رسم أبطال سابقون لمبادرة تحدي القراءة العربي ملامح الطريق للصعود إلى منصات التتويج في التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم، ودخول السجل الذهبي لقائمة المكرمين في ختام كل دورة من تحدي القراءة العربي، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العام 2015، بهدف تعزيز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، وتطوير آليات الاستيعاب والتعبير عن الذات بلغة عربية سليمة، وتحبيب الشباب العربي بلغة الضاد، وتشجيعهم على استخدامها في تعاملاتهم اليومية، وترسيخ حب المعرفة والقراءة والاطلاع لدى الأجيال الجديدة.
واستعرض الأبطال السابقون جانباً من الأثر الإيجابي، الذي أحدثته مشاركتهم في تحدي القراءة العربي، التي تندرج تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، وانعكاس ذلك على فهمهم لأنفسهم وإدراكهم لقدراتهم الحقيقية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتمكينهم من اتخاذ القرار الصحيح فيما يتعلق بمسيرتهم الدراسية، وتحديد طموحاتهم المستقبلية، كما استذكر الأبطال محطات بارزة خلال طريقهم إلى التتويج، وتوقفوا عند أفضل السبل، التي يجب اتباعها لدى المشاركين في تصفيات تحدي القراءة العربي لصقل الإمكانات، وتحقيق الفائدة القصوى من المشاركة.
الثقة بالنفس
وأكدت بطلة تحدي القراءة العربي في دورته الثانية، الفلسطينية عفاف الشريف، أنها تعلمت من فوزها بلقب الدورة الثانية من بين 7.4 ملايين طالب وطالبة من 26 دولة، وتجربة مشاركتها في المنافسات أن تثق بنفسها، وبالجهد الذي تبذله لتحقيق أحلامها، وألا تسمح لأي كان أن يشكك في قدراتها، أو تدع للإحباط طريقاً إلى حياتها.
أنهت عفاف الشريف دراسة الطب البشري في جامعة القدس، محققة حلماً راودها منذ الصغر، وتقول: «الفوز بلقب تحدي القراءة العربي كان صفحة البداية في رحلتي لدراسة الطب البشري، بعد الفوز بالمسابقة اجتزت امتحان الثانوية العامة بتفوق، وحصلت على قبول لدراسة الطب في جامعة القدس، وقد أتممت الدراسة، وتخرجت عام 2024».
وتضيف: «كلمة السر في فوزي باللقب هي حبي لوطني. نعم، لقد كانت المنافسة القوية هي ما دفعتني لأعطي أفضل ما عندي، لتكون فلسطين بالمركز الأول. الفوز باللقب له مكانة خاصة في قلبي وحياتي، فقد توج حبي للقراءة، الذي رافقني في سنوات الطفولة».
الالتزام والتنظيم
وقالت المغربية مريم أمجون، التي نالت لقب بطلة تحدي القراءة العربي في دورته الثالثة، في ختام منافسات شارك فيها 10.5 ملايين طالب وطالبة من 44 دولة، إن الدرس الأبرز الذي تعلمته من المشاركة والفوز باللقب هو «أن المثابرة تصنع الفرق، وأن كل ساعة أقضيها مع كتاب تفتح أمامي آفاقاً جديدة لم أكن أتخيلها».
وأكدت مريم أمجون الطالبة في المرحلة الثانوية أن فوزها باللقب كان ثمرة شغفها العميق بالقراءة، والالتزام، والتنظيم، والإصرار وإيمانها بقدرتها على نيل المركز الأول، وتقول: «القراءة هي النور الذي قادني لاكتشاف ذاتي، ومنحني جناحين لأحلق نحو المستقبل».
الإصرار والعزيمة
ويعتبر الأردني عبدالله محمد مراد أبو خلف، بطل تحدي القراءة العربي في دورته الخامسة، التي شهدت مشاركة أكثر من 21 مليون طالب وطالبة من 52 دولة، أن فوزه باللقب كان نتيجة للإصرار والعزيمة والتضحية، وهو ما يواظب عليه حتى الآن، حيث يدرس الطب البشري في جامعة مؤتة الأردنية.
