أعرب المشاركون في المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة القرصنة البحري، والذي اختتم أعماله التي استمرت يومين في دبي عن قلقهم المستمر إزاء التهديد الناجم عن القرصنة البحرية قبالة سواحل الصومال، والتي تعد جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية، وأقرّوا بالحاجة المتزايدة نحو تحقيق توجه شامل لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال من قبل المجتمع الدولي، ومن ضمن ذلك المدخلات المحددة المقدمة من قبل الدول والمنظمات الدولية وقطاع الملاحة البحرية العالمي.
وجاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي نظمته وزارة الخارجية بالتعاون مع " موانئ دبي العالمية" ، إن جميع الدول والمنظمات الدولية والممثلين عن قطاع الصناعة البحرية العالمي المشاركة في المؤتمر رفيع المستوى للقطاعين العام والخاص لمكافحة القرصنة والذي يعقد تحت عنوان: "استجابة إقليمية للقرصنة البحرية: تعزيز الشراكات العامة والخاصة وتفعيل المشاركة العالمية"، اتفقوا على أن القرصنة البحرية والسطو المسلح في البحار مازالا يشكلان تهديدا كبيرا للسلم والأمن والازدهار في الصومال، وفي المنطقة والعالم كذلك، ومازالت القرصنة تشكل تهديداً جدّياً لحرية حركة الملاحة البحرية، وهي تعطل المصالح الاقتصادية في هذه المنطقة البحرية.
وأعرب المشاركون كذلك عن قلقهم العميق إزاء الأثر الإنساني لظاهرة القرصنة البحرية على البحارة المحتجزين وعائلاتهم، وفي هذا السياق، أقرّ المشاركون بأن 185 بحاراً لا يزالون جميعاً رهن الاحتجاز من قبل القراصنة الصوماليين بالإضافة إلى 13 سفينة محتجزة ، وأنه خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2012، وقع أكثر من 67 هجوماً على السفن قبالة السواحل الصومالية، منها 13 عملية اختطاف تمت بنجاح.
الرؤية الخاصة بالصومال
أقرّ المشاركون الرؤية المتعلقة بالصومال بعد المرحلة الانتقالية، والتي تمت الموافقة عليها من قبل كل من الحكومة الانتقالية في الصومال، والسلطات المحلية الصومالية وهي جالمودوج وبوتلاند وأهل السنة والجماعة والمجتمع المدني في الصومال وغيرهم من أصحاب المصالح.
تتبنى هذه الرؤية جعل الصومال دولة قادرة على ضمان السلم والأمن والازدهار لجميع مواطنيها، وقادرة على فرض حكم القانون على البر وفي البحر، وذلك من خلال الإدارة الفعالة للمياه الإقليمية، وصيانة السلامة والأمن البحريين، والقضاء على أعمال الصيد غير المشروع للأسماك، وطرح الفضلات السامة في المياه الصومالية، وبناء دولة منخرطة بصورة تامة بالتجارة البحرية في المنطقة.
وأشار المشاركون إلى أنه لا يمكن التوصل إلى حل طويل الأمد للقرصنة قبالة سواحل الصومال من دون التوصل إلى حل طويل الأمد إقليمياً وعالمياً قادر على معالجة جذور مشكلة القرصنة في الصومال، والذي يمكنه أن يسهم بصورة كبيرة في تحقيق استقرار الصومال، ويعزز الحوكمة الرشيدة وحكم القانون، ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتصبح توجهاً شاملاً متعدد المجالات.
وأشاد المشاركون بالتطور التاريخي نحو تحقيق نظام سياسي جديد، خاصة التقدم الذي تم تحقيقه من قبل الأطراف الصومالية حول خارطة الطريق، وتشكيل برلمان وحكومة جديدين بحلول 20 أغسطس 2012، والتأكيد على أهمية أن تؤتي تلك المؤسسات ثمارها من خلال عملية أكثر تمثيلاً وشفافية وشرعية. كما أشار المشاركون إلى دعمهم لـ "عملية كمبالا" التي تدعم الحوار البنّاء والفعال والتنسيق بين السلطات الصومالية، وأقرّوا الإنجازات التي حققتها الاجتماعات اللاحقة لها، وأثنوا على التزام الأطراف الصومالية الموقّعة كافة على استكمال العملية الانتقالية بحلول أغسطس.
ورحب المشاركون بحضور الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، رئيس الحكومة الانتقالية الصومالية إلى مؤتمر دولة الإمارات لمكافحة القرصنة، الأمر الذي يعكس التزام الصومال على أعلى المستويات بمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.
