تعد بحيرة بايكال في جنوب شرق روسيا أقدم وأعمق بحيرة على وجه الأرض، حيث يقدر عمرها بحوالي 25 مليون سنة، ويصل عمقها إلى نحو 1700 متر (5600 قدم). وتحتوي البحيرة على نحو خُمس المياه العذبة غير المجمدة على كوكب الأرض، ما يجعلها مصدرا حيويا للمياه العذبة.

تشتهر بحيرة بايكال بتنوعها البيولوجي الفريد، ويطلق عليها العلماء لقب "غالاباغوس روسيا" (مصطلح "غالاباغوس روسيا" يُستخدم عادةً بشكل مجازي للإشارة إلى وضع فريد) نظرا لوجود مئات الأنواع الغريبة من النباتات والحيوانات التي لا توجد في أي مكان آخر بالعالم، حيث يُقدَّر أن نحو 80٪ من الكائنات التي تعيش فيها هي مستوطنة لا تتواجد في بحيرات أو أنهار أخرى.

ومن أبرز الكائنات التي تسكن البحيرة سمكة بايكال الزيتية، المعروفة علميا باسم غولوميانكا، وهي أسماك شفافة بلا حراشف يصل طولها إلى 21 سنتيمترا تقريبا. وتعتبر هذه الأسماك من بين أعمق أسماك المياه العذبة على الإطلاق، إذ تسكن عمود الماء بالكامل، كما أنها تمارس أحيانا أكل صغارها ضمن نظامها الغذائي الذي يتكون من العوالق البحرية مثل القشريات الصغيرة واليرقات.

وبالرغم من أن سطح البحيرة يغطيه الجليد لمدة خمسة أشهر سنويا، فإن النظام البيئي الذي تطور فيها مذهل ويتميز بقدرة الكائنات على التكيف مع درجات الحرارة المتغيرة. ففي الصيف يمكن أن تصل حرارة الطبقة السطحية إلى 16°م، بينما يمتد الجليد في الشتاء ليبلغ سمكه بين 0.5 و1.4 متر، ويصل في بعض المناطق إلى مترين فوق التلال الجليدية الصغيرة.

كما تشتهر البحيرة بالحلقات الجليدية الغامضة التي تظهر في الشتاء ويبلغ قطرها أحيانا عدة كيلومترات، بحيث يمكن رؤيتها من الفضاء. وقد كشفت أبحاث علماء ناسا أن هذه الحلقات تتكون نتيجة دوامات دافئة تحت سطح الجليد، تعمل على إذابة الجليد في بعض الأماكن، لتشكل هذه الأنماط الغريبة.

وفي قاع البحيرة، كشفت الأبحاث عن وجود حصائر من البكتيريا، والإسفنج، والليمبتات، والأسماك، بينما كانت بعض الأساطير المحلية تتحدث عن وجود تنين يُدعى "لوسود-خان"، إلا أنه لم يُثبت علميا.

تستمر بحيرة بايكال في جذب الباحثين والسياح على حد سواء، ليس فقط لما تحويه من مياه عذبة هائلة وأعماق مذهلة، بل أيضا لما تحتويه من كائنات فريدة وبيئة طبيعية تستحق الدراسة والحماية.

بايكال ليست مجرد بحيرة، بل هي مختبر طبيعي يقدم للعالم دروسا قيّمة في التنوع البيولوجي، التكيف البيئي، وأسرار أعماق الأرض الباردة، مما يجعلها واحدة من أكثر المواقع الطبيعية إثارة وإلهاما في العالم.