بيان الكتب: هذا كتاب هام لانه يسجل حياة رجل من رجال الخليج الذين ساهموا بجدية ومثابرة ببناء جزء حيوي من الخليج، وهو ابن الكويت المخلص الذي وهب حياته للمساهمة في بناء دولة الكويت الحديثة، وساهم مساهمة فاعلة في الحياة العامة، السياسية، الثقافية، الاجتماعية، وكان قاسماً مشتركاً لهذه الحياة في بلاده، وهو رجل تنوير، ومبدع حقيقي في كل مكان ساهم فيه. والكتاب عبارة عن مقالات كتبت عن الراحل حمد الرجيب بأقلام رفاق دربه. وجمعها واعدها «عبد العزيز السريع وصالح الغريب». وقد تصدر الكتاب مقاله للشيخ صباح الاحمد الجابر اذ يقول عنه «في حياة الامم والشعوب الحية الناهضة، هناك دائماً ثمة رجال وهبوا حياتهم لعطاء دائم ومتصل لأوطانهم دون ان ينتظروا في المقابل عطاء مماثلاً، وفقيدنا الراحل حمد عيسى الرجيب، هو واحد من هؤلاء الرجال الذين وهبوا حياتهم منذ الصغر لبلدهم الكويت، فأعطى من جهده واخلاصه وابداعاته دون حدود في جميع مجالات الفن والمعرفة، ولا يمكن لمؤرخ مسيرة الفن والثقافة في الكويت ان يتجاوز ذلك الدور الرائد والمؤثر لفقيدنا الراحل في هذا المجال». يقسم الكتاب الى قسمين: القسم الاول: يشمل السيرة الذاتية، وعن كتاباته واقواله ولقاءاته الصحفية والحوارات العامة. اما القسم الثاني: فيشمل ما قيل عن حمد الرجيب، ابتداء من الوزراء والمسئولين، وكذلك زملائه المسرحيين والفنانين، وكلمات المسارح الكويتية، والمقالات المنشورة عنه وكذلك الدراسات، بعد التصدير الذي كتبه الشيخ صباح الاحمد الجابر نقرأ مقدمة مجلس ادارة الاتحاد الكويتي للمسارح الاهلية. ومن ثم نسافر مع مسيرة الراحل الذاتية والعلمية، ونكتشف العديد من المحطات الهامة ليس في تاريخ الراحل فحسب بل وفي تاريخ الكويت المعاصر. فهو من جيل الرواد الذين ساهموا في بناء المسرح في الكويت وساهم في أول مسرحية كويتية مازال المؤرخون يعتبرونها المفصل الاول، وهو ايضاً المساهم الفاعل في المشاركة في تأسيس المؤسسات الرسمية الكويتية، وهو الدبلوماسي، والمثقف، والسياسي، والاجتماعي، وهو كذلك الشاعر الغنائي الذي غنى له عمالقة الغناء العربي «عبد الحليم حافظ، نجاة الصغيرة، صباح، نجاح سلام، شادي الخليج، غريد الشاطيء، عوض دوخي، عبد الحميد السيد». اما في المسرح فبالاضافة الى ريادته فهو المخرج الذي اخرج عشرات المسرحيات، والكاتب المسرحي الذي كتب اجمل المسرحيات الكويتية، وهو المؤسس لعدة فرق مسرحيته ايضاً في المحافل المختلفة، السياسية، والثقافية، والاجتماعية. تطالعنا الصفحات الاخرى لمجموعة من كتاباته المتفرقة وذكرياته وآرائه، وجميعها تعبر عن مساحة الرأي والثقافة الشاملة، والايمان بالديمقراطية والحرية، والوفاء والوطنية. «تألمت كثيراً حين عرفت بأن عدداً من اساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية قد قدموا استقالاتهم، فالذين جاءوا من بلادهم تحدوهم الرغبة في عمل شيء يذكر، وتقديم علمهم وخبرتهم للكويت تاركين هذه المهمة في اوطانهم لغيرهم، لم يكن هدفهم الاول هو المردود المادي، ذلك لان هذا المردود في مجالهم يمكنهم تحقيقه ببعض الجهد ومعه شهرة اوسع، فالابواب في المجال الفني مشرعة للضوء والانتشار والعائد المادي في بلادهم، والمجالات تتعدد لتقديم الخبرة وجذب الشهرة والمال، دون معاناة البعد عن الوطن والاهل، وان يصبحوا وافدين في بلد آخر بعد ان كان في مقدورهم ان يبقوا في