أكد العميد ركن طيار خالد عمر صالح باحسين مدير فريق الفرسان للاستعراضات الجوية، التابع للقوات الجوية والدفاع الجوي، أن الفريق وصل إلى أعلى درجات الجاهزية والاحتراف، وأنه يسعى إلى تمثيل القوات المسلحة ودولة الإمارات العربية المتحدة بكل فخر وشموخ واعتزاز في جميع المناسبات والفعاليات الوطنية والإقليمية والدولية، حيث استطاع أن يبهر الأبصار بعروضه الأيروباتيكية التي استحقت الإشادة والثناء.

جاء ذلك في حواره مع مجلة درع الوطن الصادرة عن مديرية التوجية المعنوي بالقيادة العامة للقوات المسلحة في عددها الخاص بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة، والذي أبرز التطور الذي حققته قواتنا المسلحة على مدى 36 عاماً، وتضمن عدداً من اللقاءات مع عدد من قادة الوحدات والتشكيلات وكبار الضباط.

وحول فكرة تكوين فريق الفرسان، وكيفية انطلاقته الرسمية، قال: ( فكرة تكوين فريق الفرسان تبلورت في مطلع عام 2008 بعد معرض العين السنوي للاستعراضات الجوية (استعراضات العين الجوية)، في ذلك العام الذي شاركت فيه أكثر من 20 طائرة في الاستعراضات اليومية من أفضل فرق العروض الجوية في العالم، وفي المقابل، كنا نفتقد إلى وجود فريق وطني يمثل الإمارات في هذا المعرض، ومن هنا، وبناء على توصية اللواء الركن طيار محمد بن سويدان سعيد القمزي قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، صدرت التوجيهات السامية من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل فريق وطني للاستعراضات الجوية يمثل دولة الإمارات العربية المتحدة محلياً وعالمياً.

وأضاف: (الانطلاقة الرسمية للفريق مقسمة على مرحلتين، كانت الأولى انطلاقة محلية خلال مناسبة احتفالات يوم الوحدة للقوات الجوية والدفاع الجوي في 6 يناير من العام الماضي، تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث تم إطلاق الفريق رسمياً على المستوى المحلي في ذلك اليوم، وشهد الحضور أول استعراض جوي قدمه الفريق مدته 15 دقيقة بعدد أربع طائرات فقط.

أما المرحلة الثانية، وهي الانطلاقة الرسمية، فكانت في معرض دبي للطيران 2011 الذي عقد خلال الفترة من 13 إلى 17 نوفمبر من العام الماضي، حيث تم خلالها تدشين الفريق أمام جميع وسائل الإعلام العالمية، وكافة الجماهير من مختلف دول العالم، وتقديم أول عرض رسمي كامل للفريق مدته 20 دقيقة بـ 7 طائرات.

 

رموز نبيلة

وحول أسباب تسمية الفريق بـ «الفرسان» وتكوينه، قال العميد ركن طيار باحسين: (الفارس شخص قوي وشجاع، ويمتلك صفات تميزه عن غيره، فهو رمز الشجاعة والنبل ومكارم الأخلاق لدى العرب الذين تغنوا به في أشعارهم، وضربوا به أمثالهم، لما في ذلك من دلالة على القوة والشجاعة والنبل، كما يحمل هذا الاسم معاني عدة تتجسد في القيادة والأصالة والمهارة العالية في إتقان فنون ومهارات القتال، من سرعة المناورة والانقضاض).

وأضاف: (الطيران الاستعراضي يحتاج إلى الكثير من هذه الصفات، نظراً للطبيعة الخاصة التي يتميز بها، ومن هذا المنطلق اختار الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، اسم (الفرسان) للفريق، ويتكون الفريق من 3 أطقم رئيسة تعمل في انسجام وتكامل، تحقيقاً لمبدأ الفريق الواحد، أولها الطاقم الجوي، ويضم مجموعة الطيارين الذين يقومون بتصميم وأداء العروض الجوية والتدرب عليها يومياً، وثانيها الطاقم الفني، وهو مختص بمتابعة الصلاحية، وإجراء الصيانة، وتجهيز الطائرات بالعدد المطلوب وفي الوقت المناسب، وأخيراً الطاقم الإداري الذي يعنى بجميع شؤون الإدارة والإمداد، وكل ما من شأنه تسهيل وإنجاح مهمة الفريق).

