يزخر الفضاء الإلكتروني بملايين الكتب العربية والأجنبية، والتي تحولت مع مرور السنوات إلى كتب إلكترونية، لتشكل هذه الكتب في مجموعها مكتبات عملاقة، تختلف في هيئتها وطريقة تعاملها مع المستخدمين عن الطرق التقليدية التي اعتادت المكتبات الورقية اتباعها، وقد أتاح توفر الكتب على الشبكة العنكبوتية المجال للكثير من المواقع الإلكترونية لأن تفتح نوافذها على الكتاب ما حولها إلى مزار لعشاق الكتب الإلكترونية، الذين أصبح بإمكانهم امتلاك أي كتاب بمجرد «ضغطة زر واحدة»، الأمر الذي بات يعتبره الخبراء تطوراً لافتاً في عالم المطالعة التي أصبحت متاحة للأفراد العاديين في كل مكان وزمان..
مع سماح العديد من المواقع الإلكترونية للمستخدمين بإمكانية تنزيل الكتب عن الإنترنت، وحفظها على أجهزتهم المحمولة صغيرة كانت أم كبيرة، واللافت أن العديد من هذه المواقع باتت تقدم خدمة تحميل الكتب مهما عظم حجمها مجاناً، وهي خطوة جيدة من شأنها أن توفر الوقت والجهد على عشاق المطالعة.
رغم أن الحرب بين الكتاب الورقي ونظيرة الإلكتروني لا تزال مستعرة، إلا أن التوجهات كافة لا تزال تتوقع أن يحظى الكتاب الإلكتروني بالصدارة خلال السنوات المقبلة، مع ارتفاع نسبة المطالعين للكتب الإلكترونية، التي باتت تتوفر لها منصات خاصة، تتيح خاصية تحميل الكتاب على الشبكة العنكبوتية بصور عدة...
كما تتيح خاصية تنزيله وحفظة على الأجهزة الخاصة، وفي هذا الصدد، فقــد نشطت العديد من المـــواقع الإلكترونية في هذا المجال، والتي باتــــت مصدراً مهماً لكل الباحثين عن الكتب بشقيها الإلكتروني والورقي، وقد أتاحت الفرصة أمام مستخدميها لاستعارة الكتب وشرائها والاحتفاظ بها، الأمر الذي ساهم في نشر ثقافة القراءة بين الناس خاصة الأجيال الصــــغيرة التي باتت تتعامل مع التكــنولوجيا كجزء أساسي من حياتها.
تحميل كتب
نجاح المنصات الإلكترونية المتخصصة في تقديم الكتب، بلا شك يعتمد على مدى ارتفاع نسبة استخدام الشبكة العنكبوتية في العالم، والمتابع للتقارير والإحصائيات الخاصة بهذا المجال، يجد أن نسبة مستخدمي الإنترنت حول العالم في تصاعد مستمر، والحال كذلك ينطبق على العالم العربي، فطبقاً لأحدث التقارير الصادرة عن وكالة «سيرفس بلان الشرق الأوسط»..
فإن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي يقدر بنحو 90 مليون نسمة، ويتوقع أن يتضاعف الرقم ليصل إلى 413 مليوناً بحلول عام 2015، وبحسب التقرير فقد حلت الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط من حيث نسبة أعداد مستخدمي شبكة الإنترنت، مقارنة بعدد السكان على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حيث بلغت النسبة 71% مقارنة بتعداد السكان.
وبالحديث عن المواقع والمكتبات الإلكترونية، يزخر العالم الافتراضي بالعشرات منها، بعضها يختص بالكتب الأجنبية وبعضها الآخر بالعربية، في حين توفر بعض المواقع كتباً بلغات مختلفة، ولعل أهم هذه المواقع عالمياً هو موقع «غوغل بوكس»، وهي الخدمة التي توفرها شركة «غوغل» لكل مستخدمي الشبكة العنكبوتية..
