن المخدرات ما يجعل المتعاطي يغط في سبات عميق، ومنها ما يسبب اضطراباً في النوم والأحلام المزعجة والكوابيس والشعور بالتعب والوهن الشديدين بعد الاستيقاظ صباحاً. وبالنسبة لمراكز المخ التي تميز الانسان عن الحيوان، فإن المخدرات تؤدي الى تدهور الحالة الوظيفية لهذه المراكز، حيث تؤثر سلبياً في الذاكرة وتلقي العلم واكتساب المعرفة والمهارات والمقدرة على التعبير والنطق والكتابة والانفعال والابتكار والابداع والتفكير. يبدو ان الانسان لم يكتف بهذا الكم الهائل من السموم التي تلاحقه في كل مكان وتتسرب الى جسمه عن طريق الهواء والماء والغذاء، فذهب يبحث عن أنواع أخرى من السموم تكمل الصورة القاتمة للتلوث البيئي، وتضيف الى الجسم البشري سموماً تفتك بالمخ البشري وتصيب الانسان بقائمة طويلة من الأمراض العقلية والنفسية والعصبية. فإذا نظرنا الى كل مخدر من المخدرات على حدة نجد انه يحمل الخطر والدمار والهلاك للمخ والأعصاب، اضافة الى تفكك الشخصية والاضطرابات النفسية وغيرها من التأثيرات التي لا يقتصر ضررها على المدمن فحسب إنما على المجتمع بأكمله. إذ تشير الدراسات الى ان مدمني المخدرات والخمور أيضا يمثلون السواد الأعظم لنزلاء المستشفيات والمصحات العقلية، كما ان كثيراً من جرائم القتل والعنف والسرقة والنهب والاغتصاب تحدث بسبب الادمان وتجارة المخدرات. وعندما يقع الفرد فريسة للمخدر فإنه يفتك بالمخ والأعصاب وتضطرب حالته العضوية والنفسية وذلك في حالة تعاطي المخدر والحرمان منه، فإذا انقطع المدمن عن التعاطي لسبب من الأسباب فإنه يشكو من اضطرابات عقلية وعصبية ونفسية. يمكن تقسيم أخطار المخدرات الى الأقسام التالية: الأخطار الصحية يترتب على ادمان المخدرات بوجه عام اصابة المدمن بمجموعة من الأمراض العصبية والعقلية والنفسية والعضوية أيضاً، ومن بينها نذكر: أمراض القلب والأوعية الدموية والضعف الجنسي، وأمراض الكبد والأمراض الأخرى العديدة الناجمة عن سوء التغذية واهمال العناية الشخصية وغيرها. الأضرار الاجتماعية يعتبر الادمان آفة تصيب الفرد والمجتمع، فبالاضافة الى الأمراض والمشكلات التي تلحق بالمدمن، فإن البنيان الاجتماعي يتصدع وينهار، حيث تتفكك الروابط الأسرية وتتدنى قدرة الانسان على مواجهة الواقع والارتباط بمتطلباته، وتتفاقم المشكلات الاجتماعية ويتزايد عدد الحوادث والجرائم. ومن بين المشكلات الاجتماعية التي تنجم عن الادمان كثرة الخلافات الأسرية والطلاق وتشرد الأبناء، وازدياد حوادث العنف داخل الأسرة وخارجها. ومحاولات الانتحار وكثرة حوادث السيارات وغيرها من الحوادث التي تؤثر بشكل سلبي في الفرد والمجتمع. الوقاية خير من العلاج تولي المؤسسات الحكومية المزيد من الاهتمام من أجل مكافحة تجارة المخدرات والادمان والحرص على توعية المجتمع وخصوصاً طلاب المدارس بمخاطر الادمان بمختلف أشكاله، ومن بين أهم الاجراءات الوقائية التي يمكنها ان تحد من هذه المظاهر الخطيرة نذكر: ـ تحريم استيراد أو صناعة أو تجارة المخدرات والضرب بيد من حديد على كل من يروج لذلك. ـ تنظيم الحملات لمكافحة الادمان عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وفي المدارس والمعاهد والمؤسسات الشبابية والاجتماعية. ـ دمج التثقيف الصحي في المناهج التدريسية. ـ توعية الباحثين والمهتمين بمكافحة المخدرات بطرق اكتشاف المدمن وكيفية التعامل معه ومع أسرته. ـ الاهتمام بالأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية على مستوى المدارس والمعاهد والجامعات وتشجيع الرياضة التي تهذب النفس وتقوي الجسم. يقع على عاتق الأسرة مسئولية كبيرة في حماية الأطفال والشباب من السقوط في هاوية الادمان بغض النظر عن المستوى المادي والاجتماعي للأسرة، إذ أثبتت الدراسات ان رفقاء السوء لا يستطيعون التأثير في الابناء الذين ينتمون الى أسر مترابطة متمسكة بأهداب الدين ومكارم الأخلاق، بينما يسهل على رفقاء السوء التأثير في الابناء الذين ينتمون الى أسر مفككة لا تهتم بشئون ابنائها وتربيتهم السليمة وتقويمهم تقويماً خلقياً ودينياً يحول دون وقوعهم بين براثن ورفاق السوء والادمان. وأخيراً تجدر الاشارة الى ضرورة رفع مستوى المراكز المختصة باعادة تأهيل المدمنين والحرص على دمجها في المجتمع لتساهم من جديد في دفع عجلة التطور للأمام