غابة القاهرة الأحفورية هي ثاني أقدم غابة أحفورية في العالم. يقول العلماء إن هذه الغابات تُمثل نقطة تحول في تاريخ الأرض لأنها غيّرت تركيب الغلاف الجوي.
وغابة القاهرة الأحفورية هي مجموعة فريدة من الأشجار عمرها 385 مليون عام، محفوظة في محجر مهجور شمال ولاية نيويورك الأمريكية. وتضم الغابة بعضًا من أقدم الأشجار في العالم، بالإضافة إلى أقدم نماذج معروفة لأشجار ذات أوراق وجذوع خشبية سميكة، وفقًا للباحثين.
وقال كريستوفر بيري ، عالم النباتات القديمة بجامعة كارديف في المملكة المتحدة، لمجلة "ساينس" عندما أُعلن عن الاكتشاف في عام 2019 : "موقع القاهرة مميز للغاية". وأضاف بيري، الذي كان أحد العلماء الذين اكتشفوا الموقع في عام 2009: "عندما نقف على سطح المحجر، يمكننا إعادة بناء الغابة الحية من حولنا في مخيلتنا".
بقايا أشجار عتيقة مدفونة تحت أرضية المحجر، لكنها تُشكل أنماطًا على السطح تكشف عن أماكن رسوخ جذوع الأشجار وجذورها في الأرض.
وذكرت مجلة "ساينس" أن سُمك بعض الجذور المتحجرة يبلغ حوالي 15 سم، وتمتد أكبر شبكات الجذور لمسافة 11 متراً (36 قدماً) بعيدًا عن الجذوع.
يُرجَّح أن تنتمي هذه الأشجار إلى فصيلة الأركيوبتريس ، وهي فصيلة منقرضة من الأشجار ذات أوراق تشبه أوراق السرخس، وترتبط بالأشجار الحديثة.
تشير الأبحاث إلى أن أشجار الأركيوبتريس نمت لأكثر من 20 متراً (66 قدمًا) مع نهاية العصر الديفوني (منذ 419.2 مليون إلى 358.9 مليون سنة)، وهو العصر المعروف أيضًا باسم "عصر الأسماك" نظراً للتنوع الهائل الذي حدث في هذه الفصيلة الحيوانية.
نقطة تحول في تاريخ الأرض
مثّلت أشجار الأركيوبتريس الأولى نقطة تحول في تاريخ الأرض، إذ ساعدت على امتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO2) وحبسه من الهواء، مما غيّر تركيب الغلاف الجوي للكوكب. كما سرّعت هذه النباتات عملية تُسمى التجوية، والتي تحدث عندما تتشابك الجذور وتكسر الصخور، مما يعرضها للهواء ويحفز تفاعلًا كيميائيًا يحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى أيونات كربونات. وفي نهاية المطاف، تصل هذه الأيونات إلى المحيط وتتحد لتكوين الحجر الجيري، وفقًا لما ذكره خبراء لمجلة ساينس.
قبل اكتشاف غابة القاهرة الأحفورية، كان عمر أقدم أشجار الأركيوبتريس المكتشفة 365 مليون سنة، وفقًا لبيري. ويشير اكتشاف غابة القاهرة الأحفورية عام 2009 إلى أن هذه الأشجار ما قبل التاريخ تطورت قبل ذلك التاريخ بعشرين مليون سنة على الأقل، ولكن لا يزال من غير الواضح متى ظهرت لأول مرة على الأرض.
على الرغم من كونها أقدم مثال على ظهور أوراق وجذوع سميكة في الأشجار، فإن غابة القاهرة الأحفورية ليست الأقدم في العالم. ففي عام 2024 ، اكتشف العلماء حفريات نباتية عمرها ٣٩٠ مليون عام في جنوب غرب إنجلترا، مما أزاح غابة القاهرة الأحفورية عن عرش أقدم غابة معروفة. تنتمي هذه الحفريات الأقدم إلى نوع منقرض من النباتات يشبه أشجار النخيل، ويُعتقد أنها وثيقة الصلة بالسراخس وذيل الحصان.
وقال نيل ديفيز ، أستاذ في قسم علوم الأرض بجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، لموقع "لايف ساينس" : "إنها تحتوي على جذع مركزي طويل وما يشبه سعف النخيل المنفصلة عنها، ولكن هذه السعف ليست أوراقاً في الحقيقة - إنها في الواقع مجرد مجموعة من الأغصان الصغيرة" .
اكتُشفت نباتات مشابهة لتلك الموجودة في جنوب غرب إنجلترا على بُعد 40 كيلومتراً فقط من غابة القاهرة الأحفورية في جلبوع، نيويورك. يبلغ عمر غابة جلبوع الأحفورية 382 مليون عام، وقد حُفرت لأول مرة في القرن التاسع عشر . وحملت لقب "أقدم غابة في العالم" حتى اكتشفها الباحثون في مدينة القاهرة بولاية نيويورك الأمريكية.