حيث يحتوي موقع «غوغل بوكس» على أكثر من مليون كتاب إلكتروني تغطي كل مجالات الحياة العامة، كما تشمل مجموعة واسعة من الكلاسيكيات العربية والغربية، وتتيح هذه الخدمة للمستخدم رؤية أمثلة بسيطة من صفحات الكتب أولاً قبل رؤيتها بالكامل، علماً أن الكتب كافة متاحة مجاناً، ويمكن للمستخدم البحث عن أي كتاب يريده وفي أي مجال، إلا أنه لا يمكن لمستخدمي هذه الخدمة تحميل الكتب على أجهزتهم.
كتب شرعية
وتليه في الأهمية موقع مشروع «غوتنبيرغ»، والذي يعد واحداً من أكبر المواقع الإلكترونية الذي يحتوي على مجموعة غير محدودة من الكتب الإلكترونية، ويمكن لمستخدمه الاختيار والبحث بين أكثر من 33 ألف كتاب مختلف في جميع المجالات، علماً أن جميع الكتب المتواجدة على الموقع شرعية تماماً ولا توجد فيها أية مشكلات تتعلق بحقوق الملكية الفكرية..
كما يتيح الموقع لمستخدميه إمكانية تعديل بعض المعلومات الخاصة بالكتاب على الموقع مباشرة، وإضافة المزيد من الكتب التي يوفرها الموقع بصيغ عدة تتناسب ومعظم الأجهزة الإلكترونية. نشأة هذا المشروع كانت على يد الأميركي مايكل هارت الذي أطلق أول مكتبة إلكترونية في 1971. ويحمل اسم المشروع تكريماً للألماني يوهان غوتنبيرغ، مخترع المطبعة عام 1447، وهو الابتكار الذي أدخل البشرية تاريخ الكتاب الورقي المطبوع.
مكتبة شاملة
ويصف مستخدمو موقع «بوك بون» بأنه رائع، وذلك لقيامه بتقسيم الكتب إلى مجالات محددة، الأمر الذي يسهل كثيراً على المستخدم في عملية بحثه عن الكتاب الذي يريده، كما يوفر هذا الموقع كتباً خاصة بمجالات السفر وقسماً خاصاً للكتب الدراسية في جميع المجالات، وأقساماً أخرى خاصة بالأعمال والقانون وغيرها، وتتوفر الكتب كافة على هذا الموقع بصيغة «بي دي اف»، الأمر الذي يسهل من عملية تنزيلها واستخدامها.
في المقابل، يمكن اعتبار موقع «بابير سي» مكتبة إلكترونية شاملة، تكاد أن تنافس مكتبات الجامعات الكبيرة، ويمكن لمستخدم هذا الموقع قراءة جميع الكتب المتوفرة «أون لاين» وبشكل مجاني، كما يمكنه تبادل الكتب والمعرفة والمعلومات مع الآخرين عبر الموقع الذي يفرض على مستخدميه القيام بعملية تسجيل رسمية ومجانية لدخوله في حال رغبتهم بقراءة الكتاب كاملاً، ومن دونها لن يكون بإمكان المستخدم سوى قراءة 4 صفحات فقط من الكتاب الذي يختاره.
عروض مجانية
وهناك أيضاً موقع «بارنيز اند نوبلز»، الذي يوفر الكثير من العروض المجانية للكتب الإلكترونية، ولكن المشكلة الوحيدة في هذا الموقع هي عدم توفيره لخاصية البحث عن كتاب معين عن طريق العنوان أو المؤلف، من جهة أخرى، يحتوي موقع «ماني بوكس» على أكثر من 29 ألف كتاب إلكتروني وجميعها مجانية، ويمكن لمستخدمه البحث عن الكتاب حسب المؤلف أو العنوان أو فئة الكتاب، فضلاً عن أن الموقع يقوم أسبوعياً بعرض كتب جديدة، في حين يهدف موقع «بوك ياردز» إلى أن يكون مكتبة العالم فهو يضم أكثر من 800 ألف كتاب إلكتروني.