وفيما يتعلق بالمعايير والصفات التي يتم على أساسها اختيار فريق الفرسان، قال قائد الفريق: (نظراً لطبيعة العمل الحساسة، فإن فريق الفرسان ككل فرق الاستعراض الجوي العالمية يحرص على اختيار النخبة من طياري القوات الجوية المقاتلين للقيام بهذه المهمة، حيث يتم اختيار طياري الفريق بعناية فائقة جداً، ووفق أسس ومعايير قياسية عالية ومحددة، حيث يخضع المرشحون للانضمام إليه لاختبارات علمية وعملية ونفسية، للتأكد من ملاءمتهم لهذا النوع من الطيران).

وأضاف: (من الشروط التي يجب توفرها في الطيار الراغب في الانضمام للفريق، أن تكون لديه الخبرة والمهارة الكافية والقدرة الذهنية والبدنية التي تمكنه من التحكم بالطائرة بدقة عالية أثناء الطيران القريب جداً ضمن التشكيل، واستغلال جميع إمكانات الطائرات وأجهزتها المختلفة بأفضل الأشكال، وسرعة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والتمتع بمستوى عالٍ من فن القيادة، والعمل بروح الفريق الواحد، والثقة المتبادلة بين جميع طياري الفريق، والتضحية بالوقت، ونكران الذات، والانضباط والالتزام التام بتنفيذ جميع التعليمات، حيث إن هذه المهنة تمارس على سرعات عالية جداً قريبة من سرعة الصوت، وعلى ارتفاعات منخفضة قريبة من سطح الأرض، مع توفر زمن رد فعل قليل جداً يقاس بأجزاء من الثانية).

وأوضح العميد ركن طيار باحسين أن فريق الفرسان يعتبر رمزاً وطنياً يعكس إمكانات أبناء الإمارات، ويترجم اعتزازهم وفخرهم بقيادتهم الرشيدة، وحبهم الكبير لدولتهم، كما أنه يعتبر سفير دولة الإمارات، ورسول محبة وسلام أثناء المشاركات في مختلف المناسبات والفعاليات المحلية والدولية، التي يرسم خلالها أجمل اللوحات الفنية لعلم دولتنا الغالي، بكل فخر واعتزاز في سماء دول العالم التي يحل بها.

قال: (إن تمثيل القوات المسلحة لدولة الإمارات في المناسبات الوطنية مصدر فخر واعتزاز يتشرف به فريق الفرسان، كما أن تمثيل الدولة في المحافل الإقليمية والدولية شرف أكبر وأعظم، لذا فنحن نضع نصب أعيننا عدة أهداف لتجسيد الرسالة السامية التي أوكلت للفريق، ألا وهي تمثيل دولة الإمارات العربية المتحدة والقوات المسلحة، من خلال تقديم استعراضات جوية تخطف الأبصار، مليئة بالإثارة والتشويق خلال الاحتفالات والفعاليات الوطنية المحلية، ورفع علم دولة الإمارات عالياً في سماء دول العالم التي يشارك فيها الفريق، بالإضافة إلى تعريف أجيال الغد في هذا الوطن بالقوات الجوية والدفاع الجوي، وما وصلت إليه من جاهزية واحتراف، وترغيبهم بالانضمام إلينا مستقبلاً، وأخيراً التحلي بروح الأخوة والاحترام المتبادل والمنافسة الشريفة مع جميع فرق الاستعراضات الأخرى للدول الشقيقة والصديقة، والتي تتربع في ميادين الاستعراضات الجوية منذ سنوات عديدة).

