حذر علماء من احتمال وقوع انفجار بركاني هائل، يشبه الانفجار الكارثي لبركان تامبورا في إندونيسيا عام 1815، الذي أدّى إلى ما عُرف بـ"السنة بلا صيف"، حيث تراجعت درجات الحرارة ودمرت المحاصيل حول العالم.

ويؤكد الخبراء أن حدوث انفجار مماثل اليوم قد يعطل المناخ العالمي ويؤثر على الاقتصاد وسلاسل الإمداد الغذائية، داعين صانعي السياسات إلى وضع خطط عاجلة للتخفيف من المخاطر والاستعداد لها.

تُعد انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت من أخطر آثار الانفجارات البركانية الهائلة. فعند انفجار تامبورا، أطلق البركان كميات هائلة من الرماد والغازات إلى الغلاف الجوي، لترتفع إلى طبقات التروبوسفير والستراتوسفير، مكوّنة جزيئات دقيقة من الهباء تعكس أشعة الشمس بعيداً عن الأرض، مسببة انخفاضاً ملحوظاً في درجات الحرارة، وفي حادثة لاحقة، أطلق بركان بيناتوبو في الفلبين عام 1991 نحو 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت، ما تسبب في تبريد عالمي قدره نصف درجة مئوية، رغم أن هذا الانفجار لم يُصنف كحدث هائل.

ويحذر العلماء من أن الهباء البركاني قد يبقى معلقاً لسنوات، معكوساً أشعة الشمس بشكل مستمر، مما يزيد من تفاقم تحديات التغير المناخي. وقد يؤدي انخفاض حرارة الأرض المفاجئ إلى اضطراب أنماط الطقس، خصوصاً الأمطار الموسمية، الأمر الذي يهدد مناطق واسعة تعتمد على الزراعة الموسمية في آسيا وأفريقيا، ويزيد من خطر نقص الغذاء وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

كما أن التأثير التبريدي لن يحل مشكلة الاحتباس الحراري؛ إذ قد تعود درجات الحرارة للارتفاع بسرعة بعد استقرار الهباء، ما يؤدي إلى موجات حرارة شديدة. هذا التذبذب بين التبريد والاحترار قد يزعزع استقرار النظم البيئية والاقتصادات العالمية. ومع وجود أكثر من 1600 بركان نشط حول العالم، يضع العلماء تحديد البراكين الأكثر خطورة كأولوية قصوى.

يذكر أن الهباء البركاني هو جزيئات دقيقة جداً من الصخور والرماد والمعادن والغازات البركانية التي تطلقها البراكين أثناء الانفجار. هذه الجزيئات صغيرة جداً بحيث يمكن أن تبقى معلقة في الغلاف الجوي لفترات طويلة، وتتراوح أحجامها من ميكرونات (أصغر من شعرة الإنسان) إلى جزيئات أكبر يمكن أن تسقط بسرعة على الأرض.

تشير السجلات التاريخية لانفجار تامبورا إلى أن "السنة بلا صيف" كانت مليئة بالمجاعات والانحدار الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية، وفشل المحاصيل في أوروبا وأمريكا الشمالية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص الغذاء. واليوم، مع تزايد الترابط السكاني والاقتصادي العالمي، ستتضاعف آثار أي انفجار مماثل لتشمل سلاسل الإمداد الدولية والعلاقات الاقتصادية بين الدول.

ويؤكد العلماء ضرورة تحسين المراقبة باستخدام الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار الأرضية والمبادرات البحثية المشتركة، لضمان الكشف المبكر عن أي علامات نشاط بركاني، مع وضع خطط طوارئ لتعزيز المرونة الغذائية وقدرات الاستجابة للكوارث، إلى جانب التعاون الدولي لمواجهة التحديات المحتملة.

يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للبشرية حماية نفسها من مثل هذه الأحداث الطبيعية غير المتوقعة؟ الحاجة واضحة إلى استراتيجيات استباقية مستندة إلى التاريخ والعلم، لضمان مستقبل أكثر قدرة على الصمود أمام الكوارث البركانية.