أما موقع «بابليوتيستيك» فيتيح أمام مستخدمي الإنترنت إمكانية تنزيل كمية غير محدودة من الكتب الإلكترونية وبشكل مجاني، ويوفر الموقع خدمة تصفح الكتب حسب النوع أو الأكثر قراءة أو المؤلف. في الوقت نفسه، يقدم موقع «بوكريكس» أكثر من 14 ألف كتاب إلكتروني التي يمكن للقراء تحميلها، ويتيح أمامهم الفرصة لتصفح الكتب والاختيار بينها. ويوفر موقع «منسيس» أكثر من 20 ألف كتاب يسهل العثور عليها عن طريق العنوان بسهولة، ويمكن تحميل الكتب أيضاً وهناك أكثر من 35 نوعاً للاختيار فيما بينها.
منصات عربية
في العالم العربي، لم يقل الاهتمام بالكتاب الإلكتروني عن نظيره في العالم الغربي، حيث تزخر الشبكة العنكبوتية بعديد المواقع الإلكترونية التي تعمل على توفير آلاف الكتب والمخطوطات العربية، لتؤهلها لأن تتحول إلى مكتبات شاملة تضم كتباً متنوعة في المجالات الحياتية كافة..
ولعل أبرزها موقع مكتبة الإسكندرية، التي تعد حالياً من أهم المكتبات في العالم العربي، وتُنسّق «مكتبة الإسكندرية» جهودها مع مؤسسات كبرى معنية بالكتاب الإلكتروني وانتشاره، مثل مكتبة الكونغرس ومشروع غوتنبيرغ وغيرها.
ومن بين أشهر المواقع الإلكترونية المتخصصة في هذا المجال موقع مكتبة «الوراق» الإلكترونية التي حازت على شهرة كبيرة كأحد أهم المكتبات الرقمية العربية بعد إطلاقه في 2000 بمبادرة من القرية الإلكترونية في أبوظبي.
وتضم المكتبة أكثر من 1100 من أهم الكتب في التراث العربي مثل كتاب «الأغاني» وكتاب «الكامل في التاريخ» و«الفتوحات المكية» و«تاج العروس»، وقد حصل موقع الوراق على الجائزة العربية للمحتوى الإلكتروني في عام 2005، وعلى جائزة أفضل موقع ثقافي في الإمارات في العام نفسه.
في المقابل، يوفر موقع «رشف» قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على أكثر من 29 ألف كتاب عربي، لأكثر من 3600 مؤلف، ويمكن الحصول عليها وتحميلها بشكل مجاني، ويوفر إمكانية البحث عن الكتب حسب العنوان، أو حسب المؤلف أو الناشر، كما يمكن استعراض المكتبات بشكلٍ عشــوائي ودون تحديد أي عنوان أو كاتب. كما يخصص الموقع ركناً خاصاً للكتب الجديدة التي يتم استبدالها بين الفينة والأخرى..
وفي ركن آخر تحــت عنوان «تعرف على المكتبات العامة في الجوار» يوفر الموقع دليلاً للمكتبات العامة في العالم العربية، ومكتبات شهيرة حول العالم، ويعرض للمتصفح مواعيد عملها وأنشطتها الثقافية وطرق الاتصال بها.
2 مليون شخص
يقدم موقع مكتبة نون (www.nooonbooks.com)، التي تعد حالياً واحدة من المكتبات الإلكترونية العربية الضخمة، خدمة القراءة الإلكترونية، وتتميز بتنوع وشمول موضوعاتها..
وكانت هذه المكتبة قد تأسست في 2009 وانطلقت فكرتها من المملكة العربية السعودية، وامتدت لتتجاوز حدودها الجغرافية لتمتد جذورها إلى 166 دولة، فيما وصل عدد عملائها مليوني شخص، وتحتوي المكتبة على أكثر من 70 ألف كتاب عربي متنوع بين مجاني ومدفوع، وتتناول هذه الكتب مواضيع عامة ومنهجية وأكاديمية كالتاريخ، والدّين، والروايات والعلوم والتكنولوجيا وغيرها.