وأشادوا بالدور القيادي المتنامي الذي أظهرته دول المنطقة والمتأثرة بصورة مباشرة بالقرصنة، وذلك في اعتراف بأن الحلول المُدارة إقليمياً هي وحدها التي ستكون مستدامة على المدى الطويل، وفي هذا السياق، أشاد المشاركون كذلك على حكومة الإمارات العربية المتحدة لاستضافتها المؤتمر الثاني رفيع المستوى للقطاعين العام والخاص في دبي خلال شهر يونيو 2012.
التقدم على الأرض
أقر المشاركون كذلك بالتقدم الملموس الذي تم إحرازه في مجال مكافحة القرصنة على البر وفي البحر وذلك منذ انعقاد المؤتمر الأول للقطاعين العام والخاص لمكافحة القرصنة في دبي خلال شهر أبريل من العام الماضي.
وأثنى المشاركون على الإنجازات التي حققتها القوات الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال (AMISON) لإعادة فرض السلم والأمن على الأرض في الصومال، حيث أسهمت هذه القوات في محاربة قوات حركة الشباب ومواصلة تحسين الوضع الأمني في البلاد وخاصة في مقديشو، كما أسهمت في تقديم فرصة تاريخية إلى الصومال وشركائها الدوليين للمضي قدماً نحو الاستقرار والإدارة الفعالة والتنمية الاقتصادية في البلاد.
كما أثنوا على الجهود المبذولة من قبل القوات البحرية المشتركة، والقوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي ، وقوات حلف شمال الأطلسي ، وغيرها من القوات البحرية الدولية لمكافحة القرصنة على السواحل الصومالية وقبالتها، كما رحب المشاركون بتوسيع نطاق مهام القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالقضاء على مواقع الإمداد اللوجستية للقراصنة على خط الساحل، وأشاروا كذلك إلى الأنشطة التي تبذلها القوات البحرية الدولية لتخفيض عدد هجمات القراصنة ودعم حرية الملاحة البحرية.
الجهود الدولية
أثنى المشاركون على المجموعة الواسعة من الآليات والمبادرات التي تدعم الاستجابة الدولية للقرصنة البحرية، وأقر المشاركون بصورة خاصة بـالجهود التي تم بذلها من قبل المنظمات الإقليمية في مكافحة القرصنة البحرية وفي دعم الصومال ومن ضمن ذلك الهيئة الحكومية للتنمية، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، ومفوضية المحيط الهندي، ومجلس التعاون الخليجي.
وفي هذا السياق أشار المشاركون إلى مقترح دولة الإمارات بجعل هذا الصندوق الاستئماني الأساس الذي سيتم من خلاله تطوير القدرات البحرية للصومال، وذلك حتى تتمكن السلطات الصومالية من ضمان السلامة البحرية في مياهها الإقليمية، كما رحب المشاركون بنيّة دولة الإمارات الالتزام بتقديم مبلغ مليون دولار أميركي إضافية لهذا الغرض.
مليون دولار من الإمارات إلى بحرية الصومال
التقى معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، على هامش المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة القرصنة البحرية في دبي، الدكتور سورابونج توفيجاهايكيل وزير خارجية مملكة تايلاند.
جرى خلال اللقاء مناقشة المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وبحث سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين.
وأثنى وزير خارجية مملكة تايلاند على جهود دولة الإمارات لاستضافة المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة القرصنة البحرية.
من جهة أخرى أعلن معالي الدكتور أنور محمد قرقاش أمس، التزام دولة الإمارات بتقديم الدعم إلى الصومال في مجال تطوير القدرات التي تمكنه من تحقيق الأمن والسلام في ربوعه.
وقال معاليه في مداخلة له أمس في جلسة رؤساء الوفود " أود أن أجدد التزام دولة الإمارات بتقديم مبلغ مليون دولار لدعم بناء القدرات الأمنية البحرية في الصومال ستتم إدارتها من قبل الصندوق الائتماني الخاص بدعم مبادرات الدول في مجال محاربة القرصنة قبالة السواحل الصومالية".
وأضاف معاليه " إننا على يقين من أن هذا الصندوق سيصبح نقطة محورية رئيسية جديدة للتمويلات التي سيتم منحها بهدف تطوير القدرات الأمنية البحرية الصومالية ".
وقال قرقاش إن هذا الالتزام يعتبر جزءاً من التزام أكبر لدولة الإمارات بتقديم دعم شامل لتطوير قوات خفر السواحل الصومالية عند إتمام المرحلة الانتقالية في 20 أغسطس المقبل وتشكيل حكومة مركزية دائمة ووضع دستور جديد للبلاد، لافتاً إلى أن هذا الالتزام يأتي استجابة لطلب تقدمت به القيادة الصومالية.