 

تفرد وتميز

وأوضح العميد ركن طيار باحسين أن فريق الفرسان يستخدم في استعراضاته الجوية طائرة (الايرماكي إم بي 339)، وهي إيطالية الصنع، مزودة بمحرك من طراز (فايبر 632-43) من إنتاج شركة رولز رويس، و تعتبر هذه الطائرة من أفضل الطائرات في أداء الاستعراضات الجوية، وقد تم تصميم طلاء طائرات فريق الفرسان بطريقة مميزة، استخدم فيها اللونان الذهبي والأسود، حيث يرمز اللون الذهبي إلى رمال صحراء الإمارات التي هي أغلى من الذهب، واللون الأسود الذي يعتبر رمزاً للفخامة، وهو أيضاً يرمز إلى النفط (الذهب الأسود)، ذلك الكنز الذي يقبع تحت أرض دولتنا الغالية.

وحول المادة الدخانية التي تنفثها الطائرات أثناء الاستعراض الجوي، قال: (هي تمثل الألوان الأربعة لعلم دولة الإمارات الغالي الذي نفديه بأرواحنا، حيث يتم استيراد المواد الدخانية من الخارج من قبل شركات مصنعة متخصصة في إنتاجها، وهي مواد صديقة للبيئة وغير ضارة إطلاقاً، ويتم خلط ومزج هذه المواد حسب مقاييس ونسب دقيقة من قبل فنيين مواطنين مؤهلين ومتخصصين في هذا العمل، فتكون النتيجة النهائية هي التي تشاهدونها أثناء الاستعراض الجوي من لوحات فنية جميلة ترسم بالدخان في السماء أهمها علم الدولة الغالي. و قال: (جدير بالذكر أن فريق الفرسان هو الفريق الوحيد على مستوى العالم الذي يستخدم أربعة ألوان، وهو أيضاً الفريق الوحيد الذي يستخدم اللون الأسود في استعراضاته الجوية حتى اليوم).

 

 

خطة التأهيل

 

قال العميد ركن طيار خالد عمر صالح باحسين مدير فريق الفرسان للاستعراضات الجوية التابع للقوات الجوية والدفاع الجوي: «بناء على التوجيهات السامية بأن يتم تأسيس الفريق وفق أرقى المعايير وبأحدث النظم ليكون في مصاف أفضل الفرق العالمية المتواجدة في الساحة منذ سنوات طويلة، تم اختيار أعضاء الفريق بعناية فائقة من نخبة من أفضل الطيارين، وشرعنا في خطة تأهيلهم حيث لم تدخر القيادة العامة للقوات المسلحة أي جهد مادي أو معنوي لدعم إنشائه وتوفير جميع متطلباته، وقد تم بحمد الله تأهيل الفريق حسب الخطة الزمنية الموضوعة وبنجاح عالٍ فاق التصورات.

حيث تلقى طيارو الفريق أفضل التدريبات ضمن دورات تدريبية وتأهيلية مكثفة داخل الدولة امتدت إلى أكثر من عام، وسبقتها دورة خارجية في إيطاليا مدتها ستة أشهر تحت إشراف مدربي فريق الاستعراض الجوي لسلاح الجو الإيطالي الشهير «فيريجي ترايكولوري» فكانت النتيجة أن أصبح الفريق جاهزاً لتقديم استعراضات جوية تخطف الإبصار وبأعلى درجات الاحتراف والسلامة الجوية». استعراضات مثيرة تحافظ على معايير الأمان والسلامة الجوية

 

قال العميد ركن طيار باحسين: (من أجل تقديم استعراضات جوية تبهر الجمهور يجب أن تكون هذه الاستعراضات مليئة بالمتعة والإثارة، مع ضرورة الاحتفاظ بأعلى معايير الأمان والسلامة الجوية، والأخذ في الاعتبار ضرورة التجديد المستمر في اللوحات الاستعراضية الجوية حتى لا تكون العروض مملة للجمهور مع مرور الزمن، لذلك يقوم أعضاء الفريق الطيارون كل سنة بتصميم عرض جديد ومختلف عن السنة السابقة، حيث يتم اختيار وتصميم ودراسة العروض الجوية بعناية فائقة، والتدرب عليها يومياً إلى أن يصل الفريق إلى درجة الاحتراف والإتقان، وبعدها يقوم مدير الفريق بتقييمها واعتمادها مبدئياً، ومن ثم يتم عرض بروفة استعراض رئيسة أمام قائد القوات الجوية، وبعدها يتم التصديق والاعتماد النهائي على برنامج الاستعراض الجوي للفريق).