وتتميز كذلك المكتبة بتقديم خدمة القراءة الإلكترونية من خلال تطبيقاتها على متجر «أبل» و«أندرويد» و«ويندوز»، التي تتيح الو sصول إلى أكبر مجموعة من الكُتب الإلكترونية العربية على الأجهزة المحمولة واللوحية، وسهولة استخدام التطبيقات يفتح المجال أمام المستخدم للبحث عن الكتب وإمكانية ترتيبها في تصنيفات من اختياره أينما ذهب وأينما كان.
700 كتاب
يعد موقع مؤسسة هنداوي، الذي تأسس في القاهرة، من بين أبرز المواقع العربية العاملة في هذا المجال، ويقدم برنامج «كتب»، الذي يهدف إلى نشر مؤلفات قيِّمة بالعربية أو ما تُرجم إليها في مختلف. ويقوم الموقع بنشر الكتب بنسختيها الإلكترونية والورقية..
حيث تتوافر الكثير من الكتب بنسختها الإلكترونية على موقع المؤسسة مجاناً. كما يمكن لمستخدمي أجهزة «آبل» الذكية و«أندرويد» الاستفادة من تطبيق «هنداوي كتب» المجاني، والذي يوفر أكثر من 700 كتاب للقراءة مجاناً.
الكتاب الإلكتروني على تطبيقات عربية
ساهمت التطبيقات الإلكترونية المخصصة للهواتف المحمولة في زيادة عدد المتعاملين مع الكتاب الإلكتروني، وقد اهتمت الشركات العربية بهذا الجانب من خلال إطلاق تطبيقات خاصة بهذا المجال، على غرار تطبيقات «كيندل» و«أي بوكس» الأجنبية، ومن أشهر التطبيقات العربية التي تعمل على أنظمة «ويندوز فون» و«أندرويد» و«أبل ستور»، تطبيق مكتبة «نون»، الذي يوفر واجهة سهلة الاستخدام، وكذلك تطبيق «العبيكان».
أما تطبيق «رفوف» فيوفر للمستخدم مكتبة خاصة به، وكلما قام بتحميل كتاب، يتم وضعه تلقائياً على الرفوف حيث يمكنك ترتيبها كما تشاء، ويتضمن تطبيق «ارتقاء» مجموعة متنوعة من الكتب المجانية فقط، كما يتيح للقارئ إمكانية تغيير حجم الخط، وتحديد النص من خلال التظليل والبحث عن كلمة محددة، والعديد من الميزات الأخرى. وهناك أيضاً تطبيق «سيبويه»، الذي يوفر للقراء مجموعة متنوعة من الكتب.
ازدهار ملحوظ للكتاب الإلكتروني في أميركا
شهد الكتاب الإلكتروني خلال السنوات الأخيرة ازدهاراً ملحوظاً بين مستخدمي الشبكة العنكبوتية في الولايات المتحدة الأميركية، وبحسب دراسة لمركز «بيو» للأبحاث الأميركي فإن شعبية الكتب الورقية في الولايات المتحدة بدأت بالانحسار لصالح الكتب الإلكترونية، وعزت ذلك لانتشار الحواسيب اللوحية والهواتف الذكية. وأظهرت الدراسة أن 67% من الأميركيين من هم بسن 16 عاماً أو أكبر قرؤوا كتاباً مطبوعاً واحداً على الأقل في عام 2012 بانخفاض بنسبة 5% عن عام 2011، في حين صعدت نسبة من قرؤوا كتباً إلكترونية من 16% عام 2011 إلى 23% في 2012.
وكانت القفزة في كلا نوعي الكتب بين فئة المراهقين (16-17 عاماً)، حيث قفزت نسبة قراءة الكتب الإلكترونية عند هذه الفئة العمرية من 12% عام 2011 إلى 25% في 2012، كما ارتفعت نسبة قراءتهم للكتب الورقية من 77% عام 2011 إلى 85% في 2012.
