تشهد الهند خلال السنوات الأخيرة تحولا زراعيا لافتا مع الصعود المتسارع لنبتة المخانا، أو ما يُعرف ببذور اللوتس، التي باتت تحتل مكانا بارزا في الحقول، خصوصا في ولاية بيهار شمال شرقي البلاد، ويأتي هذا الازدهار بعد تصنيف المخانا ضمن قائمة "السوبرفود" أو الغذاء الخارق لما تحتويه من قيمة غذائية عالية، جعلت الطلب عليها يتزايد محليا وعالميا.
ويُعرف "السوبرفود" بأنه طعام طبيعي عالي العناصر الغذائية وقليل السعرات، ويسهم في تعزيز المناعة والوقاية من الأمراض بفضل غناه بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن.
وتتميّز بذور المخانا تحديدا باحتوائها على نسب مرتفعة من فيتامينات B، والبروتين، والألياف، إضافة إلى مضادات الأكسدة مثل فيتامين A والمغنيسيوم والسيلينيوم، وهي عناصر ترتبط بخفض مستوى السكر في الدم ودعم التحكم في الوزن ومكافحة الشيخوخة، وفقا لـ StarsInsider.
وتُعد بيهار المنتج الأكبر عالميً للمخانا، إذ يُزرع فيها نحو 90% من الإنتاج العالمي. وتنمو نبتة المخانا عادةً في المياه الراكدة، حيث تتطلب عملية جمع البذور غوص العمال إلى قاع البرك لجمع البذور المتساقطة، وهي مهمة شاقة ومرهقة وتتسبب بمتاعب جلدية للعمال بسبب الطين.
غير أن هذا المشهد بدأ يتغير مع اعتماد طرق زراعة جديدة تعتمد على الحقول ذات المياه الضحلة، ما خفّف من صعوبة الحصاد ورفع إنتاجية العمال.
وأتاح الحصاد من مياه لا يتجاوز عمقها 30 سنتيمترا للمزارعين تحقيق ضعف الدخل اليومي، في وقت دفعت فيه الفيضانات المتكررة في المنطقة كثيرا من مزارعي القمح والعدس والخردل إلى التحول نحو زراعة المخانا كبديل اقتصادي أكثر استقرارا.
وتُظهر البيانات الرسمية أن مساحة الأراضي المزروعة بالمخانا ارتفعت إلى 35,224 هكتارا في عام 2022، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المساحة قبل عقد من الزمن.
ومكّن هذا التوسع من خلق فرص عمل جديدة، حيث وظّف عدد من المزارعين مجموعات كبيرة من النساء للعمل في زراعة البذور، بينهم المزارع ديريندرا كومار الذي يشغّل 200 امرأة محليا.
كما ساهم إدخال آلات حديثة لتحميص البذور وتفجيرها في تحسين الجودة وزيادة الإنتاج، فيما يعمل المركز القومي لأبحاث المخانا على تطوير آلة مخصّصة للحصاد لتقليل الاعتماد على العمل اليدوي.
وبفضل الطلب المتزايد، أصبحت الهند أكبر مصدر للمخانا عالميا، مع توجه معظم الصادرات إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.
وتنتشر زراعة المخانا أيضا في الصين، خصوصا في هاينان وتايوان، إذ تُستخدم على نطاق واسع في الطب الصيني التقليدي لمعالجة عدد من المشكلات الصحية.
فوائد المخانا
أول ما يميز المخانا هو غناها بمضادات الأكسدة مثل فيتامين A والسيلينيوم والمغنيسيوم، وهي عناصر تساعد على حماية الخلايا من التلف والحد من مظاهر الشيخوخة المبكرة، كما تسهم هذه المضادات في تعزيز عمل الجهاز المناعي وتقليل مخاطر الالتهابات.
وتحتوي المخانا على نسبة كبيرة من البروتين والألياف الغذائية، مما يجعلها خيارا ممتازا لمن يسعى للتحكم بالوزن، إذ تعزز الإحساس بالشبع وتحسن عملية الهضم. وتساعد الألياف أيضا في خفض مستويات الكوليسترول في الدم، ما يدعم صحة القلب والأوعية الدموية.
تُعد المخانا غذاءً مناسبا لمرضى السكري، إذ تساعد عناصرها الغذائية على تنظيم مستوى السكر في الدم ومنع تقلباته. كما أنها قليلة الدهون والسعرات الحرارية، ما يجعلها وجبة خفيفة صحية مقارنة بالوجبات المصنعة.
وتحتوي المخانا على معادن رئيسية مثل البوتاسيوم، والكالسيوم، والحديد، وهذه العناصر ضرورية للحفاظ على صحة العظام والعضلات، ودعم وظائف الجسم الحيوية. كما أن غناها بالمغنيسيوم يسهم في تحسين جودة النوم وتقليل التوتر.
ويُستخدم هذا الغذاء في الطب التقليدي الآسيوي منذ قرون، حيث تُنسب إليه خصائص تساعد في علاج مشكلات الجهاز الهضمي مثل الإسهال، إضافة إلى دوره المحتمل في تحسين صحة الكلى والمسالك البولية.
وتُعد المخانا خيارا متعدد الاستخدامات، حيث يمكن تناولها محمّصة كوجبة خفيفة، أو إضافتها إلى أطباق مثل الحساء والسلطات، دون أن تفقد قيمتها الغذائية الأساسية.
