طالب عدد من المواطنين بضرورة إخضاع الخادمات إلى فحص طبي نفسي للوقوف على حالة الخادمة النفسية والعقلية والتأكد من قدرتها على العمل بشكل سليم وأداء مهمتها لدى العائلة في ظل أجواء آمنة لا يتعرض فيها أحد أفراد العائلة لمخاطر من قبل الخادمة، بالإضافة إلى عدم تعرض حياة الخادمة نفسها للخطرعبر الإقدام على الانتحار، وجاء استطلاع "البيان" هذا بعد أن أصبح انتحار الخادمات أمراً مقلقاً للعائلات...

خاصة بعد انتشار حوادث عدة لم تتضح أسباب بعضها وحدثت بشكل مفاجئ، رغم تواجدهن في بيئة العمل لأيام معدودة وقليلة يصعب معها وجود أسباب تدفع الخادمة للاستسلام والانتحار، وباتت وسائل الإعلام المختلفة والمواقع الالكترونية تعرض العديد من حالات الانتحار التي للأسف تنتهي أحياناً بشكل مأساوي، وتكون طريقة الانتحار الشائعة لدى معظم الخادمات إما بالشنق أو إلقاء أنفسهن من الأماكن المرتفعة ليلقين حتفهن.

وأشارت التحقيقات الأولية من خلال المواقع الالكترونية إلى ان بعض حوادث انتحار الخادمات تعود إلى خلافات شخصية مع عائلاتهن في موطنهن الأصلي، حيث ذكرت ان غالبية الخادمات اللواتي أقدمن على الانتحار مصابات بحالة اكتئاب حاد وهو مرض من الأمراض التى تعوق الإنسان وتؤثر على حياته لارتباطه بحالته المزاجية، والضغوطات التي تتعرض لها الخادمة في بداية عملها لكي تتقنه جيداً تجعل حالة الاكتئاب لديها تزداد لتصل إلى ذروتها، وما ان تستمع إلى خبر محزن عن أقاربها أو ترى مشهداً له أثر بالغ في نفسها حتى تجمح الواحدة منهن إلى قتل نفسها دون تفكير، وللأسف في حالات أخرى تتعرض فيها إلى أهل البيت الذين تعمل لديهم فتنهي حياة أحدهم لتحل الكارثة.

وأرجعت بعض التحقيقات الأخرى أسباب الانتحار إلى ظروف العمل السيئة والعزلة والشعور بالعجز وقلة الحيلة فكلها أسباب تؤدي إلى الإحباط والاكتئاب وبالتالي تدفع هؤلاء النساء إلى الانتحار.

8 حالات انتحار في الفجيرة

"البيان" قامت باستطلاع آراء بعض النساء العاملات منهن وربات البيوت إلى جانب أرباب الأسرة حول حالات انتحار الخادمات وذلك بعد انتشار حالات عدة في إمارة الفجيرة وضواحيها بلغت حوالي 8 حالات انتحار، والشروع في قتل النفس خلال عامين تناقلتها الصحف المحلية من خلال متابعتها في أروقة المحاكم أو في محاضر الشرطة.

وقالت مريم الحمودي، موظفة: (أصبح وجود الخادمة في المنزل ضرورياً جداً، ولا غنى عنه في ظل تسارع ظروف الحياة، وفي ظل انشغال المرأة بالعمل، حيث تسهم الخادمة بشكلٍ أوبآخر بالمساعدة في الأعمال المنزلية، والاهتمام بالأطفال، عند وجود المرأة بالعمل، بل أصبح كل بيت لا يقتصر على خادمة واحدة فقط، وحتى الأسر الصغيرة مع وجود المرأة في المنزل وعدم انشغالها بالعمل، لابد من تواجد خادمة حيث تعتبر نوع اًمن الرفاهية والمظاهر لتساهم في أعمال المنزل البسيطة. وباختصار يمكن القول إن الخادمة في المنزل شر لابد منه.

وتعتبر الخادمة ضرورية للمرأة العاملة، التي لا تتواجد دوماً في المنزل، أو بوجود مريض أو عاجز في المنزل).

تحليل للأسباب

وأضافت: (للتطرق إلى مشكلة انتحار الخدم، لابد من الوقوف عند الأسباب، وإيجاد الحلول التي قد تسهم من الحد من هذه الظاهرة، ومن وجهة نظري إن بعض الأسباب التي تجبر الخادمة على الانتحار تتمثل في الضغوط التي تحصل للخادمة من قبل أسرتها في بلدها الأصلي، حيث تقوم بإرسال النقود شهرياً، لتصرف على أولادها ومنزلها، لكنها تتفاجئ بأن راتبها صرف في أمر آخر، بالإضافة إلى إهمال بيتها وأبنائها فتتعرض لاكتئاب وحزن يقودها للانتحار).