وأشار إلى أن برنامج الاستعراض الجوي يشمل مناورات طيران جماعية عدة مبرمجة بدقة وانسجام، تتخللها أيضاً مجموعة مناورات فردية يطلق عليها (سولو)، حيث يقوم الطيار رقم 7 بأداء حركات تعتمد على المهارة الفردية البحتة، وتستمر فترة العرض لمدة 21 دقيقة، تعكس الانسجام والتناغم التام والاحتراف والدقة في الحفاظ على الموقع ضمن التشكيل المكون من سبع طائرات تطير قريبة جداً من بعضها بعضاً، وعلى ارتفاعات منخفضة جداً بالقرب من سطح الأرض، وعلى سرعات عالية تقارب سرعة الصوت، ويتعرض الطيار لمعدل تسارع عالٍ ضد الجاذبية الأرضية يصل إلى خمسة أضعاف الجاذبية الأرضية، كما يتطلب استمرار الحفاظ على المواقع ضمن التشكيل ردود فعل سريعة ودقيقة جداً خلال أجزاء من الثانية.

 

سمعة طيبة

وأكد قائد فريق الفرسان للاستعراضات الجوية أن السمعة الطيبة والأداء المتميز الذي يصل إلى درجة الاحتراف التي تميز بها فريق الفرسان، أدت إلى تسلسل وصول الدعوات من الدول الشقيقة والصديقة لطلب مشاركته في المعارض والمحافل الدولية، حيث تلقت القوات الجوية دعوات رسمية من كل من المملكة المتحدة للمشاركة في معرض فيرفورد الدولي الذي يقام خلال الفترة من 6 إلى 8 يوليو المقبل، والذي يعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، ويقام كل عام، وتستمر فعالياته لمدة 7 ساعات يومياً، ويبلغ عدد زواره 170 ألف زائر يومياً، بالإضافة إلى دعوة من فرنسا للمشاركة في معرضي (ايروكس) و (افورد)، ودعوة من إيطاليا للمشاركة في معرضي (جرادو) و(ايسولو).

وأكد أن مشاركة القوات الجوية، ممثلة في فريق الفرسان، في المعارض والمحافل الدولية، تسلط الضوء على الكفاءات والإمكانات البشرية والمادية التي تمتلكها قواتنا الجوية، خاصة مع وجود الزخم الإعلامي الذي تحظى به تلك المعارض، وحضور أعداد كبيرة من كبار الشخصيات من مدنيين وعسكريين من مختلف دول العالم، وتعد المشاركة بهذه المعارض دعماً لأواصر التعاون والعلاقات الودية بين دولة الإمارات والدول الصديقة، كما تتيح الفرصة للفرسان لاكتساب الخبرة والمعرفة من خلال العمل مع فرق استعراضات جوية عالمية.

 

فعاليات متعددة

ولفت إلى أن: (المشاركات المحلية الداخلية لا تكاد تخلو أي مناسبة أو فعالية وطنية من مشاركة فريق الفرسان، حيث إن القيادة العامة للقوات المسلحة تستقبل جميع الدعوات المحلية الخاصة بمشاركته، ويتم الموافقة عليها بعد دراستها من قبل قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي للتأكد من توفر جميع معايير ومتطلبات السلامة لتقديم الاستعراض الجوي، وعدم تعارضها مع أي التزامات أو تدريبات أخرى مبرمجة للفريق في نفس الفترة).

وأكد العميد ركن طيار خالد عمر صالح باحسين، أنه خلال فترة زمنية قصيرة جداً، حقق فريق الفرسان نجاحاً باهراً نال إعجاب الجميع منذ أول ظهور رسمي له، وأصبح ينافس فرق الاستعراضات الجوية العالمية الأخرى التي سبقت بسنوات طويلة في هذا المجال.