أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن التطوير الجذري للتعليم هو جزء أساسي من رؤية الإمارات 2021 ويمثل ضرورة وطنية للتنمية المستدامة لأن الطريق نحو مستقبل أفضل لدولة الإمارات يبدأ من المدرسة. مؤكداً سموه أن الحكومة ستظل مستمرة على المبدأ الذي سارت عليه دولة الإمارات لمدة أربعين عاماً وأثبت نجاحه وهو الاستثمار في الإنسان وتنميته بصفته أغلى ما يملك الوطن وهو غاية التنمية ووسيلتها.

جاء ذلك خلال إطلاق سموه "مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي" التي تشمل جميع مدارس الدولة بتكلفة مليار درهم وتهدف لخلق بيئة تعليمية جديدة في المدارس تضم صفوفاً ذكية في جميع المدارس وتوزيع أجهزة لوحية لجميع الطلاب وتزويد جميع مدارس الدولة بشبكات الجيل الرابع فائقة السرعة، بالإضافة لبرامج تدريبية متخصصة للمعلمين، ومناهج علمية جديدة مساندة للمنهاج الأصلي. وينفذ المشروع بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم والهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات بالدولة وبمتابعة مباشرة من مكتب رئاسة مجلس الوزراء.

وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال إطلاقه للمبادرة: نؤمن بأن رؤيتنا وطموحاتنا لمستقبل أفضل للإمارات تبدأ من مدارسنا وصفوفنا ومناهجنا التعليمية، وبأن أجيالنا الجديدة تقع عليهم مسؤولية كبرى في تحقيق هذه الطموحات، ومسؤوليتنا الوطنية تجاههم هي إعدادهم لعالم جديد يتطلب مهارات متقدمة نريدهم أن يكونوا جاهزين له حتى ينفعوا أنفسهم وأوطانهم. مؤكداً سموه أن طلابنا وأبناءنا يستحقون الأفضل في مجال التعليم وواجبنا أن نوفره لهم.

وأضاف سموه إنه يتابع باهتمام مسيرة التحول الإلكتروني الشاملة في الحكومة الاتحادية بدءاً من مجلس الوزراء وانتهاء بأصغر مدرسة في مدن وقرى الدولة، وإن المدارس هي جهات حكومية لا بد من أن يشملها هذا التحول الإلكتروني في خدماتها وإدارتها وطرق التعليم والمنهج وفي تواصلها مع أولياء الأمور ومع طلابها، وإنه كلف فريق العمل بمكتب رئاسة مجلس الوزراء برفع تقارير متابعة دورية حول هذا التحول الإلكتروني بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات بالدولة.

بيئة جديدة

يذكر أن مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي تهدف لبناء بيئة مدرسية جديدة للطلاب في جميع المدارس الحكومية وتستمر لمدة خمس سنوات وتضم أربعة مسارات رئيسية، يتعلق المسار الأول بتغيير البيئة الصفية، حيث سيتم تغيير بنية الصف الدراسي ليضم مساحات أوسع وعدد طلاب أقل، بالإضافة لتطبيق مفهوم الصفوف الذكية في جميع مدارس الدولة، وتركيب السبورات الذكية واستخدام برمجيات تشاركية ذكية حتى يتمكن الطلاب من تنفيذ مشروعاتهم وبحوثهم ومناقشة الدروس مع أساتذتهم بشكل تشاركي إلكتروني.

أما المسار الثاني فيشمل تطوير بنية تحتية إلكترونية متقدمة في جميع المدارس، تضم شبكات الجيل الرابع فائقة السرعة، والتي تتميز بالأمان وتناسبها مع أعمار الطلاب من ناحية المحتوى الإلكتروني الذي توفره. كما يضم هذا المسار توزيع الأجهزة اللوحية على جميع الطلاب في المدارس، حيث أثبتت هذه الأجهزة فعاليتها الكبيرة في أساليب التدريس الحديثة في العديد من الدول المتقدمة مثل فنلندا وكوريا الجنوبية وغيرها. كما تضم البنية التحتية الإلكترونية توفير خوادم سريعة ذات سعات تخزينية عالية يتم تخزين أعمال الطلاب وبياناتهم عليها ويتم من خلالها أيضاً تقديم الخدمات التعليمية المختلفة.