لافتة إلى أن الأسباب تتضمن أيضاً صغر سن الخادمة وقلة خبرتها بالحياة والعمل، حيث يصعب عليها تحمل ضغوط العمل، وبالتالي فإن أي مشكلة صغيرة لا تستطيع التعامل معها، تعرضها لإحباط لا تستطيع التعامل معه فتكون النتيجة اللجوء إلى التخلص من حياتها كنوع من الراحة، مضيفة ان الأسباب تتضمن أيضاً عدم تكيف الخدم مع الحياة الجديدة وطباع الأسرة التي تعمل لديها وضغوطات العمل والإساءة، إلى جانب عدم تهيئة الأسرة لها وتدريبها على العمل الأمر الذي يؤدي بها إلى الهروب أو الانتحار، بالإضافة إلى ذلك عدم التحقق من خلو الخدم من الأمراض النفسية حيث يتم فحصهم جسدياً وصحياً ويهملون الناحية النفسية.

الخادمة الجيدة عملة نادرة

وقالت منال علي، موظفة، (الخادمة الجيدة صارت كالعملة النادرة)، حيث صادفتها مشكلات عديدة مع بعض الخادمات التي استقدمتهن للتو حيث قالت إحداهن إنها تريد خادمة أخرى تساعدها في البيت لأن المنزل كبير رغم ان المنزل متوسط الحجم والأخرى دائماً كانت تدعي المرض والأخيرة لا تحب التعامل مع الأطفال الأمر الذي جعلها على الفور ترجعهن جميعهن إلى المكتب دون الضغط أو التعاطي معهن في لحظتها بعصبية خوفاً على أطفالها من ردة فعلهن أو قيامهن بالانتحار، ولكنها أخيراً وفقت وحصلت على خادمة كبيرة في السن ولكنها تجيد العمل، وترى منال ان التعامل بالحسنى مع الخادمة يجعل التعامل معها أسهل وذلك بعدم توبيخها والتساهل معها.

وتخالفها في الرأي صديقتها في العمل مروة محمد خريجة علم نفس، حيث قالت ان بعض الخادمات غامضات يصعب التعامل معهن فإذا كنت متساهلاً معهن أبدين كسلاً وخمولاً في العمل، وان كنت حازماً من البداية جعلتهن يعملن وفق ما تريد فهي تؤيد الحزم دون ان يصل الأمر إلى الإذلال والضرب والمهانة فهي لا تحبذ هذا النوع من التعامل، وتجد مروة ان انتحار الخادمة لا يأتي هكذا وإنما نتيجة تراكمات نفسية تجعلها تقدم على قتل نفسها، حيث وصلت إلى درجة النهاية في صراعها مع الحياة وبالتالي يتولد لديها بعد ذلك نزعه انتحارية.

وأعربت فاطمة أحمد (أم خليفة)، ربة بيت عن رفضها التام للمعاملة السيئة للخادمة التي تركت بلادها من أجل كسب مبالغ زهيدة تعود بها إلى عائلتها، وفي المقابل تلقى الإهانة والضرب والقسوة في سبيل العيش، رغم الحاجة الملحة للخادمة إلا ان بعض الناس يجدون فيها ماكينة عمل يجبرونها على العمل 18 ساعة دون راحة، ولا يوفرون لها سبل العيش الجيدة، فيحرمونها من النوم لساعات كافية ويقدمون لها بقايا الأكل ويلبسونها ملابس بالية، وحتى أبسط الأمور وهي محادثة عائلتها بالهاتف يحرمونها منها، فكيف مثل هذه العاملة السيئة تريد منها ان ترضيك في العمل وهي التي تكبدت المشقة من أجل ان تصرف على عائلتها فتجد التعذيب والحرمان والقسوة فكيف لا تفكر في الانتحار، فالإنسان كتلة مشاعر وعواطف ولا يستطيع العيش في وسط الاضطهاد لفترة طويلة.

وتستغرب أم خليفة بعض التصرفات التي باتت للأسف تطغى على بعض الأمهات العاملات بترك أطفالهن مع المربية طوال اليوم، تطعمهم وتحممهم وتنظفهم وفي الليل أيضاً وقت راحتها تجبرها على تحمل أطفالها بالنوم معهم، وإذا مرض الأطفال يجب على المربية ان تسهر عليهم، فبعض الأمهات بتن غير مباليات ولا يتحملن مسؤولية تربية أبنائهن.

