بدأت العلوم الجنائية تشهد تحولا ثوريا، حيث أصبح بإمكان العلماء إعادة بناء ملامح وجوه الأشخاص استنادا إلى الحمض النووي المستخرج من مسارح الجريمة، ويُعرف هذا الأسلوب باسم تصنيف الصفات الظاهرية من الحمض النووي (DNA phenotyping)، وهو تقنية حديثة تجمع بين العلم والفن لإنتاج صورة تقريبية للشخص الذي تعود إليه العينة الجنائية.

تقوم التقنية على تحليل الشيفرة الجينية لتحديد الخصائص الوراثية للشخص، مثل لون الشعر والعينين، وبشرة الوجه، وحتى بعض السمات الأخرى كالنمش وشكل الحواجب وطول الجسم، وفقا لموقع iflscience.

بعد الحصول على العينة من مسرح الجريمة، يقوم العلماء بتسلسل الحمض النووي واستخدام خوارزميات متقدمة لتحويل البيانات الجينية إلى صورة رقمية يمكن أن تساعد السلطات في تحديد المشتبه بهم.

وقد استخدمت هذه التقنية بنجاح في حل جرائم معقدة، أبرزها قضية مقتل كاندرا ألستون وابنتها ماليزيا في 2011، حيث لم تتوفر أي أدلة كافية لتحديد الجاني، وبعد استخدام DNA phenotyping، تمكن العلماء من إنتاج صورة رقمية للمشتبه به أدت في النهاية إلى اعتقال وإدانة كينيث كانزاتر جونيور في 2017.

ووفقا لشركة Parabon، المطورة لنظام SnapshotTM المستخدم، يمكن للنظام استبعاد بعض الصفات الجسدية بدقة تصل إلى 95%، والتنبؤ بصفات الصبغية بأكثر من 80% دقة.

ولا يقتصر استخدام DNA phenotyping على القبض على الجناة، بل يمتد أيضا للتعرف على الضحايا المجهولين، فقد ساعدت التقنية في حل قضايا قديمة، مثل التعرف على رفات ضحايا تم العثور عليها بعد سنوات طويلة من وفاتهم، وذلك عبر الجمع بين إعادة بناء الوجه جنائيا وتحليل الحمض النووي، وأحيانا مع علم الأنساب الجيني.

لكن التقنية ليست خالية من التحديات الأخلاقية والعلمية، فهي ليست دقيقة دائما، وقد تؤدي إلى تحديد خاطئ للشخص، كما أن التغييرات في المظهر بسبب الجراحة أو التجميل أو تقويم الأسنان يمكن أن تجعل الصورة الناتجة مختلفة عن الواقع، وهناك أيضا مخاوف من أن تستخدم المعلومات المرتبطة بالأصل العرقي بطريقة قد تعزز الصور النمطية أو تظهر تحيزا في قواعد البيانات المرجعية.

رغم هذه التحديات، فإن المستقبل يبدو واعدا، فالبحث مستمر لتطوير دقة التنبؤ بلون البشرة، وملامح الوجه، وحتى العمر، مع اكتشاف علامات جينية جديدة، ويبدو أن DNA phenotyping أصبح أداة قوية في ترسانة الأدلة الجنائية، تساعد السلطات على التعرف على الجناة وحل الجرائم القديمة، وكذلك تحديد هوية الضحايا الذين فقدوا منذ سنوات.

ورغم أنها تقنية لا تزال في مراحل تطورها، لكنها بالفعل تترك أثرا واضحا في التحقيقات الجنائية، وتعيد تعريف الطريقة التي يمكن بها استخدام الحمض النووي للوصول إلى العدالة.