خيم جو القلق حيال مصير الثورات العربية والحراك العربي بشكل عام على الجلسة التي حملت عنوان "الثورات تعيد رسم خريطة النخب" وسلطت الجلسة الضوء على واقع تأثير النخب التي بدت نسبة كبيرة منها وقد فقدت مصداقيتها وتأثيرها .
الجلسة استضافت كلاً من الطاهر لبيب أستاذ علم الاجتماع في تونس وتميم البرغوثي كاتب وأستاذ العلوم السياسية وخيري منصور كاتب من الأردن وعبدالله الغذامي أستاذ النقد والنظرية في قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود وغانم النجار أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ومريم لوتاه أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، وأدارها اعلامي قناة الجزيرة جميل عازار والذي تساءل في افتتاحية الجلسة عن تأثير النخب في الحراك الثوري وتأثير الثورات العربية على النخب، مذكرا بأن المناداة بالديمقراطية لا تعني بأننا ندرك بالفعل المعنى الحقيقي للديمقراطية.
ودعا عازار إلى تعميم الثقافة والتربية التي تأسس للعمل الديمقراطي واستشهد عازار بحرق البوعزيزي الشاب التونسي البسيط لنفسه قائلا ان البوعزيزي لم يكن يدرك أن الشرارة التي أشعلها ستنتشر كالنار في الهشيم وتتحول إلي ثورات ليست في تونس وحدها وإنما في بعض بلدان المنطقة أيضا، وتساءل إن كانت النخب اليوم قادرة على أن تقنع الشعوب بأنها جديرة بالثقة .
السؤال الأول وجهه عازار إلى ضيفه عبدالله الغذامي عن إذا ما كنا نحتاج إلى نظرية أو عقيدة تستند إليها الثورات العربية، عبدالله الغذامي جاء حديثه ليأكد على أن الثورات التي تشهدها بعض بلدان المنطقة لم تكن تنتمي لأية مؤسسة، وحذر من أن الوقت الراهن يشكل مرحلة انتقالية لما بعد الثورة وربما كان الغذامي هو الأوحد في الجلسة الأكثر تفاؤلا عن باقي المتحدثين، وقال مذكرا الحضور بالتاريخ بأنه عندما خرج الاستعمار من المنطقة العربية لم تدخل الديمقراطية مباشرة.
كما حصل في الهند قائلا إن عدم الانتقال مباشرة للديمقراطية والتي وصفها بالفراغ الغبي الطويل ساهم في إحداث الاحتقان وأن الثورة جاءت تعبيرا عن ذلك الإحتقان من جانبه قال تميم البرغوثي والذي كان خطابه تفاؤليا كخطاب الغذامي، بأن شعوب الثورات اليوم تبحث عن الاستقلال عن السيطرة الأميركية وتعزيز الحريات داخل مجتمعاتها وقال إنه متفائل بالثورات العربية وخاصة الثورة المصرية قائلاً بأن القوى السياسية لن تستطيع التأثير فيها، داعيا الشعوب العربية للتفاؤل.
من جانبها قالت مريم لوتاه بأن انفجار الثورة كان حاصلاً لا محالة وحذرت من المخططات الخارجية قائلة إن ما يحدث في المنطقة ليس بمنأى عن المخططات الخارجية ودعت إلى ضرورة التيقظ لتلك المخططات وللأموال التي تتدفق على العالم العربي من أجل تحريكه في اتجاه ما . وقالت بأنها مع خلق عدالة اجتماعية تصون حقوق الفرد قائلة بأنه تخشى من أن تضل الثورات العربية بوصلتها وأضافت أنها لا تريد رؤية ثورات حلمت بها الشعوب العربية كثيرا أن تصبح في أيدي من يعيدون الشعوب العربية لمئات السنين للوراء .
الطاهر لبيب قال بأن الثورات حدثت بتلقائية شعبية، مضيفا بأن الناس تخشى التلقائية الشعبية، وقال البعض قد يقول بأن النخب غابت عن ميادين التحرير في بلدان الثورات إلا أن النخب الفكرية لم تغب عن الثورات قائلاً إنه من الإجحاف القول بأن النخب غابت عن الثورات العربية لأنها كانت حاضرة فكريا . واتهم الأنظمة العربية السياسية بأنها عطلت النخب الفكرية، مضيفا بأن تلك الأنظمة دفعت ثمنا باهظا لهذا التعطيل رأيناه واضحا في اندلاع الثورات .
خيري منصور وصف النخب بغير المتجانسة وقال ان هناك نخبا مرتهنة للدولة ونخبا ضائعة ما بين الناس والدولة وقال ان النخب كتبت عن الحرية والديمقراطية قبل أن تشتعل الثورات ولكن الناس لا تقرأ، واصفا النخب بأنها كانت خميرة الحراك العربي حتى قبل أن تشتعل النيران في جسد البوعزيزي الذي أشعل الثورات في المنطقة.
