وجه مجلس أبوظبي للتعليم من خلال لائحة السلوك الطلابي التي طرحها أخيراً، المدارس إلى ضرورة تشكيل لجان لإدارة سلوك الطلبة تتولى مناقشة المشكلات السلوكية الطلابية والتحقيق مع الطلبة المخالفين والنظر في الإجراءات التي تتخذ بحقهم وفقاً للائحة، وإصدار قراراتها بناء على ذلك.
ووضع الخطط العلاجية المناسبة، بحيث تشكل لجنة برئاسة مدير المدرسة، والاختصاصي الاجتماعي كمقرر لها، وعضوية عدد من المعلمين يختارون من قبل مدير المدرسة، ويمكن الاستعانة بالاختصاصي النفسي إن استدعى الأمر كعضو غير دائم، على أن تشكل اللجنة مع بداية كل عام دراسي. كما طرحت اللائحة الإجراءات التأديبية المحظور استخدامها بالمدارس وتشمل جميع أشكال العقاب البدني، وتخفيض الدرجات أو التهديد بذلك، والعقاب الجماعي بسبب المخالفة السلوكية الفردية.
وأشار أخصائيون إلى أن لائحة السلوك الطلابي التي طرحها مجلس أبوظبي للتعليم أخيراً للميدان لأخذ التغذية الراجعة حولها للتطوير، حملت جوانب إيجابية عدة كشموليتها للعناصر المؤثرة في الطالب وأدوارها، وتقسيم المخالفات لمستويات مع التأكيد على مبدأ تعديل السلوك وليس العقاب، ولكنهم لمسوا جوانب أخرى بحاجة لإعادة النظر فيها ومنها أهمية وجود إجراءات أكثر حزماً مع الطلبة خاصة اتجاه سلوكيات التدخين والاعتداء، بالإضافة إلى مطالبة الأخصائيين بتوثيق كل ما يتعلق بسلوك الطالب على نظام المعلومات الالكتروني (eSIS) بما يمثل عبئاً جديداً عليهم، وعدم وجود حاجة لإعطاء ولي الأمر مساحة لتقديم التظلم ما دامت القرارات تصدر من خلال لجان تربوية وبعد دراسة.
«البيان» رصدت آراء عناصر عدة بالميدان التربوي تجاه لائحة السلوك الطلابي التي طرحها مجلس أبوظبي للتعليم أخيراً للحصول على تغذية راجعة حولها من الميدان لتطويرها.
إيجابيات
وفيما اتفق أخصائيون اجتماعيون وأولياء أمور على وجود العديد من الجوانب الإيجابية التي حملتها مسودة اللائحة التي لم يتم إقرارها بعد، مثل تقسيم المخالفات لمستويات مع التأكيد على مبدأ تعديل السلوك وليس العقاب، وكذلك تحديد أدوار العناصر المؤثرة في الطالب لاسيما أولياء الأمور الذين تم التأكيد على دورهم المهم في تعزيز السلوكيات الإيجابية لأبنائهم، إلا أنهم رصدوا بعض الجوانب التي تحتاج إلى إعادة نظر مثل ضرورة وجود إجراءات أكثر حزماً للطلبة تجاه سلوكيات بعينها مثل التدخين والاعتداء.
كما أبدوا عدم رضاهم عن ما تضمنته اللائحة بتوثيق كل ما يتعلق بسلوك الطالب على نظام المعلومات الإلكتروني ما يمثل عبئاً كبيراً على الأخصائيين الاجتماعيين، بينما وجد أولياء الأمور أن لائحة السلوك الطلابي يجب أن تتضمن آليات محددة لتعزيز العلاقة بينهم والإدارات المدرسية.
وتفصيلاً، طالب عدد من الأخصائيين الاجتماعيين بأبوظبي بضرورة إتاحة المساحة لهم لأداء أدوارهم الأساسية بعيداً عن الأعباء الإدارية والإشرافية والتي تأتي على حساب متابعة الطلبة وخاصة الحالات الفردية التي تحتاج للرعاية، معتبرين أن المشاكل السلوكية للطالب اليوم تحتاج إلى مجهود كبير لمتابعتها ومعرفة خلفياتها الأسرية والبيئية في ظل الانفتاح الكبير على مختلف وسائل الاتصال والتعامل مع التقنيات.
عقوبات اجتماعية
من جانبه، قال محمد سعد، الأخصائي بثانوية محمد بن خالد، إن اللائحة تحمل جوانب إيجابية وتنظيمية كثيرة، ولكنها تضع على الأخصائي عبئاً إدارياً بإلزامه بإدخال كافة البيانات السلوكية المتعلقة بالطالب إلى نظام معلومات الطالب الإلكترونية (eSIS)، بما فيها مشاكله والإجراءات التي اتخذت معه، وهذا عمل سيأخذ من الأخصائي الكثير من الوقت وهو جالس أمام الكمبيوتر على حساب الوقت الذي يجب إعطاؤه للطالب.
