في صورة التقطها رائد فضاء عام 2023، ظهر نهر ألاباما متلألئا بشكل مذهل، يشبه تنينا صينيا ذهبيا عملاقا يتلوى عبر الأراضي، وهو مشهد نادر لا يُرى إلا من المدار الأرضي. هذا التحوّل المؤقت للنهر إلى ما يشبه الثعبان الذهبي يعود إلى ظاهرة بصرية استثنائية تُعرف باسم "انعكاس ضوء الشمس"، والتي تحدث عندما ينكسر ضوء الشمس بانعكاس مثالي عن سطح الماء الساكن، فيظهر للناظر من الفضاء وكأن النهر مرآة سائلة كبيرة تعكس أشعة الشمس بشكل متلألئ.

يمتد نهر ألاباما لمسافة 318 ميلاً (512 كيلومترًا) بدءا من عاصمة الولاية، مونتغمري، مرورا بمدن رئيسية مثل برمنغهام وسيلما، وصولا إلى خليج موبايل حيث يصب في خليج المكسيك. وتبرز الصورة جزءا من النهر عند منعطف كبير على شكل حرف U يُعرف باسم "منعطف جي"، الذي يحيط ببلدة بوكين الصغيرة، المشهورة بفنها الشعبي النابض بالحياة، ما أضفى على المشهد بعدا ثقافيا وجماليا فريدا.

يساهم انعكاس أشعة الشمس على المياه في إظهار التباين المدهش بين اليابسة والمياه، فيما تُبرز الانحناءات الكبيرة للنهر شكله الأسطوري الذي يشبه التنين الصيني. ويُمثل رأس "التنين" في الصورة المناطق المغمورة بالمياه في خزان ويليام "بيل" دانيلي الاصطناعي، الذي تم إنشاؤه في الستينيات عبر بناء سد جزئي على النهر. هذا الخزان، الذي تبلغ مساحته حوالي 70 كيلومترا مربعا، يُولّد الطاقة الكهرومائية ويُعد مقصدًا شهيرًا لصيد الأسماك، بما في ذلك الكرابي والباس والسلور.

بعد بناء السد، ارتفعت مستويات المياه في النهر أعلى من المتوقع، مما أدى إلى فيضان مستمر في السهول المحيطة، مثل تشيلاتشي كريك وحول "جيز بيند" عند ذيل التنين، مضيفًا لمسة درامية للطبيعة المحيطة، وفقا لموقع "livescience".

وفي حين أن معظم المسطحات المائية تظهر بشكل فضي يشبه المرآة عند انعكاس الشمس، فإن التوهج الذهبي لنهر ألاباما يجعل هذه الظاهرة مميزة بشكل خاص، ويتيح لرصدها من الفضاء فرصة لرؤية النهر بشكل لم يُشاهَد من قبل، متيحا للعلماء وهواة الفضاء فرصة لتقدير جمال التفاعلات الطبيعية بين الضوء والمياه.

وعلى الرغم من أن بريق الشمس يُقدّر غالبا لجماله وسحره البصري، إلا أنه يُعد أداة قيّمة للعلماء والباحثين البيئيين. فعندما يرصد رواد الفضاء انعكاس أشعة الشمس على سطح الماء، لا يقتصر الأمر على كونه فرصة رائعة لالتقاط صور مذهلة، بل يُمكن استخدام هذا الانعكاس لدراسة خصائص النهر أو المحيط بشكل علمي دقيق. يوفّر انعكاس الضوء معلومات مهمة حول صفاء المياه، والصحة البيئية للمنطقة، وكذلك تأثير الأنشطة البشرية على البيئة.

وكما تشير وكالة ناسا، يُستخدم بريق الشمس عادةً لدراسة سلوك المحيطات، مثل الأمواج الدوامية أو الأمواج الداخلية، لكنه يُظهر أيضا مناطق التلوث، وبقع الزيت، وحتى آثار مرور السفن، مما يجعل هذه الظاهرة أداة قيّمة لرصد البيئة ومراقبتها عن بعد.

وتوضح وكالة الفضاء الأمريكية أن هذه المناطق المغمورة بالمياه نموذجية للسهول الفيضية، وهي مساحات منخفضة ومسطحة تقع بجانب الأنهار الكبيرة، وتلعب دورا مهما في تنظيم تدفق المياه والحد من الفيضانات في المناطق السفلية. من خلال مراقبة بريق الشمس على مثل هذه السهول والمسطحات المائية، يمكن للعلماء دراسة تأثير السدود والخزانات على البيئة، ورصد التغيرات طويلة المدى في الأنظمة المائية بشكل دقيق وفعّال.