بلدهم مواطنين من الدرجة الممتازة، اذن هم اختاروا ان يؤدوا هذه المهمة الريادية للكويت، والكويت في امس الحاجة لخبرتهم ودرايتهم في المجال الفني، وابناؤنا الدارسون في المعهد بمختلف اقسامه يحتاجون لتلك الخبرة الراسخة التي يمتلكها هؤلاء الاساتذة الذين يتمتعون بالعلم الاكاديمي والتطبيقي والذين اتيح لهم ممارسة الفن في اعتى معاقله «المسرح» والسينما وغيرهما وليس لمجرد تلقي العلم من اساتذة اكاديميين فقط». في القسم الثاني المعنون «قالوا عن حمد الرجيب وانجازاته» نقرأ كتابات لوزراء ومسئولين كبار كتبوا عن الراحل بمناسبات عديدة، من هؤلاء «الشيخ سالم الصباح، الشيخ سعود ناصر الصباح، الدكتورة دلال الزبن، عبد الرحمن غلوم الصالح، عيسى الياسين، فيصل الحجي، الدكتور محمد الرميحي». لعلنا هنا نستعير ما كتبه الشيخ سعود الناصر الصباح عن الراحل اذ يقول «ان ذاكرة الكويت لا تتكرر رجالها ولا يمحو الزمن تلك الذاكرة اسماء الخالدين فيها، حمد عيسى الرجيب طال سفره في شرايين الوطن وكثرت موانئه في تاريخ الكويت وتنوعت نشاطاته وتفرعت خدماته، وهو ذاكرة في رأس الوطن ونقوش بارزة على صدر بوابة الكويت، صعد جميع سلالم الحياة وتكللت جميع اعماله بالنجاح، ستذكره دائماً الاجيال التي تربت وابدعت على عطائه». وفي هذا القسم ايضاً نقرأ ما كتبه المسرحيون الكويتيون عن حمد الرجيب «ابراهيم الصلال، احمد باقر، احمد الصالح، د. بندر عبيد، جاسم النبهان، سعيد البنا، عبد العزيز خالد المفرج، عبد العزيز السريع، فؤاد الشطي، محمد السريع، محمد المنصور، محمد المنيع، مريم الصالح منصور المنصور، سالم الفقعان». يقول عنه محمد المنصور «ان اعمال الرجيب وشخصيته يمثلان وحدة متكاملة لا يمكن الفصل فيها بين الكاتب والفنان وبين المفكر والمسئول، بين رجل السياسة ورجل المجتمع، وفي كل هذه المحاور لا يمكن لك الا ان تحتفظ بالرجيب صديقاً يتمتع بقدر كبير من الشفافية والصدق، ومعنا نحن الفنانين أرسى الرجيب نموذجاً مستقراً من التفاعل يعتمد على التقدير المتبادل. فكان مثالاً رائعاً للمسئول الذي احيا دور المسرح، وقدر اهمية الفنان فمنحه الدور والمكانة اللائقة». ثم نسافر مع حمد الرجيب، نقرأ ما كتبته ادارات المسارح الاهلية في الكويت عنه، وعن رحيله. ثم نقرأ مجموعة من المقالات كتبها كتاب وادباء من الكويت وخارجها «د. لطيفة الرجيب، د.حسين مسلم، حمدية خلف، حياة الفهد، د.خليفة الوقيان، خليل علي حيدر، زكريا نيل، سعاد عبدالله، سعد الفرج، د.سليمان العسكري، سليمان الحزامي، سمية ايوب، سيف الشملان، عادل محمد عبد الغني، عبد الحسين عبد الرضا، د.عبد الرحمن العوضي، د. عبد الرزاق البصير، عبد العزيز جعفر، عبدالله خلف، عبد المحسن الحزامي، ليلى احمد، مبارك الحشاش، محمد الرشود، مصطفى الحاج علي، نزار قاسمية، د.يعقوب يوسف الغنيم». ثم نقرأ دراسات اكاديمية كتبت عن تجربة حمد الرجيب الابداعية لعدد من الباحثين منهم «د. ابراهيم عبدالله غلوم، ود. سليمان الشطي» وفي ذيل الكتاب نقرأ عن الكتب التي ذكرت الراحل او كتبت عنه، او تناولنا تجربته وسيرته واثره. على ان الكتاب ينتهي بمجموعة فريدة من صور الراحل تمثل بعض محطات حياته ومفاصلها. والكتاب ذاكرة حية لفترة ليست قصيرة من حياة الكويت وتاريخها ممثلة بابنها حمد الرجيب الذي ظل وفياً لوطنه وأمته. حتى رحيله في 25 مايو عام 1998. عبد الاله عبد القادر