(فكيف لهذه المربية أن تستطيع التحمل في جو مثل هذا مليء بالمشقة والتعب ولقاء 700 درهم التي نصرفها لقاء قطعة قماش أو عباية، ألا يحق للخادمة التي عملت طوال اليوم ان تهنأ بالنوم والراحة، هل تستطيع الأم الموظفة العمل في عملها أكثر من 8 ساعات متواصلة دون تذمر). وأكدت أم خليفة انه يجب ان تكون هنالك قوانين تضمن للعاملة حقوقها إلى جانب ضمان حقوق الكفيل (والتي أرى أن تكون الكفالة على المكتب أفضل وليس على الشخص، وان تكون هنالك لجان تتابع هذه الأمور للمحافظة على حقوق الطرفين دون تمييز).

خادمة وليست مربية

 

رفض بوعبدالله ان تعمل الخادمة عمل البيت كله، حيث يصر ان تساعدها زوجته، موضحاً ان مهمة الخادمة التنظيف والترتيب والزوجة مهمتها العناية والاهتمام بالأطفال والإشراف على الطبخ والأكل وان كانت موظفة، حيث يقول ان زوجته معلمة ولكنها منظمة جداً في البيت تدير أموره بنوع من الترتيب، لا ترمي كل الأعمال المنزلية على عاتق الخادمة فهي تساعدها في الطهي إلى جانب العناية بأولادها عند عودتهم من المدرسة، وهي ضد فكرة اضطهاد الخادمة بل تعاملها كفرد واحد من المنزل وترفض أن يقوم الأطفال بتقليل احترامهم لها باعتبارها مربيتهم وأكبر منهم سناً وواجب احترامها، فيجب عدم معاملة الخادمة كسجينة بل عاملة مجتهدة ومن حقها الاستمتاع بحياتها وسط العمل دون ان تكون بيئة مضطهدة وقاسية.

المخاوف من عدم الأداء الجيد تشكل ضغطاً عصبياً على الخادمة

أرجع سيف الشامسي سبب انتحار الخادمات إلى الظروف المحيطة بها حيث تشعر الخادمة لحظة وصولها للعمل ان مهمتها صعبة، وذلك من خلال قراءتها المتكررة لحالات الانتحار التي تحصل في مختلف الدول وتتناقلها المواقع الالكترونية حيث كونت فكرة مفادها، ان الخادمة تعيش حالة مضطربة لحظة إقبالها على العمل،

فتتساءل هل ستحقق النجاح وترضي العائلة التي تعمل لديها، وبالتالي تستحق راتبها الشهري البسيط لتصرف على عائلتها في موطنها الأم التي تعتمد عليها من أجل تحسين معيشتهم لتجد الضغوطات من كلا الجانبين خاصة ان كانت تعمل لدى أشخاص يضطهدونها ويعاملونها بقسوة فعائلتها تطالبها بالصبر والتحمل ومشاعرها الداخلية أصبحت تهتز فتبدأ بالشعور بالإحباط والكآبة، فتجد ان حياتها لم تعد تهمها فتفضل الموت على الاستمرار في العيش فتتخلص من المعاملة السيئة التي تلقاها وترتاح من عبء عائلتها الذي تحمله على اكتافها.

قانون يحمي الطرفين

وطالب الموظف سعيد اليماحي بضرورة إيجاد قانون يكفل للعامل حقوقه وللكفيل أيضاً وان يلزم القانون الكفيل بنظام عمل للخادمة في البيت لا يتعدى الساعات العشر بصورة متقطعة وليست متواصلة فيها فترات راحة، وهي كافية في نظري تستطيع من خلالها أن تؤدي فيها مهامها على أكمل وجه، ويجب ان تساعدها ربة البيت ولا تضع كل العمل فوق رأس الخادمة، وان كان هنالك عمل إضافي يجب ان ترى إذا كانت الخادمة تستطيع إنجازه أو إنها مرهقة فإذا أبدت رغبتها يجب ان يدفع لها أجر إضافي نظير مجهودها الإضافي، فنحن أمة متعلمة حثنا الإسلام على حسن المعاملة فلا نصب جام غضبنا بعد عودتنا من العمل على العاملة المسكينة فهي أيضاً منذ الصباح تكد في العمل ومرهقة فيجب ان نعطيها بين كل فترة وفترة قسطاً من الراحة ولو نصف ساعة تلفظ فيها أنفاسها وتسترجع قوتها.

حكاية مؤلمة

وأشار اليماحي إلى انه ومنذ فترة التقى بعائلة مواطنة يعرفهم... ولله الحمد يمتلكون المنزل والمال والصحة ولديهم خادمة ولكن للأسف ملابسها رثة بالية وقديمة وترتسم على وجهها ملامح من التعب والإرهاق، وجسمها الهزيل يدل على ضعفها فسأل رب العائلة هل الخادمة مريضة فرد بالنفي، فاستغرب حال هذه المسكينة التي وقعت ضحية هكذا ناس، الذين اضطهدوها وحرموها حسن العيش.