أما المسار الثالث للمشروع فيضم تطوير مجموعة من المناهج التعليمية المساندة للمنهاج الأصلي والتي تهدف لتسهيل استيعاب الطلاب للمناهج الأصلية والتوسع في التطبيقات العملية لما يتم تدريسه بالإضافة لاستخدام مجموعة من البرمجيات الحديثة التي ستساعد الطلاب في فهم المناهج واستيعاب تطبيقاتها، كما يشمل هذا المسار توزيع الحقيبة الإلكترونية لجميع الطلاب والتي تضم جميع المناهج والمواد التعليمية التي يحتاجونها خلال العام الدراسي بشكل إلكتروني، ويشمل هذا المسار أيضاً توفير تدريب متخصص لجميع المدرسين في مدارس الدولة لمساعدتهم على التأقلم السريع مع البيئة المدرسية الجديدة والاستخدام الأمثل للبرمجيات والتطبيقات الحديثة والمناهج المساندة.

ويضم المسار الرابع للمبادرة توفير خدمات متعددة لأولياء الأمور لمتابعة تحصيل أبنائهم إلكترونياً والاطلاع على مشاريعهم التعليمية، وإبداء الملاحظات والاقتراحات وتبادل المعلومات مع المدرسين ومع إدارات المدارس حول التطور التعليمي لأبنائهم بما يسهم في تعزيز دور البيت في التحصيل العلمي وتفهم أولياء الأمور لطبيعة التطورات التعليمية الجديدة في البيئة المدرسية. ويضم هذا المسار أيضاً خدمات متعددة للطلاب تشمل التواصل مع المعلمين إلكترونياً ومتابعة مشاريعهم وتحصيلهم العلمي وإبداء الآراء والملاحظات وتسهيل التواصل بينهم وبين الإدارات المدرسية وبينهم وبين وزارة التربية والتعليم لتلقي اقتراحاتهم وأفكارهم التطويرية.

وقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ختام حفل الإطلاق بالاطلاع على نموذج من الصفوف الذكية، كما اطلع سموه على مراحل التنفيذ العملية خلال الفترة القادمة، ووجه سموه بتشكيل فريق عمل دائم يضم مكتب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة التربية والتعليم والهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات وأمر سموه بالبدء فوراً بالتنفيذ حيث أبدى ثقته بقدرة الكوادر الوطنية في هذه الجهات الثلاث على إنجاز هذا المشروع الضخم وفق أفضل المعايير ووفق الجدول الزمني الذي تم اعتماده.

حضر الحفل سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي ومعالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء ومعالي صقر غباش سعيد غباش وزير العمل ومحمد عمران الشامسي رئيس مجلس إدارة اتصالات واللواء محمد بن أحمد القمزي رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم الاتصالات في الدولة إلى جانب عدد من كبار المسؤولين والقيادات التعليمية والتربوية في الدولة.

ركيزة أساسية

وفي كلمته في حفل الإطلاق أشاد معالي حميد محمد القطامي وزير التربية والتعليم بالاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة - متمثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - لقطاع التعليم بصفته ركيزة أساسية في مسيرة التنمية، واستذكر الوزير خلال كلمته جزءاً من كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في عام 2007 عند إطلاق استراتيجية الحكومة الاتحادية عندما قال: "أرى إمارات المستقبل وقد وصلت إلى أرقى درجات العلم والمعرفة..

أكاد أدخل مدارسها، فأرى طلبتها منهمكين في النهل من العلوم الحديثة في أحدث المختبرات ووفق أفضل التقنيات" حيث تأتي مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي اليوم لتحقق هذا التغيير في البيئة المدرسية وفي تطوير نظام تعليمي متكامل قائم على آخر ما جاد به العالم من تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتقنيات التعليم.

كما أثنى معالي وزير التربية والتعليم على دور الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات وغيرها من الجهات الوطنية في دعم تنفيذ هذه المبادرة الرائدة والحس الوطني العالي الذي تحلت به هذه الجهات في دعم قطاع التعليم.

وفي كلمة الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات التي تقوم على تنفيذ المشروع بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، أكد محمد بن أحمد القمزي رئيس مجلس إدارة الهيئة أن الهيئة تنظر إلى جميع الوسائل التي تمكننا من الاستفادة من الثورة المعلوماتية لدعم مختلف قطاعات التنمية ولاسيما القطاع التعليمي الذي يعتبر أحد أهم مرتكزات التنمية المستدامة، حيث تسعى مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي لتوفير بيئة معلوماتية حديثة لدعم العملية التربوية وتسعى لوضع معايير جديدة في تطوير بيئة التعليم ضماناً للاستفادة القصوى من التطور التقني الذي سيكمل ريادة الإمارات في هذا المجال.

كما أشاد القمزي بجهود القائمين على "صندوق الاتصالات وتقنية المعلومات" الذي يجسد نموذجاً ناجحاً لإحياء دور المؤسسات الوطنية في تنمية المجتمع، وأكد أنه رغم ضخامة المشروع إلا أننا تعلمنا من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أنه لا وجود للمستحيل أمام الإرادة والتعاون والتفكير الخلاق.