أعادت دراسة تحليلية جديدة نُشرت في مجلة Schizophrenia Bulletin الجدلَ العلمي حول العلاقة المحتملة بين تربية القطط والإصابة باضطرابات طيف الفصام، بعد أن أظهرت أن التعرّض للقطط في سنوات الطفولة قد يرتبط بزيادة الخطر بمعدل يصل إلى الضعف.

الدراسة التي حلّلت بيانات 17 بحثا من 11 دولة، كشفت وجود ارتباط إحصائي واضح بين امتلاك القطط والتشخيصات المُندرجة ضمن الاضطرابات الذهانية، وفقا لما نشره موقع ديلي جالكسي.

وبحسب الباحثين، فإن نتائج التحليل تشير إلى أن الأطفال الذين ينشأون في منازل تقتني قططا يملكون احتمالات أعلى للإصابة باضطرابات معرفية ونفسية لاحقا، إلا أن هذه النتائج لا تثبت علاقة سببية مباشرة، ما يستدعي إجراء دراسات طويلة المدى لفهم طبيعة هذا الارتباط.

ويركّز الباحثون منذ عقود على طفيلي المقوسات الغوندية (Toxoplasma gondii) كأحد العوامل البيولوجية المحتملة وراء هذا الارتباط، فالقطط تُعدّ المضيف الأساسي للطفيلي الذي لا يتكاثر إلا داخل أمعائها، ويمكن أن ينتقل إلى الإنسان عبر التعامل مع فضلات القطط، أو تناول لحوم غير مطهوة جيدا، أو ملامسة تربة ومياه ملوّثة.

وتشير الأبحاث إلى قدرة الطفيلي على الوصول إلى الجهاز العصبي المركزي والبقاء فيه مدى الحياة، مع احتمال تأثيره على بعض النواقل العصبية، ومنها الدوبامين، المرتبط باضطرابات نفسية مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب.

وتؤكد مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC) أن أكثر من 40 مليون شخص في الولايات المتحدة قد يحملون الطفيلي دون أعراض، ما يزيد من أهمية فهم تأثيراته المحتملة على الصحة النفسية عند الفئات الأكثر عرضة.

ووفق الدراسة، فإن عدة أبحاث شملها التحليل تشير إلى أن توقيت التعرّض قد يكون أكثر أهمية من التعرّض نفسه، ففي إحدى الدراسات، لم يظهر ارتباط بين امتلاك قطط قبل سن 13 عاما والمرض، بينما برزت علاقة واضحة عند تضييق نطاق العمر إلى ما بين 9 و12 عاما، ما يوحي بأن بعض مراحل النمو قد تكون أكثر حساسية.

كما كشفت دراسات أخرى عن أن الأشخاص الذين تعرضوا لعضّات القطط سجلوا درجات أعلى على مقاييس السمات الفصامية، ما يفتح الباب أمام احتمال وجود عوامل أخرى إلى جانب الطفيلي، مثل بكتيريا Pasteurella multocida الموجودة في لعاب القطط.

ورغم أن بعض الدراسات واسعة النطاق، ومنها دراسة بريطانية منشورة في Psychological MedicineK ، لم تجد دليلا قاطعا على وجود ارتباط، فإن اتساق نتائج الدراسات الأكثر جودة يدفع الباحثين إلى اعتبار تربية القطط في الطفولة "عاملا مُعدِّلا محتملا للخطر" يستحق المزيد من التمحيص العلمي.

وتشدد الدراسة على أن النتائج لا تستدعي القلق أو التخلي عن الحيوانات الأليفة، بل توصي باتباع إجراءات وقائية بسيطة مثل ارتداء القفازات عند تنظيف صناديق الفضلات، وطهي اللحوم جيدا، وغسل المنتجات الطازجة بعناية، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.