في عامي 1996 و1997، استحوذ مذنب هيل بوب على اهتمام العالم بأسره، مُقدّماً أحد أندر وأروع المشاهد الفلكية في التاريخ الحديث. فقد كان هذا المذنب الضخم مرئياً بالعين المجردة لمدة 569 يومًا، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بالمذنبات الأخرى التي عادةً ما تظهر لأسابيع أو أشهر قبل أن تختفي في الأفق.
هيل بوب صدفة علمية أعادت كتابة التاريخ
في 23 يوليو 1995، اكتشف عالما الفلك آلان هيل وتوماس بوب المذنب بشكل مستقل، كانت الرحلة البحثية لكل منهما جزءاً من رصد السماء لأجرام أخرى، ولكن الصدفة ألقت الضوء على هذا الجرم السماوي الجديد.
هيل، المقيم في نيو مكسيكو، لاحظ شيئًا غريباً أثناء توجيه تلسكوبه نحو عنقود نجمي في كوكبة القوس.
قال هيل لمجلة تايم: "بمجرد أن نظرت، رأيت جسماً غامضاً قريباً. كان الأمر غريباً، لأنني نظرت إلى M70 قبل أسبوعين ولم يكن الجسم موجودًا هناك."
في الوقت نفسه تقريباً، لاحظ بوب شيئاً مشابهاً في أريزونا. بعد التأكد من أن الجسم غير معروف في تلك المنطقة، أرسلا إشعارات إلى المكتب المركزي للبرقيات الفلكية، معلنين رسمياً اكتشاف المذنب الجديد.
وقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة، مثل البريد الإلكتروني، على تسريع الإبلاغ عن الإحداثيات، بينما استغرقت الطريقة التقليدية بالبرقية وقتًا أطول.
رؤية استثنائية لمدة 569 يوماً
ما جعل هيل-بوب استثنائياً حقاً هو وضوحه المطول. استمر المذنب في الظهور من أواخر عام 1996 حتى منتصف 1997، ما منح الناس حول العالم فرصة نادرة لمشاهدته وهو يحلق في السماء ليلاً ونهارًا أحيانًا.
سر وضوحه الدائم يعود إلى حجمه الهائل ، حيث يبلغ قطر نواة هيل-بوب حوالي 60 كيلومترًا (37 ميلًا)، أي ما يعادل خمسة أضعاف حجم الجسم الذي يُعتقد أنه تسبب في انقراض الديناصورات. هذا الحجم الكبير سمح له بالتألق لفترة أطول بكثير من معظم المذنبات، ما خلق تجربة بصرية مذهلة للملايين حول العالم، وفقاً لـ " dailygalaxy".
رحلة المذنب حول الشمس
يبلغ مدار هيل-بوب حول الشمس 2534 عاماً، مما يجعل ظهوره حدثاً فلكياً نادراً للغاية. وصل المذنب إلى نقطة الحضيض، أقرب نقطة له من الشمس، في 1 أبريل 1997. ومع مرور المذنب بالقرب من الأرض، أصبح ذيله الطويل اللامع أكثر روعة، ممتداً ملايين الكيلومترات في السماء وملونًا بدرجات من الأزرق والأبيض، في مشهد جذّاب لا يُنسى.
تأثيره الثقافي والعلمي
على الرغم من أن المذنب كان حدثاً مؤقتاً، إلا أن أثره لم يزُل في عالم الفلك أو الثقافة الشعبية. أصبح هيل بوب معياراً جديداً لوضوح المذنبات وحجمها، وألهم اهتماماً متزايداً باستكشاف الفضاء ودراسة المذنبات. الصور الحديثة التي التقطها تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا أظهرت تفاصيل مذهلة لذيله ونواته العملاقة، مؤكدة عظمة هذا الجرم السماوي الذي أسر قلوب البشر قبل أكثر من ربع قرن.