كما أشار إلى أن اللائحة تحمل بعض المرونة في ما يتعلق بمعاقبة الطلبة، فهناك سلوكيات ومواقف تتطلب اتخاذ إجراء حازم مع الطالب لردعه، خاصة الطالب في المرحلة الثانوية الذي يعي ما يقول ويدرك أنه يرتكب خطأ، فبعض الأخطاء لا تتطلب إنذاراً وتنبيهاً، بل تحتاج لإجراء رادع، واقترح إعطاء المدارس الصلاحية في اتخاذ عقوبات في شكل خدمات اجتماعية يؤديها الطالب داخل المدرسة، كأن يكلف بمهام إدارية مثلاً تحت إشراف المعنيين في المدرسة تساعد أيضاً على صقل شخصيته وتوجيهه، مع التأكيد على دور ولي الأمر في دعم جهود المدرسة في عملية تقويم سلوك ابنه.
فيما أكد أولياء أمور أهمية لائحة السلوك الطلابي التي أصدرها مجلس أبوظبي للتعليم لأخد التغذية الراجعة للميدان التربوي عليها، معتبرين أنها الأداة المثالية لدعم استقرار المجتمع المدرسي، والارتقاء بالوعي السلوكي لدى الطلبة، مع تهيئة بيئة تعليمية مناسبة لهم، بالإضافة إلى تحديد أدوار مختلف العناصر الداخلة في عمل الميدان التربوي بما يسهم في نهاية المطاف بخلق بيئة تعليمية متميزة بالمدارس.
عدم التعجل في الحكم
أوضح حسن موسى موجه الخدمة الاجتماعية بمجلس أبوظبي للتعليم أن اللائحة طرحت للميدان لإبداء الرأي بهدف إشراك كل المعنيين بمتابعة سلوك الطالب في وضعها والاستفادة من خبراتهم، وأن الميدان يجب ألا يتعجل الحكم عليها ويأخذ وقته في تطبيقها، مؤكداً أن اللائحة لتعديل السلوك وتوجيه الطلبة وهناك أساليب ووسائل عدة بإمكان الأخصائي الاجتماعي عملها لتعديل السلوك، مشيراً إلى أن اللائحة سعت لتلبية حاجات الميدان التربوي بأبوظبي بناء على دراسة المشكلات التي تعاني منها المدارس.
وأكد موسى أن الطالب بالمدرسة يعد في سن المراهقة وبالتالي اللائحة راعت ألا يتخذ تجاهه عقوبات الفصل والفصل النهائي إلا في أشد الحالات ومع استنفاد سبل الاستجابة، لأن الطالب لا يمكن حرمانه من حق التعليم وإلا يخسر مستقبله لأن بعضهم لا يعي أحياناً خطورة تصرفه في هذه السن.
وأوضح أن مخالفات الطلبة تم تقسيمها إلى مستويات ولكل مستوى إجراءاته وخاصة المستوى الثالث الذي يختص بالمخالفات التي تتعلق بالسلوك الذي يعرض حياة الآخرين للخطر وينتهك قوانين الدولة، فعقوباته بالتأكيد صارمة، ولكن المهم أن نفكر في كل قرار وتأثيره على مستقبل الطالب، وقبل العقوبة يجب أن يكون السعي لتعديل السلوك، مؤكداً أن هدف المجلس تقليل السلبيات وليس العقوبة، فاللائحة خاضعة للتطوير لصالح علاج مشكل طلابنا وتوجيههم.
نماذج متنوعة
أحد الطلاب رد على الإداري بمدرسته بطريقة غير مهذبة، فما كان من المدرسة إلا أن أوقفته عن الدراسة وطالبت بنقله وعدم عودته للمدرسة رغم دخول الامتحانات وهو في الثاني عشر، وفي ظل محاولات عدة من قبل التوجيه المختص بالمنطقة التعليمية لإقناع إدارة المدرسة بإعادة الطالب لمقعد الدراسة، تمت موافقة الإدارة مقابل اعتذار الطالب في الإذاعة للإداري على ما ارتكب من خطأ.
مدرسة ثانوية أكدت تلقيها أكثر من (15) طالباً منقولاً على مدار العام الدراسي الحالي تأديبياً وكلهم من مدرسة أخرى مجاورة لا تبعد عنها مسافة كبيرة، والمدرسة ترى أن هذا النقل فقط للتخلص من الطلبة أصحاب المشاكل ولا يمثل عقوبة. أخصائي اجتماعي اكد أن هناك طلبة لا يخشون العقوبات التي تنفذها المدرسة لأنها إنذارات وتعهدات بل ويتحدون الإدارة من خلال تكرار أعمالهم دون اكتراث.