وقال طالب السنة الخامسة في جامعة مؤتة: «كان لتحدي القراءة العربي والفوز بلقبه الأثر البالغ في شخصيتي، وما زلت لليوم أعرف من خلال هذا الإنجاز، واستطعت أن أطلق العنان لطاقاتي وإمكاناتي، وحقيقة فإن القراءة صنعتني وصاغت شخصيتي وغيرت من دوافعي نحو الحياة، ورفعت من سقف أحلامي، وأنضجت أحكامي على كل شيء من حولي».
شغف القراءة
ودعت السورية شام البكور، بطلة تحدي القراءة العربي في دورته السادسة، التي شهدت مشاركة 22.27 مليون طالب وطالبة من 44 دولة، كل من يرغب بالمشاركة في منافسات التحدي إلى جعل القراءة أسلوب حياة لا واجباً مؤقتاً، والإقبال عليها بشغف، من أجل بناء الذات، وتوسيع آفاق التفكير، وتقول لأبناء جيلها: «لا تنتظروا أن تكبروا لتصنعوا فرقاً. اصنعوا الفرق، لتكبروا عليه. آمنوا بأنفسكم، وابدأوا من اليوم، حتى لو بخطوة صغيرة».
أشياء كثيرة تعلمتها شام البكور من مطالعاتها ومشاركتها في التحدي، وفي مقدمتها أنه ليس هناك خطوة واحدة عملاقة إنما مجموعة خطوات صغيرة، وأن الموهبة هي مجرد نقطة بداية، وعلى الإنسان أن يواصل العمل على تنمية هذه الموهبة.
حب الكتاب
وتلخص الإماراتية آمنة محمد المنصوري بطلة تحدي القراءة في دورته السابعة، مناصفة مع القطري عبدالله محمد البري، من بين 24.8 مليون طالب وطالبة من 46 دولة، سبب فوزها باللقب بجملة واحدة: «أهم ما يجب أن يتحلى ويتسلح به بطل التحدي هو حب صادق للكتاب وللقراءة»، مضيفة: «كنت قارئة نهمة منذ الصغر، ولم يرتبط مفهوم القراءة عندي بالمسابقة بشكل مباشر، لكنني بعد سنوات من المطالعة وجدت أنني أحمل شغفاً وحباً للمشاركة. هذا التحدي لا يبحث عن متسابق يقرأ ليتوج، لكنه يبحث عن طالب يقرأ ليعيش».
وأكدت آمنة، وهي اليوم طالبة في السنة الثانية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا ومتخصصة في علم الفيزياء التطبيقي، أن فوزها بلقب بطلة تحدي القراءة العربي منحها ثقة أكبر لمناقشة الكتب، وطور من مهاراتها في طرح الأفكار، ومثل لها انطلاقة نوعية لتحقيق إنجازات جديدة في مجالات الرياضة والأدب واللغة والمطالعة، وكذلك في مجالات العلوم كالفيزياء والرياضيات وغيرها، وتقول آمنة المنصوري: «يحيا الإنسان حين يقرأ، ويفقد نفسه وهو يركض في زحام الحياة إذا ركن الكتاب».
المثابرة سر المجد
من جانبه قال عبدالله محمد البري، بطل تحدي القراءة في دورته السابعة، موجهاً كلامه للمشاركين في تحدي القراءة العربي: «ادخلوا التحدي بقلوب عاشقة للقراءة لا بعقول متسابقة، فالمنافسة مؤقتة، أما القراءة فهي حياة دائمة تبني العقول، تغذي الأرواح، وتنهض بالأوطان. اجعلوا الكتاب رفيقكم، وعزيمتكم دافعاً نحو المجد والمعرفة».
ويعتبر عبدالله، وهو اليوم طالب في الصف الأول الثانوي، أن الدرس الأبرز الذي تعلمه من تجربة مشاركته وفوزه بلقب بطل تحدي العربي هو أن القراءة ليست ترفاً بل حياة كاملة، بها تُبنى العقول، وتُصان القيم، وتنهض الأمم، كما أدرك أن المثابرة هي سر المجد، وأن من جعل الكتاب رفيقاً لا يعرف الهزيمة.
