لم تقتل «هدى» أياً من اللاجئين السوريين كما فعلت «زينة»، لكنها أوجعتهم كما أوجعت الأردنيين. منذ الأربعاء الماضي وشوارع المملكة تعاني من حظر تجول الى الحد الذي وصلت معه الأمور بتلويح الحكومة بعقوبات رادعة لكل من تعثر عليه يسير بمركبته في الشارع.

والقصة ليست مزحة. فخلال العاصفة، قتل عامل توصيل في مطعم للوجبات السريعة، ما أدى إلى مقتل شخص آخر أيضاً بالحادث. كما أسقطت الرياح الشديدة سلك كهرباء تغطى بالثلوج، وحينما أرادت طفلة لا يتجاوز عمرها سبعة أعوام المرور من فوقه صعقها التيار الكهربائي وقضت.

هي قصص حزينة اختبرها الأردنيون وهم في ضيافة العاصفة «هدى»، لكنْ للسوريين وجه من المعاناة أقسى وإن لم تسجل بينهم أية حالة وفاة.

لكن ما خفف من معاناة اللاجئين السوريين مساعدات تدفقت عليهم كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة مقدميها عبر طائرات إماراتية محملة بالبطانيات المخصصة للاجئين السوريين تجهيزا للعاصفة الثلجية التي اجتاحت المملكة يوم الأربعاء الماضي.

ويقدر عدد السوريين في المملكة بأكثر من مليون و390 ألفاً، بينهم نحو 650 ألفا مسجلين كلاجئين لدى الأمم المتحدة، فيما دخل البقية قبل بدء الأزمة بحكم القرابة العائلية والتجارة. ولا يعيش من اللاجئين داخل المخيمات المخصصة لهم سوى 97 ألفا، ويتوزع البقية على المجتمعات المحلية في الأردن.

ويستضيف الأردن خمسة مخيمات للسوريين، هي: المخيم الإماراتي الأردني (مريجب الفهود)، ومخيم «الزعتري» (المفرق) الذي يوجد فيه قرابة 83 ألف لاجئ، ومخيم الأزرق (مخيزن الغربي)، و«الحديقة»، و«سايبر سيتي»، وكلها تقع غير بعيد عن الحدود مع سوريا.

مساعدات استباقية

ويقول الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين علي بيبي إن «المساعدات التي وصلت ضمن الجسر الجوي الإغاثي المقدم من دولة الإمارات العربية المتحدة جرى توزيعها على الفور على اللاجئين السوريين المقيمين في المخيمات الايوائية والقاطنين في مناطق المحافظات».

وقال بيبي: «لم تقع أي حادثة وفاة أو إصابات في مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن»، مضيفاً: «هذا يعود إلى الإجراءات الاحترازية المسبقة التي تم اتخاذها من قبل كافة الجهات المعنية في المملكة وبالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين»، مشيرا الى «الدور الذي تقوم به المنظمات الإنسانية والدولية العاملة في المملكة لمساعدة اللاجئين السوريين».

شهادات لاجئين

وقال لاجئون سوريون مقيمون في المملكة لـ«البيان» إن العاصفة الثلجية «زادت من أعباء حملهم المادي خاصة مع الارتفاع في أسعار الوقود». وبينما تتكفل الدول المتبرعة بأعباء حياة اللاجئين في المخيمات، إلا أن معظم السوريين منتشرين في المدن الأردنية ولا يقيمون في مخيمات.

وقال اللاجئ أبو عبدو إن كل ما امتلكه لتدفئة أسرته كرتون وأكياس بلاستيك ليشعله داخل سطل حديدي لينعم بدفء على نار تقتله وأسرته قبل أن تدفئه، مشيرا الى أنه عاش أياماً صعبة هو وأطفاله. بينما قالت الحاجة أم أحمد إنها جعلت أطفالها يرتدون كل ما عندهم من ثياب لتدفئة انفسهم، وعلى الرغم من ذلك لم يكن هذا الإجراء مفيدا مع حرارة هبطت دون الصفر.

إحصاءات ونسبة

ووفق إحصاءات الأمم المتحدة، فإن اللاجئين السوريين الذين تفرقوا في أكثر من 100 دولة هربا من الحرب في بلادهم يعتبرون الأكثر عددا بين اللاجئين المنتشرين في العالم، بخلاف اللاجئين الفلسطينيين. ونشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقريرا ..

مؤخرا ذكرت فيه أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز ثلاثة ملايين حتى منتصف العام 2014 وإنهم أصبحوا يمثلون نحو ربع اللاجئين الذين ترعاهم المفوضية على مستوى العالم ويبلغ عددهم 13 مليون لاجئ. وتعتبر المملكة من حيث نسبة عدد السكان البلد الثاني من حيث عدد الذين تستضيفهم من اللاجئين يسبقها في ذلك لبنان.

حالت العاصفة الثلجية دون مواصلة تدفق اللاجئين السوريين الى أراضي المملكة، على حد تأكيدات بيان لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. ويزيد طول الحدود الأردنية السورية على 375 كيلومترا، ويتخللها العشرات من المنافذ غير الشرعية التي كانت وما زالت معابر للاجئين السوريين الذين يقصدون أراضي المملكة، ما جعل الأردن من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية التي اندلعت منذ قرابة أربعة أعوام.