وأكد أن فوزه باللقب كان ثمرة شغف لا يخمد وانضباط لا يلين، ويضيف: «أؤمن بأن طلب العلم لا تحده المراحل، ولا توقفه الشهادات، فكل كتاب مدرسة جديدة، وكل سطر معلم إضافي. القراءة صاغت شخصيتي بعمق واتزان، ووسعت مداركي، وعمقت بصيرتي، فصرت أبني أفكاري على الحجة والبرهان لا على الهوى، وأرى العالم بعين فاحصة متيقظة».
التمسك بالأمل
وقال أبطال الدورة الثامنة من تحدي القراءة العربي، والتي استقطبت 28.2 مليون طالب وطالبة من 50 دولة، وهم حاتم محمد جاسم التركاوي من سوريا، وكادي بنت مسفر الخثعمي من المملكة العربية السعودية، وسلسبيل حسن صوالحة من فلسطين، عن دروس عدة تعلموها من المشاركة والفوز بلقب الدورة الثامنة، أبرزها أن طريق النجاح يمر عبر الإصرار والمثابرة، وأنه لا وجود لكلمة مستحيل عند توفر الإرادة.
يروي حاتم التركاوي جانباً من رحلته للفوز بلقب بطل التحدي: «نشأت وترعرعت بين أفراد أسرة مثقفة، أقتنص معلومة من هنا وعبارة من هناك. حفظ وترتيل القرآن الكريم أكسبني فصاحة اللسان، والقدرة على الفهم والتحليل، شاركت منذ سمعت عن المبادرة في الموسم السابع فلم تفتح لي الأبواب حينها، فأعدت المشاركة مرة أخرى، وضاعفت قراءتي وتنمية ذاتي والحمد لله تكلل ذلك الجهد بفوزي بأعظم التحديات.. تحدي القراءة العربي».
تحدٍ جديد
وقالت كادي الخثعمي، إن الفوز باللقب علمها أنه «لا حدود لإمكانات البشر»، وتشير طالبة المرحلة المتوسطة إلى أن الفوز تحقق بالمثابرة والاجتهاد، والثقة بالنفس لتحقيق الطموحات.
وأضافت: «أسهم فوزي بلقب بطلة تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة، في صقل شخصيتي، وأضاف الكثير لي ولحصيلتي اللغوية والمعرفية، كما كان لفوزي تأثير كبير في المجال الدراسي. أصبحت أكثر ثقة بما أقدم، أكثر وعياً لمواطن قوتي وضعفي، لقد خلق الفوز بلقب تحدي القراءة العربي تحدياً جديداً في حياتي».
تعتبر كادي الخثعمي أن الرحلة مع القراءة نقلة نوعية معرفية، وتقول: «القراءة أداة تطويرية، تمنح القارئ القدرة على التفكير والطلاقة في التعبير، هي نافذة تطل بك نحو عوالم غنية، أثرت إيجابياً لكل ما وصلت إليه حتى أصحبت واعية لاختياراتي وقراراتي».
السعي الدائم
وتتذكر سلسبيل حسن صوالحة، بكثير من الفخر أنها شاركت أكثر من مرة في تصفيات تحدي القراءة العربي، حتى استطاعت تحقيق حلمها ونيل لقب بطلة التحدي في دورته الثامنة.
ووصفت طالبة السنة الجامعية الأولى في هندسة الميكاترونكس الفوز بلقب بطلة التحدي بأنه «رحلة عظيمة ممتلئة بمداد تجربتنا، ولكن السر كان في السعي على الدوام لأن أتحدى وأسابق الحدود، التي اعتقدت أن النهاية تكمن عندها، ففي البداية كنت أسعى لأن أتمكن من لغتي العربية، وبعدها كبر الطموح، وبات التحدي أن أكون فكري الخاص، وفي رحلة السعي تلك تجد نفسك بطلاً لتحدي القراءة العربي. الفوز ترك في نفسي آثاراً عدة، ولكن أهمها هو الشعور بأنك قادر على الوصول إلى مبتغاك».
تنصح سلسبيل صوالحة من يرغب بالمشاركة في تحدي القراءة العربي أن «يتوكل على الله، وأن يبذل كل ما في وسعه لا لكي يصل إلى اللقب، بل ليسير في طريقه الخاص، ويحصل على العلوم والمعارف القادرة على إنارة قلبه وعقله».
